” الثقة العمياء” لمحاربة الإسلاموفوبيا

199

d94e9110-441a-4315-b095-b6242fa573a7شاب ملتحٍ معصوب العينين يقف بين المارة حاملاً لافتة صغيرة كتب عليها «أنا مسلم، لست إرهابياً، أنا أثق بك… هل تثق بي؟ عانقني». قام بهذه التجربة مجموعة من الشبان المسلمين في كندا قبل نحو ثلاثة أشهر، ضمن مشروع بعنوان «الثقة العمياء». في شوارع تورنتو، حيث نفّذ الفيديو الأصلي، تفاعل المارّة مع الشاب مصطفى المولى، صاحب الفكرة، بإيجابيّة كبيرة، وكثيرون قرّروا احتضانه ومعانقته، ليحصد الفيديو الذي نشر على موقع «يوتيوب» أكثر من مليونين ومئتي ألف مشاهدة.

الانتشار الواسع للفيديو الكندي كان حافزاً لمجموعة تجارب مماثلة سواء في الدولة ذاتها أو خارجها. ففي كندا خاض ممثل من أصول عربية تجربة أخرى «أكثر حماسيّة»، إذ قام ممثل مسرحي من أصول مصريّة رفض الكشف عن اسمه، بارتداء النقاب، وطلب من المارة معانقته، مشدداً على أن ما يقوم به «بعيدٌ عن السياسة».

في مدينة نيويورك الأميركية، تكرّرت التجربة ذاتها بمبادرة من فتاتين وشاب هذه المرّة. اختار الثلاثة نفق المترو مكاناً للعناق، ليقف شاب وفتاة معصوبا الأعين بانتظار أحضان المارّة، تتوسّطهما شابّة تحمل لافتة توضح أنّ الرجال يمكنهم معانقة الشاب، وأنّه يمكن للسيدات معانقة الفتاة. كذلك خاض شاب تجربة مماثلة في ألمانيا هدفها «القضاء على الإسلاموفوبيا».

صحيفة «ذا دايلي ميل» البريطانية نقلت عن القائمين على المشروع أن هدفهم «توجيه رسالة للعالم بأنّه يمكن كسر الحواجز والقضاء على الخوف من المسلمين والإسلام»، إضافة إلى «تغيير الصورة النمطية للإسلام». «بي بي سي» بدورها واكبت التجربة، فنشرت الهيئة البريطانيّة التسجيل المصور للعناق المجانيّ، وأعدَّت تقريراً عن «محاولة الجالية الإسلامية في كندا تغيير الفكرة السائدة عن الإسلام». في حين رأت «فرانس 24» في الشاب المنقّب «مادة مثيرة للجدل»، فصاغت مادة تشويقية عن حقيقة «الفتاة المنقّبة التي توزع الأحضان على المارة في شوارع مدينة فانكوفر الكندية».

بالرغم من أنّ تجربة «الثقة العمياء» لا يمكن أن تكون معياراً لحالة تسامح عامّة مع المسلمين في أميركا وأوروبا، إلا أنّها شكّلت مناسبة لإعادة فتح السجال مجدّداً حول «الإسلام ودوافع الخوف منه»، ليتناقل الآلاف التسجيلات المصوّرة للعناقات بين غرباء، اختاروا أن يتجاوزوا وصمات العار التي يتمّ إلصاقها ببعض الأفراد بسبب دينهم أو شكلهم أو عرقهم. ذلك ما يدفع إلى السؤال من جديد عن مدى فعاليّة هذه المبادرات الفرديّة، في محاربة فكر تعمل آلة إعلامية عالمية كبيرة على ترسيخه، ليبقى هؤلاء الشبان «نجوماً على «يوتيوب» فقط، في حين يساهم الإعلام الطاغي في ترسيخ خطاب الكراهيّة ورهاب الآخر.

التعليقات مغلقة.