لعبة “لابوبو” المخيفة والمثيرة للجدل في مناطقنا
اكتسبت لعبة “لابوبو” شهرة واسعة في السنوات الأخيرة، بعدما تحولت من مجرد دمية غريبة الشكل إلى ظاهرة ثقافية عالمية تدر مليارات الدولارات، مدفوعة باستراتيجية تسويقية ذكية واستغلال بارع لعلم النفس الاستهلاكي، ووسائل التواصل الاجتماعي.
تتميز دمية “لابوبو” بملامحها اللافتة: عيون واسعة، آذان مدببة، وأسنان بارزة، بمظهر يجمع بين الطرافة والغرابة، ما جعلها مثيرة للجدل بين المعجبين والمنتقدين.
ابتكر الفنان الصيني كاسينغ لونغ اللعبة عام 2015 ضمن سلسلة “الوحوش” المستوحاة من الأساطير الإسكندنافية، وفي 2019 تحولت إلى منتج تجاري بالتعاون مع شركة الألعاب الصينية “بوب مارت”، التي اعتمدت نموذج الصناديق المفاجئة، حيث لا يعرف المشتري أي دمية سيحصل عليها، ما أضاف عنصر التشويق والمقامرة البسيطة إلى عملية الشراء.
هذا التحول انعكس بوضوح على أداء الشركة؛ إذ بلغت إيراداتها عام 2024 نحو 1.81 مليار دولار، وارتفع إجمالي أرباحها عالميا بأكثر من 125%، ويُتوقع بلوغها 40.3 مليار دولار بحلول 2032.
انتشار “لابوبو” تسارع عالميًا بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة بعد ظهور نجوم مثل ليسا من فرقة بلاك بينك، وريهانا، وكيم كارداشيان وهم يحملون الدمية، كما ساهمت فيديوهات “فتح صناديق لابوبو” من شعبية اللعبة على TikTok، التي تجاوزت مليون ونصف فيديو، في تعزيز الهوس بها.
وانتهجت “بوب مارت” استراتيجية “الندرة المدروسة” عبر إطلاق إصدارات محدودة لتنفد القطع خلال ثوانٍ، هذه الندرة عززت الشعور بـ”فقدان الفرصة” ودفع المستهلكين للشراء السريع، فيما سجلت نسخ نادرة أسعاراً خيالية وصلت إلى 150 ألف دولار في أحد المزادات.
ورغم ظهورها الأول في الصين عام 2019، بدأت شهرتها عربياً في ربيع 2025، حيث أظهرت بيانات “غوغل ترندز” تزايد الاهتمام بالدمية في الإمارات والسعودية، خاصة بين جيل الشباب المتابع للترندات الجديدة.
ووصلت اللعبة إلى مناطقنا في روجآفا “شمال وشرق سوريا”، واختلفت مواقف العائلات تجاه اللعبة، إذ وجدت بعض الأسر نفسها مضطرة لشرائها تحت ضغط وإلحاح أطفالها، بينما رفضت عائلات أخرى اقتناءها محذرين من آثارها السلبية على الأطفال، إذ يعتقدون أنها قد تدفعهم إلى الانطواء والاكتئاب، وتنمي لديهم “حب التملك” والتمسك المفرط باللعبة، وسط شائعات متداولة حول ارتباطها بالسحر والشعوذة وبث الطاقة السلبية داخل المنازل.
ولم يتوقف انتشار هذه اللعبة عند الأطفال فحسب، بل امتد ليشمل الشابات اللواتي يسعين للحصول عليها بألوان مختلفة، حيث يلجأ بعضهن إلى شرائها عبر أقارب في الخارج أو من خلال منصات التسوق الإلكترونية مثل “شي إن”، وتتراوح أسعار النسخة التقليدية من اللعبة في أسواق مدينة قامشلو نحو 10 دولار أمريكي فما فوق، مع اعتماد المتاجر أيضا على “صناديق المفاجآت” في عملية الشراء.
ورغم الجدل والنظريات المنتشرة عبر الإنترنت حول ارتباط دمى “لابوبو” بكيانات شيطانية أو ظواهر خارقة، أكدت شركة “بوب مارت” أن الدمى مستوحاة فقط من مخلوق خيالي من الأساطير الإسكندنافية ولا علاقة لها بالأرواح الشريرة.
في المقابل، حذر أطباء نفسيون من أن التعرض المتكرر لدمى ذات ملامح مخيفة قد ينعكس سلبًا على نفسية الطفل، خاصة في مراحل النمو الأولى التي تتشكل فيها معالم الشعور بالأمان والانطباعات البصرية.
وهكذا، انتقلت “لابوبو” من فكرة “دمية قبيحة” إلى رمز ثقافي عالمي، يجمع بين التسويق الذكي، والتأثير المتنامي لوسائل التواصل الاجتماعي، لتصبح واحدة من أبرز قصص النجاح في عالم الألعاب والاستثمار الثقافي في القرن الحادي والعشرين.
خاص/buyer
المصدر: وكالات
التعليقات مغلقة.