هل تنضم تركيا إلى التحالف الدولي؟

بعد الاطمئنان على وصول الرهائن الاتراك لدى داعش بخير وسلامة إلى الأراضي التركية، وبعد فتح الحدود التركية أمام أكراد سوريا، لإعطائهم فرصة النجاة من بطش داعش، ها هي تركيا تعلن استعدادها للحاق بالتحالف الدولي لمحاربة “الدولة الإسلامية”.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، شدد على أن تركيا لعبت دوراً هاماً في الجانب الإنساني من مكافحة داعش، وفتحت أبوابها للأيزيديين الفارين منه بالعراق، وكذلك للأكراد السوريين، خلافاً لما تم تداوله بعد رفض تركيا السابق مشاركة التحالف في حربها على داعش لأسباب مستترة حتى اللحظة.
يظهر أن لا عوائق أو مخاوف تعتمر موقف تركيا الآن من المشاركة في التحالف الدولي، لكن لرئيسها أردوغان وجهة نظر أكثر عمقاً لنوعية الحرب على تنظيم كهذا فيقول: “إذا اكتفي بالهجمات الجوية في مقاربة الأمر، فلا يمكن القول بأن الأمر أحيط به بشكل كامل، الغارات الجوية هي أحد أبعاد هذا الجهد، هناك بعد على الأرض، وجانب استخباراتي، وبعد إنساني، يجب تناول كل هذه الأمور كوحدة متكاملة، إذا لم تجر مثل هذه المقاربة الشاملة، فلن يكون هذا الأمر قد تم”.
يرد أردوغان بحدة على الاتهامات التي تطال تركيا بأنها هي من سهلت دخول عناصر التنظيم إلى الاراضي السورية عبرها، وأنها لو كانت أشد حرصاً أو أكثر اهتماماً لما دخلت كل هذه الجماعات عن طريقها البري والجوي، فعزا ذلك إلى صعوبة السيطرة الكاملة على حدود جغرافياً، بين تركيا وسوريا، التي يبلغ طولها 1200 كيلومتر، مضيفاً أن حكومته قامت بكل ما تملك للإحاطة بهذه المشكلة ولم تقصّر مطلقاً. وقال” تمكنا من تحديد حوالي 6 آلاف شخص قدموا من بلدان مختلفة إلى تركيا، فأوقفنا بعضهم، وطردنا البعض الآخر، وحظرنا دخول آخرين إلى بلادنا، نحن نولي هذه القضية اهتمامنا”. ويشير دائماً إلى أن تركيا هي من أولى الدول التي أولت القضية السورية اهتماماً بعد ما ارتكبه الرئيس السوري بشار الأسد، بحق شعبه رداً على مطالبه بالحرية والكرامة.
ويلقي بشكل ساخر مسؤولية التراخي بقضية داعش على الرئيس الأميركي قائلاً: “كان من الأفضل لو وضع الرئيس الأميركي مخاوفه جانباً قبل سنتين ودعم الجيش السوري الحر؛ قبل أن تقع الأسلحة في يد النصرة وداعش. كان يتوجب حل هذه المسائل قبل 3 سنوات، وكذلك الوضع في العراق. حتى أن الأمر هناك أقدم من 3 سنوات. موقف المالكي لم يكن إيجابياً، لقد مارس القمع على العراقيين بشكل مستمر”.

وإلى الآن يكتنف الغموض فاعلية ونوعية مشاركة تركيا في الهجوم مع التحالف بعد دعوة وزير الخارجية الأميركية جون كيري، أنقرة، إلى المشاركة في الحرب على “داعش”، بعد انتهاء أزمة الرهائن، وقول كيري إن تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي، وأنها أعلنت عن التزامها خلال مؤتمرات عديدة بالمساعدة في الجهود لمحاربة التنظيم، بل وتعهدت بالمشاركة في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم “داعش”..وبعد الافراج عن 49 رهينة تركية “الآن نريد أفعالاً” يقول كيري.
من الواضح أن موقف تركيا غير مريح، وغير واضح، في كل ما يتعلق بقضايا المنطقة العربية. ولا يجب نسيان منافستها لإيران على الإمساك بزمام الأمور، حيث أنها تحاول الحفاظ على مسافة أمان مع “داعش”، وفي الوقت نفسه تشجع إقامة منطقة حظر جوي فوق الأراضي السورية الكردية، ما يعني أنها تنفي سرعة حل المسألة الكردية في عين العرب، كوباني، ومن جهة ثانية تتقاعس في دعم ضربات التحالف ظاهرياً وتتلقى ضغطاً أميركياً واضحاً بلزوم وفاعلية المشاركة للقضاء المزعوم على الارهاب، وهو أمر يقول أردوغان إنه سيبحثه مع أركان الحكومة التركية بعد عودته إلى أنقرة ليقدم موقف تركيا النهائي.

واشنطن