الكاتب والأكاديميّ الكرديّ شيار عيسى لموقع صحيفة :Bûyerpress
خطورة داعش والهجمات الانتحارية في المناطق الكردية؟
تتحرك داعش في حربها في سوريا والعراق في إطار منظومة فكرية وقانونية, تحلل لها توسيع نفوذها و”نشر رسالة الإسلام” ولا تجد حرجا في تكفير من لا يعلن الولاء والبيعة لها. إنطلاقاً من تلك الجزئية, واستناداً على وقائع كثيرة فإن داعش تشكل خطراً داهماً ليس فقط على الشعب الكردي, وإنما أيضاً على استقرار المنطقة برمتها, فهي تحاول بناء دولة إسلامية بحد السيف ولن تتوانى عن مهاجمة أية منطقة إن سنحت الفرصة. تزايد خطر داعش بعد سيطرته على مناطق شاسعة في العراق وكذلك على معدات حربية حديثة نقل قسم كبير منها إلى غرب كردستان, وبالتالي فإن القدرة القتالية لداعش قد ازدادت, وأتوقع أن تشهد المنطقة حرب شرسة في الفترة القادمة تبعاً لتطور الأحداث في سوريا والعراق.
الأمر الذي يزيد من خطورة تنظيم داعش هو اتباعه لأسلوب الهجمات الانتحارية, الذي يوقع عدداً كبيراً من الضحايا, ويتسبب في حالة هلع ورعب, وكذلك ارتباك للقوات المدافعة. هذا النوع من الهجمات أثبت أنه قادر على اختراق دفاعات أقوى الدول عسكرياً واستخباراتياً, لذلك فإن إيقافها يتطلب تضافراً للجهود الاستخباراتية, وكذلك نصراً عسكرياً في المراكزالتي تعد بؤراً للتنظيم, للتحضير لهكذا هجمات في مدن كتل حميس, فبدون تحرير تلك المدن, ومن ثم ضرب طوق أمني حول حدود غرب كردستان والتحكم بحركة المرور إليه, كما يحدث في إقليم كردستان, لن يكتب للمنطقة الاستقرار.
متى يحسم الكرد خياراتهم؟
بإلقاء نظرة خاطفة على المشهد السياسي في غرب كردستان, يبدو جلياً أنه توجد خلافات بين مجلس الشعب في غرب كردستان والمجلس الوطني الكردي, حول عدة محاور أساسية تتلخص في تصور كل طرف لحل القضية الكردية. ففي حين يطرح مجلس الشعب لغرب كردستان مفهوم الأمة الديمقراطية كحل للقضية الكردية, ينحو المجلس الوطني الكردي نحو حل قومي على الأساس الفدرالي, كنوع من التأثر المباشر بسياسة حزب العمال الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني. النقطة الخلافية الأخرى هي رفض مجلس الشعب لغرب كردستان الاستجابة لمطالبات المجلس الوطني الكردي في تطبيق اتفاقية هولير, في محاكاة لشكل تقاسم السلطة في إقليم كردستان العراق, التي أرى أن المطالبة بتطبيقها نوعاً من الانفصام عن الواقع في ظل إعلان الإدارة ذاتية وإصدار قوانين للأحزاب والانتخابات, يستحيل في ظلها العودة للوراء لتطبيق اتفاقية هولير, التي أصبحت جزءاً من الماضي . هذا بالإضافة إلى نقاط أخرى, كالتمايز في تصور المجلسين للعلاقة مع النظام والمعارضة, وهي مسائل ثانوية سيتم التوصل لصيغة تفاهم حولها فيما لو تم الاتفاق على النقاط الآنفة الذكر.
عطفا على ما سبق, فإنه يمكن الجزم, بأن خلافات المجلسين الكرديين هي حرب كردستانية تجري بالوكالة في غرب كردستان, وبالتالي فإن حسم الكرد لخياراتهم وتشكيل إطار جامع, أو على الأقل التنسيق والاتفاق على الخطوط العامة المحددة لشكل الحل للقضية الكردية والموقف من النظام والمعارضة، وكذلك تقاسم السلطة, يحتاج إلى رفع الفيتو الكردستاني من هولير وقنديل.
من يدعم داعش؟
داعش منظمة تنتمي فكرياً إلى تيار الإسلام السياسي المتطرف, الذي يجاهر بدعوته لنشر الإسلام بالقوة. كانت بداية التنظيم عام 2004 حين أعلن ابو مصعب الزرقاوي تشكيل جماعة التوحيد والجهاد التي بايعت أسامة بن لادن. بدأت المنظمة كمجموعة صغيرة بعد تحرير العراق سرعان ما توسعت, بفضل تلقيها الدعم من منظمات أكبر كالقاعدة، وكذلك استفادتها من التذمر الشعبي السني من السياسة الأمريكية, واستطاعت أن تجد حاضنة شعبية ساعدتها على التوسع, لكنها سرعان ما انقلبت عليها. يندرج ذلك التنظيم في عدة مراحل حتى تأسست ” الدولة الإسلامية في العراق والشام” والتي تشير التقارير أن جزءاً كبيراً من تمويلها يأتي من شخصيات خليجية, بالإضافة إلى ما تمكن التنظيم من الحصول عليه في حروبه في سوريا والعراق حيث أنه استولى عل كميات ضخمة من الأموال والسلاح في حربه الأخيرة في المحافظات العراقية.
يتم اتهام داعش بتلقي الدعم من المحور الشيعي, وبالتحديد من النظامين السوري والإيراني, و هي تهمة أعتقد أنها غير واقعية لأنها تستند على حجج واهية, كحقيقة اختراق داعش من قبل النظام, وكذلك إطلاق سراح النظام لبعض من قادته في بداية الثورة. النظام السوري استطاع اختراق تنظيم داعش, كما استطاع اختراق باقي التنظيمات الجهادية في سوريا, الأمر الذي لا يمكن استخدامه كقرينة للادعاء بأن التنظيم يتحرك بأوامر النظام. ففي خضم هكذا نزاعات يكون من الطبيعي أن تتمكن كل الأطراف من زرع جواسيس وعملاء لهم في التنظيمات الأخرى, وقد صرح قادة الإئتلاف السوري المعارض مراتً عدة أن للمعارضة الكثير من المتعاونين معها في صفوف النظام, يمدونها بالمعلومات فهل يعني ذلك أن النظام عميل للائتلاف؟؟؟!!!
كما أن العديد من قادة التنظيمات المسلحة وعلى رأسهم زهران علوش, قائد الجبهة الإسلامية أكبر فصائل المعارضة المسلحة, قد تم إطلاق سراحه من سجن صيدنايا العسكري في بدايات الثورة, برفقة كل من حسان عبود وحسين الشيخ وهم أيضاً قادة للتنظيمات المسلحة في سوريا. للوصول إلى مقاربة أكثر واقعية لموقف النظام من داعش يجب التمييز بين جزئيتين, وهما أولاً استفادة النظام من التنظيم, وثانياً ارتباط التنظيم المباشر مع النظام. أعتقد هنا أن حقيقة استفادة النظام من داعش, وباقي التنظيمات المتطرفة, من عدة نواحي, لا يعني البتة أن تكون مرتبطة به بشكل مباشر وأنها تنفذ أوامره. داعش قدمت فرصة تاريخية للكرد في إقليم كردستان العراق فهل هذا يعني أن داعش مرتبطة بإقليم كردستان وعميلة له كما تروج بعض الجهات الآن؟؟؟!!!
الحلم الكردي، متى؟ كيف سيتحقق؟
قد يكون من الصعب بمكان تحديد فترة زمنية لتشكيل دولة كردية, لكن يمكن الجزم أن الحلم اليوم أقرب مما كان عليه في أي وقتٍ مضى, وخاصة بعد ضم المناطق الكردستانية المستقطعة، وفي مقدمتها كركوك, إلى إقليم كردستان. كما أن القضية الكردية تحقق تقدماً مضطرداً في الأجزاء الأخرى من كردستان, وكي يتحقق الحلم الكردي يجب أن تتوافر مجموعة من الظروف, من أهمها تنسيق القوى الكردية الرئيسية فيما بينها, واللعب على التناقضات السياسية الشرق ـ أوسطية والدولية.
التعليقات مغلقة.