ربع مليون سوري محاصر في دير الزور بين النظام و«داعش»

46

1428776655821254400كشف ناشطون سوريون عن أن ما يزيد على ربع مليون مواطن سوري في مناطق دير الزور، بشرق سوريا، يرزحون تحت حصار مطبق منذ فبراير (شباط) الماضي، وذلك بعدما شدّد تنظيم داعش قبضته وأغلق جميع الطرق والمعابر المؤدية إلى حيي الجورة والقصور الخاضعين لسيطرة القوات النظامية في مدينة دير الزور، ومنع هذه الأخيرة السكان من الخروج من هذه الأحياء إلى مناطق متاخمة لمواقع سيطرة «داعش»، ما جعل المدنيين «يعيشون بين مطرقة النظام وسندان التنظيم المتشدد».
«الشبكة السورية لحقوق الإنسان» أفادت بأنّه «منذ مطلع شهر مارس (آذار) بدأت الأوضاع المعيشية تسوء بشكل كبير بعد نفاد المؤن والمواد الغذائية، خصوصًا بعد إقدام القوات الحكومية على قطع الطريق الدولي بين دمشق ودير الزور، وهو الطريق الوحيد الذي يمد المدينة بالمواد الغذائية والطبية ومواد البناء». وأشارت الشبكة إلى أن القوات الحكومية منعت العائلات من الخروج إلى مناطق سيطرة التنظيم، الأمر الذي أدى إلى تفاقم المعاناة بشكل أكبر.
وقد منع تنظيم داعش منظمة «الهلال الأحمر السوري» من الدخول إلى الأحياء المحاصرة وتقديم المساعدات، بينما يعاني السكان بشكل خاص من انقطاع الكهرباء والمياه؛ ما أدّى لإصابة المئات منهم بأنواع مختلفة من الأمراض. وللعلم، يُحاصر «داعش» المدينة والمطار العسكري منذ أكثر من 8 أشهر بعدما شنّ هجومين فاشلين للسيطرة عليهما، وتنحصر المعارك في المنطقة حاليا بين التنظيم وقوات النظام.
محمد الخليف، الباحث في «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» والمقيم في مدينة دير الزور، وصف الوضع الإنساني هناك بـ«المزري للغاية»، لافتا إلى أن «المدنيين العالقين في حيي الجورة والقصور ينتظرون الموت جوعا ومرضا». وأشار الخليف إلى أن القوات الحكومية تستخدم المدنيين دروعا بشرية». وبدورها، شكت ريم، وهي طالبة جامعية، من قلة المواد الغذائية وارتفاع أسعار المتوفر منها. وقالت شاكية: «لم يعد لدينا في المنزل إلا القليل من البرغل والسكر، وقد نفدت باقي المواد الغذائية، حتى المحال والبقاليات باتت فارغة بعد مرور أكثر من شهر على الحصار الخانق، وإن توفر قليل من الغذاء فبأسعار خيالية».
أيضا أشار أبو أحمد، وهو بائع خضار في حي الجورة، إلى أنّه توقف عن العمل لعدم وجود خضار في الأسواق، عدا بعض الخضراوات المزروعة في بلدة البغيلية، الواقعة ضمن سيطرة نظام الأسد، وهي بأسعار مرتفعة جدا. وأردف: «في ما مضى كنا نؤمن احتياجات هذه المناطق من الخضار من ريف دير الزور وريف محافظة الرقّة، وكانت الأمور تسير بسلام وفصائل الجيش الحر لا تتعرض لنا، وكان كافيا تقديم بعض الرشى البسيطة لحواجز نظام الأسد لتمرير بضائعنا دون منغصات وعقبات، أما حاليا فتمنع حتى مرور الأشخاص من وإلى مدينة دير الزور».
وفي ضوء هذا الوضع، حثّت «الشبكة السورية» المجتمع الدولي على اتخاذ خطوات عاجلة لتيسير إيصال المساعدات الإنسانية، والعمل على رفع الحصار عن قرابة ربع مليون مدني، مشددة على وجوب التزام القوات المسيطرة بالقانون الإنساني الدولي عبر الإنهاء الفوري للحصار الذي يعتبر جريمة حرب، والامتناع عن استخدام المدنيين وحصارهم والاحتماء بهم، أسلوبا من أساليب الحرب.
وكان «الائتلاف الوطني السوري» المعارض قد اتّهم قبل أيام «داعش» والنظام بتبادل الأدوار بحصار المدنيين في دير الزور، مشيرا إلى أن نظام الأسد هو المستفيد الأكبر من الحصار، «وذلك للتباكي على أعتاب مجلس الأمن وإظهار نفسه بدور الضحية».
ودعا «الائتلاف» الأمم المتحدة ومؤسساتها الإغاثية التي تصر على التعامل مع النظام إلى أن تعمل للضغط على النظام للسماح بإدخال المساعدات العاجلة للمدنيين المحاصرين، لافتا إلى أن قوات الأسد ترفض طلبات الصليب الأحمر لإيصال المساعدات والغذاء والدواء للمدنيين البالغ عددهم نحو 400 ألف مواطن عبر مطار المدينة الذي لا يزال تحت سيطرة قواته، بينما يمنع «داعش» القوافل البرية من المرور إلى المدينة بما فيها المساعدات الغذائية والطبية، «في تبادل واضح للأدوار وتناغم بإطباق الحصار على المدنيين بين النظام والتنظيم».

الشرق الأوسط

التعليقات مغلقة.