حادثة اختطاف الناشطتين الإيطاليتيين فانيسا مارزولو وغريتا راميلي، في ريف حلب، لم تكن الأولى من نوعها، لكن الجديد فيها أن الناشطتين قد جرى «بيعهما» منذ كانتا في بلادهما، إذ تولّى «ناشط» من أبناء بلدة الأبزمو التنسيق معهما لزيارة المنطقة. وتؤكد معلومات «الأخبار» أن «الناشط» اتفق مع «قائد المجلس الثوري» للبلدة على بيعه الناشطتين… ثم باعهما الأخير مرة ثانية!
صهيب عنجريني
في مطلع آب الماضي، ضجّت وسائل الإعلام بنبأ اختطاف الناشطتين الإيطاليتين فانيسا مارزولو (21 سنة) وغريتا راميلي (20 سنة)، في بلدة الأبزمو (ريف حلب الغربي). الرواية التي جرى تداولها أفادت حينها بأن الناشطتين «اختطفتا من منزل قائد المجلس الثوري في الأبزمو، حيث كانتا في ضيافته مع الصحافي دانييل رينيري، الذي تمكن من الهرب».
في حقيقة الأمر؛ فإن سرّ اختفاء الناشطتين الذي صُوِّر حتى الآن على أنه «حادثة اختطاف» لم يكن سوى عملية بيع، في ما يبدو أنه نوع جديد من أنواع الاتجار بالبشر. فالناشطتان بيعتا مرتين حتى الآن! وتؤكد معلومات حصلت عليها «الأخبار» أن مارزولو وراميلي، قد استُدرجتا للقدوم إلى سوريا بغية بيعهما فحسب. أحمد (اسم مستعار) أحد أبناء البلدة، سبق له أن قاتل في صفوف «لواء الأنصار»، الذي ينشط في المنطقة، قبل أن تضطرّه إصابةٌ في الكتف إلى «الاعتزال». يؤكد الرجل أنّ «كثيراً من الناس هنا يعرفون أنّ الحجي (في إشارة إلى قائد المجلس الثوري) كان في انتظار وصول فتاتين أوروبيتين إلى القرية، وقد اتفق سلفاً مع مستضيفهما على شرائهما منه». كلّ شيء كان مخططاً له بعناية، بما في ذلك توقيت وصول الضحيتين، خلال وجود معظم مسلحيها خارجها للمشاركة في «غزوة» في مدينة حلب. دخلت الفتاتان عبر معبر باب الهوى الحدودي، وتوجّهتا إلى البلدة، حيث كان أحد الشبان قد اتفق معهما على استضافتهما، ووصلتا رفقةَ الصحافي رينيري، ومرافق من أبناء المنطقة تولى مهمة إيصالهما مقابل مبلغ مالي مُتفق عليه. يرفض أحمد الكشف عن اسم الشاب المستضيف، مؤكداً في الوقت نفسه أنّه أحد «الناشطين اللي بيضلو كل الوقت على الانترنت». وكانت الناشطتان قد أنشأتا مؤسسة غير ربحية اسمها «حريتي»، وتنشط في مجال الرعاية الصحية. كذلك نشطتا منذ عام 2012 في مجال «دعم الثورة السورية» عبر تنظيم المعارض والتظاهرات في بلادهما.
مفاوضات جارية بين الخاطفين وروما ولكن الأخيرة تصرّ على سريتها ثم بدأتا التخطيط لتفعيل «مشروع الرعاية الصحية في سوريا»، الذي يتضمن توزيع معدات للإسعافات الأولية والطرود الغذائية في المنطقة الحدودية، إضافة إلى تدريب كوادر على الإسعافات الأولية في حالة الإصابات الطفيفة. ويبدو أنّهما قد تعرّفتا عبر الانترنت على أحد «ناشطي الثورة» في البلدة المذكورة، واتفقنا معه على القيام بزيارة إلى المنطقة، تمهيداً لبدء المشروع. يؤكد المصدر لـ«الأخبار» أن «الناشطتين والصحافي قد أقاموا أياماً عدّة في ضيافة الناشط، في بيت على أطراف البلدة قبل أن يتجهوا برفقته إلى منزل الحجي بمجرد عودة الأخير من المعركة». لا يمتلك المصدر معلومات عن أسباب إطلاق الصحافي الايطالي، لكن يمكن تخمين أن الهدف كانَ إشاعة نبأ اختطاف الناشطتين، تمهيداً لإثارة ضجة إعلامية تتوّج بإطلاقهما مقابل فدية. ويؤكد المصدر أن «المسلحين الذين جاؤوا لاصطحاب الناشطتين من منزل الحجي فعلوا ذلك بالتنسيق معه، وقد سددوا ثمنهما رشاشاتٍ وذخائر»، ويبدو أن حضور المسلحين بهذه الطريقة كان جزءاً من مخطط إظهار الأمر وكأنه عملية اختطاف حقيقية. لا يستطيع المصدر الجزم بتبعية المسلحين الذين اصطحبوا الناشطتين، لكنّ المجموعات المسلحة الحاضرة بقوة في المنطقة هي «لواء أمجاد الإسلام» و«لواء الأنصار» (يتبعان لجيش المجاهدين)، إضافة إلى «حركة أحرار الشام الإسلامية». وتعليقاً على الأنباء التي تداولتها بعض وسائل الإعلام الإيطالية خلال اليومين الماضيين، عن نية الخاطفين تسليم الناشطتين إلى «الدولة الإسلامية» يرى المصدر أنّ «هذا الأمر مستحيل على الأرجح، فكل المجموعات الناشطة في المنطقة تُعد في حالة حرب مع داعش». وربما كان القصد من ترويج هذه الأنباء التهويل، بغية الحصول على فدية أكبر. وتشير معلومات «الأخبار» من مصادر أخرى إلى أن «هناك مفاوضات جارية بين الخاطفين، والحكومة الإيطالية، لكن الأخيرة تصرّ على إحاطة هذه المفاوضات بسرية تامة، كما ان المفاوضات تجري عبر وسطاء، من بينهم عضو واحد على الأقل من أعضاء الائتلاف الوطني المعارض».
دارسة في مجالي «الوساطة اللغوية والثقافية، والأنشطة الدولية والمناهج متعددة الثقافات». تتقن العربية والإنكليزية، إضافة إلى لغتها الأم. متطوعة في منظمة الإغاثة الدولية منذ عام 2012، حيث اقتصر نشاطها في هذا السياق على الأزمة السورية.
غريتا راميلي
تجيد الإنكليزية والإسبانية والألمانية. متطوعة في منظمة الإغاثة الدولية في مجال نقل المرضى في حالات الطوارئ. في 2011 أمضت أربعة أشهر في زامبيا متطوعة في مراكز التغذية لمرضى الإيدز. في كانون الأول 2012 أمضت ثلاثة أسابيع في كالكوتا في الهند، حيث مارست العمل التطوعي مع جمعيات خيرية تبشيرية، تنشط في مجال تقديم المساعدة إلى سكان الأحياء الهندية الفقيرة.
الأخبار