حكايتان اماراتيتان بين جيل ذهبي لا يتكرر وآسيوية خالفت الطموحات

156


ل635580832399529136ماذا أخفق الامارات في بلوغ المباراة النهائية للبطولة الآسيوية التي تسضيفها استراليا؟ وهل بالفعل يمكن أن نقول أنه الاخفاق للامارات؟ أم انها حكاية لواقع يعيش عليه المنتخب الأبيض؟، وكل مافي الأمر، أنه شارك ولعب حسب قدرات المنتخب، وليس وفق قدرات اللاعبين، واذا ما اقتنعنا بالشق الأخير، فهل يمكن أن نقول أن هذه المجموعة من اللاعبين والتي توصف بالجيل الذهبي للامارات، كان من الممكن ان تصل الى مراحل أكبر واعمق؟، وهل بالفعل يمكن أن نقنع انفسنا، ان كل تلك الأسماء المميزة وأصحاب القدرات الرفيعة المستوى، استنفرت قواها بالشكل المطلوب؟!
واذا ما اتفقنا على عدم الاتفاق على الحكاية الأخيرة من الاستنفار للقدرات بين مؤيد ومعارض، حتى من داخل الامارات، والمعنيين بالأمر والمتابعة من الخارج، فلماذا من الأساس، نذهب الى التصنيف والفرز على مستوى المدربين، ولماذا تذهب كبرى المنتخبات الكروية وأعرقها، الى أصحاب الخبرة الميدانية، وتدفع بسببهم ملايين الدولارات؟ وهل بالفعل هنالك تأثير على اللاعبين بين مدرب قليل خبرة في الملاعب، وآخر يملك المزيد من التجارب والاستخلاص للمواقف والعبر؟ ولماذا تحرص كبار الأندية في العالم على الاستقطاب للصفوة والنخبة، حتى من البعيد عن أصحاب جلدتها؟ ولماذا لا تكتفي الأندية الانجليزية الشهيرة بمدربين من الداخل الانجليزي، وتراهن على مدربيها الوطنيين، وتمضي في نفس القناعة، التي ترى من خلالها التمجيد والاعتداد بالأدوار الوطنية؟ ولماذا يقول البعض ويرددون أنهم مع الاحتراف والمهنية والمنهجية العلمية؟! وماذا يمكن أن نقول عن الاحتراف؟ هل هو معنى آخر في المجتمعات المحلية الأوروبية، وقناعات أخرى في أوروبا والعالم؟!
أسئلة كثيرة يمكن أن تدور هذه الأثناء بسبب عدم نجاح المنتخب الاماراتي في بلوغ المباراة النهائية على أقل تقدير للبطولة الاسيوية، وامكانية أن تتحقق استفادة أفضل من جيل ذهبي ظلت الامارات تنتظره أن يتكرر لأكثر من 20 عاما ماضية، وذلك بعد الايمان أن ما تملكهم الامارات من لاعبين هذه الأثناء تحديدا، لا تحظى بهم غالبية الدول الخليجية، ولا حتى العربية، بعد المقارنة بامكانات كبيرة يتمتع بها غالبية لاعبي المنتخب الأبيض، وقدرتهم على احداث التغيير في اي مباراة يشاركون فيها، وأي مناسبة.
لم يختبر في المجموعات
واذا ما ذهبنا الى الاشارة الى أن المنتخب الاماراتي، لم يختبر في دوري المجموعات، بأكثر من الاختبار الخليجي الخليجي، الذي اعتاد عليه في مناسبات وسنوات ماضية، فمن الطبيعي أن نقول، أن فوزه على المنتخب القطري بالرباعية مقابل الهدف، لا يمكن أن يكون بالجديد المنتظر، خاصة وأن المنتخب الابيض فاز على العنابي 3-1 في نسخة البحرين الخليجية، وأيضا فاز على البحرين، 2-1 مثلما تشابه الفوز في بطولة البحرين وايضا في استراليا، وهو ما يؤكد أن تفوق الامارات على قطر أو البحرين، لا يمكن أن يمثل القيمة المضافة التي يمكن ان يقال أنها حدثت مع الفريق الاماراتي خلال العامين الماضيين، وبعد الأخذ في الاعتبار أن قطر لم يفز في اي مباراة في استراليا، في حين ان البحرين كان منتخبها في حالة خاصة ودقيقة، كانت تعاني من عدم الاستقرار.
واذا ما قلنا أن الامارات خسر اختباره الحقيقي الأول في المجموعة أمام أحد متزعمي القارة الاسيوية في السنوات الأخيرة المنتخب الايراني بهدف نظيف، فذلك يعني بلغة المنطق والارقام، أنه لم يحدث التقدم الذي يمكن أن يقال عليه، ولم يظهر اللاعبون، القيمة الأكبر من المستوى الذي يمكن أن يقاس عليه التحضير الكبير الذي استغرقوه قبل البطولة والتهيئة التي كان على أعلى المستويات، وفق منظور ورؤية مدرب الفريق مهدي علي.
حظوظ عبست باليابان
وعندما يقر ويعترف الجميع من الداخل الاماراتي وأيضا من الخارج، أن المباراة أمام المنتخب الياباني حامل اللقب، رافقها الجانب المميز من حسن الطالع والحظوظ للفريق الأبيض للخروج وبنتيجة الفوز عن طريق ضربات الترجيح، فذلك ليس أكثر من التأكيد، أن المنتخب الابيض لم يكن قادرا على اضافة المزيد في لقاءاته مع الكرة اليابانية في الفترة الأخيرة، رغم أن التاريخ يشهد له في مناسبات سابقة، أنه أحرج اليابان، وبلغ مرماها في أكثر المناسبات، والامارات وجماهيرها تتذكر، كيف كان الفريق الذي لعب أمام اليابان في عهد المدرب الاماراتي الدكتور عبدالله مسفر، أو حتى أيام المدرب الاماراتي الاخر جمعة ربيع، وبعد الأخذ في الاعتبار أن كفة الامارات دائما ما تكون أرجح أمام اليابان، ان لم يكن على مستوى النتيجة التي لا تتجاوز فارقها الهدف، ولكن أيضا على مستوى القيمة العامة والمستوى.
ولعل ما ذهب اليه شيمودا ماساهيرو رئيس اللجنة الفنية باتحاد الكرة الياباني عندما قال: “من المحبط أننا لن نتأهل إلى الدور التالي من البطولة بعد هزيمتنا بضربات الجزاء.. فقد فرضنا سيطرتنا تماماً ولعبنا 35 تسديدة على المرمى وهو رقم كبير للغاية بالنسبة لأي مباراة دولية على أعلى مستوى” يؤكد وجود الفارق الكبير بين مستوى الامارات التي سبق لها الفوز على اليابان وأمام جماهير اليابان في سنوات قليلة ماضية، وبين الصورة التي كان عليها الفريق في البطولة الحالية.
تصاعد وليس تراجع
وحتى وان اقتنع البعض بقيمة الفوز من الناحية النفسية، فكان من المفترض، متابعة حضور مختلف للمنتخب في المباراة أمام المنتخب الاسترالي، وكان الجميع في انتظار حراك مختلف للفريق على أقل استثناء في ال15 دقيقة الأولى، ذلك اذا ما قلنا أن الارهاق اذا ما كان يفترض أن يظهر سيكون بكل تأكيد في الشوط الثاني، وليس مع بداية المباراة، وكيف من الممكن الاقتناع بتريرات المدرب مهدي علي، عندما قال أن الظهور المتواضع للفريق كان بسبب الارهاق، خاصة وأن الفريق لم يقدم اي مؤشر ايجابي منذ بداية المباراة وحتى نهايتها، وظهرت واضحة السيطرة الكبيرة للفريق الاسترالي، وبعد العلم ان لاعبيه ذهبوا الى استفزاز الاماراتي ولاعبيه في اكثر تصريحاته، وقال بعضهم أنهم سيضغطون الفريق الاماراتي منذ البداية، وهو نفسه ما حدث وتجلى في احدى صور المباراة.
ان الحديث الذي تمت متابعته خلال فترات البطولة، لم يبتعد عن الاشارة الى تراجع مستوى المنتخب الاماراتي، وهو ما أكده رئيس الاتحاد البحريني لكرة القدم الشيخ علي بن خليفة آل خليفة والذي قال: الإمارات حققت الفوز في مباراتيها أمام قطر والبحرين، لكنها خيبت ظني حقيقة، توقعت مستوى أفضل مما رأيته. شعرت بأن الأبيض فقد قليلا من توهجه، مقارنة بما قدمه في خليجي 21. ربما يعيش فترة اهتزاز وقتية وأتمنى له أن يستعيد بريقه وقوته.
رسائل ومؤشرات
لم يكن حديثا في نفس الاطار مقتصرا على رئيس الاتحاد البحريني وفقط، بل وأيضا قناعات أكدها عدد كبير من المحللين والنقاد، وبعد الاشارة الى أن الفريق فقد الكثير من هيبته وتوهجه الذي كان عليه قبل ما يقارب العامين، وهي نفس المؤشرات التي نعيد كتابتها من جديد، حتى نضع النقاط على الحروف وقبل فوات الأوان، ومن حق أصحاب القرار والشأن في الامارات، أن يأخذوا بها، أو حتى يتجاهلوها، فهم الأكثر قدرة على اتخاذ القرارات، وتقييم واقع منتخبهم بين سنوات سابقة وبين ما وصل اليه حاله، حتى وأن وضع اسمه في قائمة الاربعة الكبار، والتي وضع فيها اسمه ايضا المنتخب العربي الآخر العراق، رغم ما يمر به من مرحلة متواضعة، وحسابات غير دقيقة وحالة مرتبكه على مستوى التغيير في المدربين وعدم الاستقرار.
وعندما نقول أن العراق الذي يعاني من مشاكل وعقبات، كان من الممكن أن تؤثر في غالبية المنتخبات العربية مجتمعه، بلغ المراحل النهائية وسجل اسمه في قائمة النخبة للبطولة، فمن البديهي أن نقول، ووفق ما يملكه الامارات من هدوء واستقرار وبنية تحتية وجيل ذهبي، أنه كان من المفترض أن يصل الى مراحل أكبر وأعلى، ليس أقل من المباراة النهائية على أقل تقدير، حتى وان لم يكسب اللقب، أو حتى ما يمكن أن يكون من ظهور مشرف للفريق، وليس تلك الصورة التي تجسدت أمام الاسترالي، وعكست فوارق كبيرة والعديد من المسافات.
قدرات خيالية
ان ما خضع له الجيل الحالي من امكانات، وما استفاد به على مستوى الاعداد، وحتى المشاركات في كبرى البطولات العالمية، بدءا من أمم آسيا للشباب الذي توج بلقبها في العام 2008، ومن بعدها الاسياد وحصوله على فضيتها، ومن ثم مونديال الشباب في مصر وبلوغه مرحلة متقدمه، ومن ثم الظهور في اولمبياد لندن، كان من المفترض، أن تكون الاجواء الاسيوية الحالية بالنسبة له ليس أكثر من فرصة لاثبات الذات والقيمة، والتأكيد على أن الوقت قد حان للاستفادة من جيل ذهبي، ومقومات خيالية تنفقها الامارات وأنديتها على الرياضة وكرة القدم بشكل خاص، وكان من البديهي والطبيعي جدا، متابعة تفاصيل أخرى ومن لاعبين، بمواصفات وبمقومات، تتمناهم غالبية منتخبات القارة دون استثناء.
ما يمكن أن يقال الآن عن الجيل الذهبي الحالي من لاعبي الامارات، والذين يصعب تكرارهم في أجيال وسنوات قادمة، يتراوح معدل أعمارهم بين العام 1985 وبين العام 1991، ما يعني أنهم في ذروة عطائهم، وما يمكن أن يكونوا عليه على مستوى القيمة الكبيرة، وبعد الأخذ في الاعتبار مرحلة التميز التي يكون عليها اللاعب الخليجي بشكل عام والتي لا تتجاوز هذه المرحلة، وبعد مراعاة المستوى العالي من الرفاهية التي يعيش عليها غالبية لاعبو الامارات، وما يمكن أن تؤثر فيه على مستوى عطاء اللاعب وقدرته على الاستمرار في العطاء ولسنوات أطول.
ومن الممكن أن نقول أن تصفيات مونديال 2018، ستظل المرحلة الأخيرة لهذه المجموعة أو غالبيتها، وبالتالي ضرورة التركيز والايمان بتحقيق الاستفادة الأكبر منهم، والعمل على تجاوز مرافق المرحلة السابقة من سلبيات، وبعد ما يمكن أن يتم من تقييم شامل للمراحل السابقة، وهل بالفعل عانى المنتخب من التراجع البدني والفني في البطولة الاسيوية، أم أن المؤشرات عكس ما يقوله البعض عنها، وانها في طريق تصاعدي لا خلاف.

التعليقات مغلقة.