فوزة اليوسف
لقد تعرضنا، كأمة كردية، لكل أنواع التشرذم والتمزق نتيجة السياسات التي مورست علينا من قبل القوى المحتلة لكردستان والقوى الدولية التي عملت وبشكل دائم على تأجيج الصراع بين هذه الدول وبين الكرد لتستفيد هي من حالة التأزم هذه وتفرض أجنداتها عليهم وعلينا.
لأكثر من قرن أدت الاتفاقيات والمؤامرات الجائرة بحقنا وسياسة الصهر و الإنكار إلى فقداننا للكثير من الخصائص التي يجب أن نتحلى بها كأمة أو كشعب. اتفاقية “سايكس بيكو” وبعدها “لوزان” اللتان مزقتانا نحن الكرد ووضعتا الحدود والحواجز بيننا لم تقسما جسد كردستان فحسب بل مزقتا الشعور المشترك لدينا، وهو شعور الانتماء إلى الأمة الواحدة.
مع الزمن تم تطبيع التمزق الموجود ليتحول إلى حالة عادية، حيث قامت بعض الأحزاب الكردية بتعميق وتجذير حالة الانقسام في سبيل الحفاظ على بعض المنافع الحزبية والعائلية الضيقة، حتى أنهم في بعض الأحيان لم يترددوا في عقد اتفاقيات مع حكومات الدول التي تستعمر كردستان لكي تقوي من سلطتها، فاستعانت بدباباتهم ومدافعهم لكي تقضي على الطرف الكردي الآخر كما جرى في جنوب كردستان بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الكردستاني في عام ١٩٩٦ .
أكبر كارثة يمكن أن تحل على أمة ما هي إلا اأن تعمل ذاتيا على تجزئة كيانها أو أن تقوم بعض الأحزاب بهذا الدور الذي طالما أراد الأعداء تحقيقه. تاريخ كردستان في القرن الماضي وبداية القرن الحالي حافل بتجارب الحرب بين الأحزاب الكردية، جميعها أحدثت جروحا عميقة ومميتة في جسد شعبنا. و هذه الجروح مازالت تنزف ألما ووجعا في الكثير من البيوت و بين العوائل التي فقدت أولادها نتيجة لذلك.
نحن الآن أمام كارثة، ومؤامرة جديدة تستهدف مستقبل الأمة الكردية وهو إثارة الاقتتال الكردي- الكردي. إنها مؤامرة تركية بامتياز، فشلت تركيا في القضاء على القضية الكردية بيد داعش وفشلت فيما بعد في تحقيق ذلك من خلال المرتزقة، فلجأت اليوم إلى هذه المؤامرة الشنيعة.
إن زج الدولة التركية بالحزب الديمقراطي الكردستاني ضد حزب العمال الكردستاني في أي حرب محتملة هو اسم آخر من أسماء حرب الإبادة التي تشنها ضد شعبنا في الأجزاء الأربعة. فتركيا هي التي تسببت في أن يخسر الكرد كركوك، و هي التي دفعت بداعش إلى حدود هولير، وهي التي تدعم إيران في سياستها ضد كرد الجزء الشرقي من كردستان وهي من دفعت بداعش و كذلك مرتزقتها نحو روجآفاي كردستان، و هي تبيد شعبنا في شمال كردستان، فإذا كان كل ما سبق يفيد في شيء ما فهو أن تركيا هي العدو المشترك لكل الكرد دون استثناء. تركيا تريد أن تلقي بأعباء حربها ضد الكرد على الحزب الديمقراطي الكردستاني والمهمة التي من المفترض أن تنجزها بنفسها تحاول أن تكلف بها الحزب الديمقراطي الكردستاني، فينتهي الكرد بيد الكرد، سيدخل الأخوة في حرب طاحنة، خسائر جمة في الأرواح والأموال واستنزاف للطاقة الكردية، فيما تطل تركيا من بعيد سعيدة على أكوام أشلائنا وخسائرنا، فهدف تركيا الأزلي والنهائي هو عالم بدون أكراد، أو أقله عالم بدون أكراد لديهم قضية وطن مستلب، فهي تريد التخلص من الكرد بصرف النظر عن هويتهم الحزبية، فقرارها هو إبادة الكرد، ولا تتورع في سبيل ذلك في استخدام شتى الأساليب.
في الوقت الذي تحول فيه الكرد إلى قوة استراتيجية في المنطقة يأتي الوقوع في فخ هذه المؤامرة كأكبر جريمة بحق شعبنا، لأن هذه المؤامرة تستهدف وجودنا وهويتنا كشعب. تركيا تريد أن لا يكون للكرد مكان في الخارطة السياسية للشرق الأوسط الجديد الذي يتبلور رويدا، والسبيل إلى ذلك هو استنزاف قوتنا. لذلك علينا ككرد في الأجزاء الأربعة أن نوحد موقفنا حول المبادئ الوطنية المشتركة والتي هي على الشكل التالي:
– تحريم القتال الكردي – الكردي تحت أي ذريعة كانت.
– تحريم الاستعانة بقوة دولة مستعمرة لكردستان من قبل الأحزاب الكردية لمحاربة طرف كردي آخر.
– الهجوم على أي جزء من كردستان هوهجوم على كامل الشعب الكردي.
– تحريم عقد أي اتفاقيات من قبل الاحزاب الكردية مع القوى الخارجية ضد احزاب كردية اخرى.
– تقديم الكرد للدعم المادي والمعنوي فيما بينهم البعض في الأجزاء الأربعة.
هذه المبادئ يجب أن تكون خطوطا حمراء لا يجوز تجاوزها وعلينا جميعا أن نقف ضد من يقوم بانتهاكها.
النار التي تشعلها الدولة التركية بيننا ستحرق كل الكرد، إطفاء هذه النار واجب و طني مقدس لكل كردي أين ما كان.
نقلا عن صفحة “الفيسبوك” لعضو منسقية حركة المجتمع الديمقراطي (Tev_Dem) فوزة اليوسف.