في الذكرى الـ 17 لتأسيسه “تيار مستقبل كردستان سوريا”: “الوفاء لدماء شهداء الشعب الكردي”

يا جماهير شعبنا الكردي العظيم.. يا مَنْ تَسْتَحقونَ الأفْضَل دوماً بوفائِكمْ للمشروع القومي الكردي و المُعَمَّدِ بِدِماءِ شُهَدًائِهِ .

أيتُّها القِوىَ الوطنية والديمقراطية

مَعَ مرورِ سبعةَ عشرَ عاماً على انطلاقةِ تيار مستقبل كردستان سوريا ،  حصلت  الكثير من الأحداث والمتغيرات السياسية والثقافية  والاجتماعية , إن كانَ على الصعيد الدولي أو الإقليمي أو السوري , أو الكردستاني , ولعل الدائرة الجغرافية التي تضم الدول المُقْتَسِمة  لكردستان وما يُحيِطُ بها , باتتْ تشكل بالعمق المنطقة الأكْثر توتراً والتهاباً في العالمْ . سواءً من حيثُ عدد اللاعبين , أوحدةِ الصراعات بينَ  المصالحِ والثقافات , والتي ارْتدت أشكالاً متنوعةً , لكنها باتت  صراعات  وجود وكسر إرادات , وارتبطت الملفات  ببعضها البعض , وبات حل أي منها يرتبط برزمة من الملفات والقضايا والمصالح , كما بتنا نلاحظ  ازدياد مسار الحروب والعنف والإرهاب والفوضى في المنطقة .

فقدْ فاجأ الوضع الذي وصل اليه السوريون معظم الرومانسيين الذين كانوا ينظرون الى  ظواهر الأمور دون الغوص في اعماقها وخلفياتها .

ان تيار مستقبل كردستان سوريا لم يكن يوماً جماعة عُصْبَوية محْكومة بأجنداتها الخاصة بل سعى بكل امكانياته الى إعادة تنظيم المجتمع  على أسس جديدة ، وتوجيهه في مسارات مختلفة بعيداً عن الالتحاق بالأطراف المهيمنة على المشهد السياسي او التسليم  للأفكار الرائجة  أو السباحة في فضائها ، رغم علمه بان المسار الذي اختطه مليء بالمخاطر وهو  يناضل من اجل مصالح السوريين والكرد بأكملهم ، فضلا عن ذلك يحاول وبإصرار ان يتكيّف مع الظروف المختلفة ، وان يبتعد عن تنميط الوعي السياسي  والانغلاق الفكري والمحاباة والصنمية  والانوية  – التي ما زالت سائدة لدى الكثير من القوى والأحزاب والشخصيات – في مقاربة جديدة – أساسها الدفاع عن مصالح الشعب ، ونيل صدقيته عبر تبني تطلعاته وطموحاته ، والدفاع عن حرياته وحقوقه ، ويسعى الى عدم ارتهان القرار السياسي الكردي السوري بأطراف خارجية أو تبعيته الأيديولوجية لتلك الأطراف ،  بما فيه سيادة العقل “الاستبدادي ” الكردي ، الذي يدير ويتحكم بالمجتمع ، دون ان يحتكر في ذلك الحقيقة او يدير ظهره للوقائع العيانية  – بحجة انها ثورة مضادة  – او الالتحاق الذيلي ، والتمسح  بأقدام الاستبداد بكافة اشكاله  لكنه يعي في الوقت نفسه رفضه الاستسلام لهذا الواقع العياني  ، ويحاول  تغييره ، ويعلم بانه امام تحديات فكرية ومعرفية وسياسية ، ومنها كيفية إحلال السلام ، وتبني قيم حداثية تلائم العصر ، وتستجيب لمتطلباته حتى نحافظ على وجودنا وهويتنا الثقافية والسياسية  في سوريا الجديدة  بما هي دولة متعددة القوميات والأديان ، تطبق وتحترم حقوق الانسان والشباب والمرأة وتطلعاتهم في غد كريم وحياة امنة ومستقرة .

ورغم وجود تيار مستقبل كردستان سوريا في المجلس الوطني الكردي فان ذلك لا  يثنيه عن القول بأن المجلس – رغم أهميته وضرورته – لا يزال دون المستوى المأمول فيه فلا إعلامه أجاد واستثمر التطور التقني في إيصال صوته ورأيه ، ولا حراكه العملي نما وتطور ، صحيح ان الظرف الذي وجد نفسه فيه قد فرض شكلا من العمل  والحركة لكنه بدأ مسيرته دون تحليل عميق للواقع المحلي والإقليمي ، وطبيعة  الصراع السياسي والاقتصادي والعسكري للتجربة الحالية التي اسفرت عن الحالة المأساوية التي يعيش تحت وطأتِها السوريون ، وهو امر ينبغي عدم استمراره ، ويحتاج الى مراجعة فكرية وسياسية وتنظيمية بعد سنوات من عقد مؤتمره الثالث  بغية  ضخ دماء جديدة في مكاتبه ومؤسساته ، وتجديد الثقة به .فالمجلس عبارة عن تحالف سياسي بين قوى مختلفة على أساس مشروع سياسي هو المشروع القومي الكردي ، وهو ما تكافح من اجله كل القوى المنخرطة بالمجلس ، عبر انهاء الاستبداد وإقامة نظام حكم ديمقراطي فيدرالي يضمن الحقوق والحريات المتساوية لجميع المواطنين دون تمييز ، وبلورة رؤية مشتركة للحقوق القومية الكردية وتضمينها في الدستور الجديد .

صحيح إن وحدة الموقف الكردي السوري محقة وضرورية  لكنها صعبة التحقق كونها تنطلق من الأدوات القديمة التي كانت سببا في التبعثر،  وهذا لا يتم الا بإنهاء مظاهر القسمة ، والمتمثلة ببعض الدكاكين الصغيرة التي يديرها بعض ضعاف النفوس وعبدة المناصب فَيُحْكَمُونَ ويَحْكِمُونَ معهم ، وفي ذلك يدمرون أسس المجتمع  وثقافته واقتصاده وحريته وديمقراطيته .!

اما عن عفرين وسري كانيه  وكري سبي فان تهجير الكرد ، ومنع عودتهم ، وبناء المستوطنات بهدف تغيير البنية الديمغرافية السكانية لازالت قائمة من قبل تركيا ومجموعاتها المسلحة  ، وما تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان  الأخيرة باستكمال إقامة المنطقة الامنة ، وإعادة مليون لاجئ سوري الى ثلاثة عشر موقعاً  في مناطق درع الفرات ونبع السلام بما فيها سري كانيه وكري سبي دون تحقيق الشروط الامنة والعودة الطوعية التي لا يمكن  ان تتحقق الا بعد انجاز عملية الانتقال السياسي في سوريا الا خطوة في هذا الاتجاه ، وبهذه المناسبة : ندعو أبناء الشعب الكردي الى رص الصفوف والضغط على المجتمع الدولي ، لحماية هذه المناطق ، وتسليم ادارتها لأبنائها الأصليين ، كما ندعو المجتمع الدولي القيام بمسؤولياته الأخلاقية والقانونية ، في اجبار السلطة السورية على تنفيذ القرار 2254 ووضع حد لتدخل روسيا وايران وتركيا والميليشيات التابعة لها ، كي يستطيع السوريون من بناء دولتهم المنشودة ، دولة ديمقراطية تعددية لامركزية على قاعدة المواطنة المتساوية وشرعة حقوق الانسان .

ان سياسة انكار الأزمة، والتنصل من مسؤولياتها ، ورفض الخروج من ساحات العداء والسجالات العدمية  ، ووضع العراقيل في وجه المفاوضات الكردية هي السمة الأبرز لسياسة ب ي د ، هذه السياسة التي ترافقت مع  فقدان الامن ، وازدياد اليأس في الشارع الكردي في ظل عدم تخلي ادارتها عن ممارسة الفساد والظلم وتحقيق الثراء على حساب افقار المواطن ومتطلباته الحياتية نتيجة الاوضاع الاقتصادية والسياسية المتردية ، وازدياد ظاهرة القتل والسطو والسرقة .

إن تيار مستقبل كردستان وفي إطار دعوته لتوفير الشروط المطلوبة لاستقبال استحقاقات المرحلة التي يعشها الكرد والصعوبات التي تواجههم  فانه يدعو الأحزاب الكردية في سوريا ، على اختلاف اتجاهاتها للعمل معاً من أجل إنهاء الانقسام المدمر الذي يزداد تعقيداً ، ويهدد بالتحول إلى افتراق سياسي  كما يؤكد على أن الحوار الوطني هو السبيل للوصول إلى استعادة الوحدة ، وإنهاء الانقسام ، ومواجهة  التهديدات الداخلية والخارجية  على أهلنا وحقوقنا .

وبهذه المناسبة فانه يؤكد على ما يلي :

أولاً ـ الوفاء لدماء الشعب الكردي وتضحياته وشهدائه  .

ثانياً   –  التمسك بالأهداف والثوابت الوطنية والقومية للشعب الكردي في سوريا .

ثالثاً – الوقوف بصلابةٍ أمام كل المؤامرات والمشاريع المشبوهة التي تستهدف  ثوابت وحقوق الشعب الكردي  .

رابعاً – عدم شرعية الاحتلال والتوطين والتغيير الديمغرافي في عفرين وكري سبي وسري كانيه  ، لأنه يتناقض مع الشرعية الدولية وحقوق الكرد المشروعة .

خامساً – التمسك  بالقرارات الدولية المتعلقة بالحل والانتقال السياسي في سوريا وخاصة القرار 2254 .

سادساً – التمسك بالمجلس الوطني الكردي كممثل  للمشروع القومي في سوريا بقيادة الزعيم

الكردي مسعود بارزاني وضرورة تطويره وتعزيز دوره .

سابعاً– الانفتاح على كافة المشاريع الاندماجية والوحدوية ضمن المشروع القومي الكردي والوطني السوري .

لقد حاول تيار مستقبل كردستان خلال عمره القصير أن يحرر الوعي الكردي من اشكالياته الماضوية ، وان يساهم في خلق عقل نقدي يبدأ من الشك في تعامله مع الظواهر والأحداث ليصل إلى يقين يستند في مقولاته الى الفكر الديكارتي ومنجزات الحضارة الأوربية والإنسانية عامة , وهذا ما دفعه إلى أن يطرح مفهوم التقدم من زاوية حتميته التاريخية لأنه هدف كل اجتماع بشري , وانطلق في نضاله منذ التأسيس للإجابة على السؤال التالي : لماذا تأخر الكرد في بناء دولتهم القومية وكيف حقق الاخرون  ذلك؟؟؟.

تحية إلى أرواح شهداء تيار مستقبل كردستان مشعل التمو وانور حفتارو ومصطفى خليل.

تحية الى اعضاء التيار ، وخاصة المؤسسين ، والشهيدين الحيين  زاهدة رشكيلو ومارسيل مشعل التمو

وكل عام وشعبنا ووطنا بألف خير

تيار مستقبل كردستان سوريا

تيار مستقبل كردستان سوريا