لغز حيّر العلماء.. هل يتغير عمر الإنسان في الفضاء؟

12

 

لطالما اعتبر الإنسان الفضاء لغزاً لا بد من حله، وتطلع إلى اكتشافه بشغف عبر العصور، كما خاض معترك إثبات الفرضيات بحجج قوية وقياسات ومعادلات حسابية وقوانين فيزيائية عبقرية، على أيد أكثر العلماء ذكاءً.

 

فيما لم يترك النظريات التي أثبتها تحد من مخيلته التي تسكنها المجرات والشهب والأجرام، بل وسّعها وطورها حتى وصل إلى ما نعتقد بأنه حقائق جازمة في وقتنا الحالي. ولعل إحدى هذه الحقائق المثيرة هي ما يتعلق بالوقت في الفضاء، والتي تدور الكثير من التساؤلات حول تأثيره على عمر رواد الفضاء. وسيكشف لك هذا المقال أهم أسرار الوقت في الفضاء بدءاً بتاريخ النظريات المتعلقة به.

الفهم الكلاسيكي للوقت في الفضاء

فقد كان الفضاء والوقت مفهومين غير واقعيين بالنسبة إلى الفيلسوف زينو والذي عاش في الفترة الزمنية 262 إلى 344 ما قبل الميلاد، فهما برأيه غير قابلين للقياس بشكل ملموس. وقد اعتُبرت هذه الفرضيات ميتافيزيقيا بحتة. حيث إن زينو كان مقتنعاً أن مصطلح “الفضاء الفارغ” ليس إلا تناقضاً في الألفاظ؛ فكيف لشيء أن يكون فارغاً وموجوداً!

 

وسبق زينو في العام 450 قبل الميلاد أول علماء الذرة اليونانيين؛ ليوكيبوس، وهو مؤسس النظرية الذرية، والذي قال إن الفضاء موجود لكن بصورة مستقلة عن المادة، وطرح مثاله الشهير عن الفراغ بين ذرات المادة ليؤكد على وجود هذا الفضاء. كما جاء أرسطو يدحض ما تحدث عنه زينو، وأكد أن استخدام العلائقية (ربط المفاهيم والاستنتاج دون التجربة) لم يضف أي شيء على مفاهيمنا للفضاء والوقت.

أما الفيلسوف لوكريتيوس وهو واحد من أكبر الفلاسفة الرومان، كان أول من أثار بجدية فكرة الزمن المتعلق بالعلاقات في السنة الخمسين قبل الميلاد، حيث قال في كتابه “طبيعة الكون” إن “الزمان في حد ذاته غير موجود، لكنه يجب ألا يكون كذلك. أي أن أي شخص يمكنه أن يشعر بالزمن بنفسه بغض النظر عن حركة الأشياء”.

 

وكان الناس يعتقدون أن “الزمكان” هو إطار ثابت الأبعاد، يحتوي على جميع الأحداث في الكون حيث يمكننا تخيل الزمكان كمكان يحدث فيه كل شيء، بدءاً من حركة الكواكب إلى تغيرات الطقس. لكن في تلك الحقبة، لم يكن هناك عالم يمتلك مفهوماً يمكن أن يترسخ في عقول الناس.

نظرية النسبية لأينشتاين

وفي بداية القرن العشرين، قام عالم الفيزياء النظرية الألماني ألبرت أينشتاين بتقديم نظرية النسبية العامة. وبذلك حدّث فهمنا للزمكان. بدلاً من تصور الزمكان على أنه إطار ثابت، أوضح أينشتاين أن الكتلة والطاقة تشوهان الزمكان ويؤثران على حركة الأشياء فيه؛ بحيث يمكننا تصور الزمكان على أنه قماش مرن يميل وينحني تحت تأثير الأشياء الموجودة فيه. هذا التشوه يؤثر على طريقة انتقال الضوء وحركة الأجسام في الفضاء.

 

هل يختلف الوقت في الأرض عن الفضاء؟

وإذا كنت تتساءل عما إذا كان الوقت يختلف في الأرض عن الفضاء؛ فالعوامل التي وضحتها النظرية النسبية تجيبك على هذا السؤال بـ” نعم”! تفسر النظرية النسبية العوامل التي جعلت الوقت يختلف في الفضاء عن الوقت في الأرض؛ بحيث قادت هذه النظرية إلى نظرية تمدد الزمن، أو الإبطاء الزمني، والتي توضح أن هناك اختلافًا في سريان الزمن بين الأرض والفضاء، وذلك بسبب التأثيرات الجاذبية والسرعة النسبية.

التعليقات مغلقة.