قسد: مستقبل سوريا يبدأ بتخطي ذهنية النظام القديم بكل أدواته وأساليبه
أكدت القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية، في بيان، الاثنين، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد، أنّ سقوط النظام فرصة تاريخية للسوريين، وأن المرحلة القادمة تتطلب إطلاق حوار وطني حقيقي وشامل بعيد عن الإقصاء والتفرد، وتأسيس عقد اجتماعي جديد يضمن الحقوق والحريات وقطع الطريق نهائياً على عودة الطغيان والاستبداد.
وجاء في نص البيان:
“إنّ القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية تتوجه إلى شعبنا في عموم سوريا وإلى شعبنا في شمال وشرق سوريا على وجه الخصوص، بأسمى التهاني في الذكرى الأولى لسقوط النظام البعثي، هذا النظام الذي جرّ البلاد إلى الكارثة، وعمّم الاستبداد، ومارس أبشع أشكال العنف بحق السوريين على مدى عقود طويلة.
لقد كانت مناطق شمال وشرق سوريا الأولى التي كسرت قبضة النظام الأمنية والعسكرية منذ انتفاضة ١٢ آذار ٢٠٠٤ وطردت أجهزته الأمنية في عام 2012، حين ثار أهلها وطردوا مؤسساته القمعية، وأسسوا إدارة مدنية ديمقراطية ونموذجاً فريداً في تنظيم المجتمع وتوفير الخدمات. بالتوازي، تشكّلت قوات حماية شعبية تحوّلت لاحقاً إلى قوات سوريا الديمقراطية، التي قدّمت الآلاف من الشهداء في معارك التحرير والدفاع، وباتت القوة الأكثر فعالية ومهنية في مواجهة الإرهاب.
إنّ ما تحقق لم يكن وليد لحظة، بل نتاج شرعية نابعة من الشعب، من مقاومته وصموده، ومن تضحيات أبنائه وبناته الذين أسقطوا مشروع داعش، وحرّروا مساحات واسعة من سوريا نيابة عن العالم بأسره. وهذه الشرعية التي صُنعت بالدم وبحماية الناس هي التي تمنح لقواتنا اليوم مكانتها ودورها ومسؤوليتها في الحفاظ على الأمن والاستقرار.
لقد شكّل طرد النظام البعثي من مناطق شمال وشرقي سوريا في السنوات الأولى للثورة ضربة استراتيجية كسرت نفوذه، وحرمت منظومته الأمنية من أهم مواردها، وأضعفت قدرته على مواصلة جرائمه. واليوم، فإن سقوطه ليس مجرد حدث سياسي، بل سقوط لذهنيته القائمة على احتكار السلطة وتجاهل إرادة الشعب. إن إعادة إنتاج هذه الذهنية بأي شكل سيعني عودة سوريا إلى المأساة ذاتها التي دفع الشعب ثمنها باهظاً.
لقد دفع الشعب السوري ثمناً باهظاً لعقود من هيمنة حزب البعث، الذي حوّل الدولة إلى جهاز قمعي، وارتكب جرائم موثقة بحق السوريين، وخاصة بحق شعوب شمال وشرق سوريا التي تعرضت لسياسات الإقصاء والتجويع والتهجير الممنهج، والتغيير الديمغرافي، وحرمان المجتمعات من أبسط حقوقها. إن تلك الحقبة السوداء يجب أن تُطوى إلى الأبد.
وفي الوقت الذي ينشغل فيه السوريون ببناء مستقبل جديد، لا تزال لغة التحريض والكراهية تُستخدم من قبل بعض أطراف السلطة والمقربين منها والتي تحاول إعادة تدوير خطاب الانقسام ذاته. أولئك الذين ما زالوا يفكرون بعقلية اللحظة، دون أي قراءة جدية لمستقبل سوريا ولا لمتغيرات الواقع، يصرّون على اتباع الأساليب ذاتها التي دمّرت البلاد وقادت شعبها إلى الكارثة. إن هذا الخطاب المتشنج والمتعالي لم يعد مقبولاً، ولا يمكن أن يكون أساساً لبناء وطن جديد، بل هو استمرار مباشر لذهنية النظام التي سقطت ولن تعود.
إنّ سقوط النظام فرصة تاريخية للسوريين جميعاً لإعادة بناء وطنهم على أسس جديدة. ومن هنا، نؤكد أن المرحلة القادمة تتطلب إطلاق حوار وطني حقيقي وشامل بعيد عن الإقصاء والتفرد، وتأسيس عقد اجتماعي جديد يضمن الحقوق والحريات والمساواة وقطع الطريق نهائياً ودون تردد على عودة الطغيان والاستبداد.
ومع انهيار النظام، لا يزال مئات الآلاف من مهجّري عفرين وتل أبيض وسري كانيه محرومين من حقهم في العودة إلى بيوتهم. إن هذه القضية ستبقى أولوية وطنية، ولا يمكن لأي حل سياسي أن يكون عادلاً أو كاملاً ما لم يتضمن عودتهم الآمنة والكريمة.
في هذه المرحلة الحساسة، تؤكد قوات سوريا الديمقراطية أنها ستبقى القوة الأساسية للدفاع عن شعبنا، وستتصدى لأي اعتداء أو تهديد لأمن واستقرار مناطق شمال وشرق سوريا. لقد حمل مقاتلونا راية الحرية بأرواحهم، وقدّموا أسمى التضحيات دفاعاً عن كرامة البشر، وإننا نستلهم من إرثهم ومسيرتهم مسؤوليتنا في حماية الأرض والشعب وصون منجزات سنوات طويلة من المقاومة.
إن مستقبل سوريا يبدأ اليوم. يبدأ بتخطي ذهنية النظام القديم بكل أدواته وأساليبه، وبناء سوريا جديدة تقوم على الحرية والعدالة والشراكة، دولة تليق بتضحيات الشهداء وصمود الملايين”.
التعليقات مغلقة.