عندما تعلق أغنية في رأسك من وقت لآخر، فإن هذا الأمر المزعج قد يكون مفيداً للغاية في الواقع، وفقا لدراسة حديثة.
وتشير الدراسة الجديدة من جامعة كاليفورنيا في ديفيس إلى أن هذه التجارب أكثر من مجرد مصدر إزعاج عابر، فهي تلعب دوراً مهماً في المساعدة على تكوين الذكريات، ليس فقط للأغنية، ولكن أيضاً لأحداث الحياة ذات الصلة مثل التسكع مع الأصدقاء.
وقال بيتر جاناتا، أستاذ علم النفس بجامعة كاليفورنيا في ديفيس، والمؤلف المشارك في الدراسة الجديدة: “عرف العلماء لبعض الوقت أن الموسيقى تستحضر ذكريات السيرة الذاتية، وأن هذه من بين التجارب العاطفية مع الموسيقى التي يعتز بها الناس كثيرا”.
وأضاف: “ما لم يتم فهمه حتى الآن هو كيف تتشكل هذه الذكريات في المقام الأول وكيف تصبح دائمة للغاية، بحيث أن مجرد سماع القليل من الأغنية يمكن أن يؤدي إلى تذكر قوي”.
وأوضح الخبراء، جاناتا وبنجامين كوبيت، باحث ما بعد الدكتوراه في علم الأعصاب الإدراكي، وكلاهما من قسم علم النفس بجامعة كاليفورنيا في ديفيس ، ومركز العقل والدماغ: “إعادة التشغيل الذهني العفوي للموسيقى يحسن الذاكرة لمعرفة الأحداث المرتبطة بالمصادفة”.
وقال المؤلفون إن هذه الدراسة الجديدة تقدم لمحة أولية عن هذه الآليات، وبشكل مفاجئ إلى حد ما، وجد أن الأغاني التي تعلق في رأسك تساعد في عملية تقوية الذكريات كما هي في البداية. وبالتالي، هذا هو البحث الأول الذي يربط بين ظاهرتين من أكثر الظواهر شيوعا التي يواجهها الناس مع الموسيقى، earworms (وجود أغنية عالقة في رأسك) والتذكر الذي تثيره الموسيقى.
وفي دراستهم الأخيرة، عمل الباحثون مع 25 إلى 31 شخصا مختلفا في كل تجربة من التجارب الثلاث، على مدار ثلاثة أيام مختلفة، متباعدة على مدى أسابيع.
واستمع الأشخاص في البداية إلى موسيقى غير مألوفة، ثم بعد أسبوع، استمعوا إلى الموسيقى مرة أخرى، وهذه المرة مقترنة بمقاطع أفلام غير مألوفة. وفي إحدى الحالات، تم تشغيل الأفلام دون موسيقى.
وطُلب من المشاركين في البحث، جميعهم من طلاب البكالوريوس والدراسات العليا في جامعة كاليفورنيا في ديفيس، بعد ذلك أن يتذكروا أكبر قدر ممكن من التفاصيل من كل فيلم مثل الموسيقى التي يتم تشغيلها. ووقع استجوابهم أيضا حول تذكرهم للألحان المرتبطة وعدد المرات التي جربوا فيها كل نغمة كـ earworms. ولم يحصل أي منهم على تدريب موسيقي رسمي.
ووجدت النتائج أنه كلما تم تشغيل اللحن في رأس الشخص، زادت دقة ذاكرة اللحن، والأهم من ذلك، زادت التفاصيل التي يتذكرها الشخص من القسم المحدد من الفيلم الذي تم إقران اللحن به.
ومع مرور أسبوع واحد فقط بين وقت مشاهدة الفيلم، وعندما طُلب منهم تذكر أكبر قدر ممكن من التفاصيل من الفيلم أثناء الاستماع إلى الموسيقى التصويرية للفيلم، كان تأثير تجربة نغمة من الموسيقى التصويرية مرارا وتكرارا حيث أدى وجود أغنية عالقة في الرأس إلى الاحتفاظ التام بتفاصيل الفيلم.
وفي الواقع، كانت ذكريات هؤلاء الأشخاص جيدة كما كانت عندما شاهدوا الفيلم لأول مرة. وبالإضافة إلى ذلك، كان معظم الأشخاص قادرين على الإبلاغ عما كانوا يفعلونه عادة عند ظهور earworms، ولم يذكر أي منهم الأفلام المرتبطة التي تتبادر إلى الذهن في تلك الأوقات.
وقال جاناتا: “تظهر ورقتنا أنه حتى لو كنت تعزف هذه الأغنية في ذهنك ولم تسحب تفاصيل الذكريات بشكل صريح، فإن ذلك سيساعد في ترسيخ تلك الذكريات”.
وأشار الخبراء إلى أنهم يأملون أن يؤدي البحث الجاري، في النهاية إلى تطوير تدخلات غير صيدلانية قائمة على الموسيقى لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من الخرف والاضطرابات العصبية الأخرى على تذكر الأحداث والأشخاص والمهام اليومية بشكل أفضل.