أصبح عالم الفيسبوك الافتراضي واقعاً، يتأرجحُ ما بين اعتباطٍ معتمِدٍ على العبث في بث الآراء وحتى الإساءة إلى أفكار معينة ومابين واقعٍ منتَظَمٍ يبعث على الدفء والرضى لما يمكن لهذا الكائن الإلكتروني من إتاحة فرصةٍ للتواصل وتبادل الآراء فبعد أن كان النشر الإلكتروني والكتابة عبر لوحة المفاتيح المتجردة من كل إحساس أمراً مرفوضاً لدى العديد من الكتاب والشعراء والمثقفين بتنا اليوم وبعد ظهور الفيسبوك نجد الشعراء ينشرون عبر هذه المساحة الواسعة كل ما يجول في ذواتهم عبرَ سؤال الفيسبوك الدائم ” ما الذي يخطر في بالك ” وأصبح بالإمكان العثور على أي شاعر مهما بَعُدَ مكانهُ على هذه المساحة وتبادل أطراف الحديث معه، عبر هذه المسافة يكتب الشعراء كل ما يجول في خواطرهم لحظة التصفح والإطلاع .
نجد شاعراً قد عثر لنفسه وهو في عزلته على مساحة يصرخ فيها ويدلي بآرائه لأشخاص بعيدين قريبين .بعيدين بحكم المسافة وقريبين بحكم هذا الكائن المدعو فيسبوك، لكن والحالة هذه هل يمكن أن ننسى آراء بعض المثقفين منذ فترة ليست بعيدة ؟ ذلك الرأي الذي انتشر لفترة طويلةٍ جداً وهو رفض معظم الكتّاب والشعراء والمثقفين لفكرة الكتابة باستخدام لوحة المفاتيح المتجردة من كل إحساس وفق رأيهم.
وعدم تحمّل فكرة الإستغناء عن القلم والورقة البيضاء. في هذا السياق توجهنا بمجموعة أسئلة إلى العديد من الشعراء والمثقفين العرب حول فكرة انتشار استخدام الشعراء للفيسبوك … كانت الآراء مختلفة حول هذا الكائن الإلكتروني و”الطريف في الأمر أن الإجابات جُمِعَتْ بواسطة استخدام الفيسبوك ذاته”.
*الروائية السورية هيفاء بيطار: تفاعل وجداني عميق
يعني لي أن باب القفص الذي أعيش فيه أو بصراحة أكبر السجن الذي نعيش فيه قد فتح وسمح لنا بالتنزه للحظات كي نلتقي بعضا نحن الغرباء الاصدقاء جدا لأنه لا توجد حرية أكبر من الحريه مع الغرباء اللذين يصيرون أصدقاء بلا تحفظ ولا حدود بواسطة تلك الشاشة الحنونة وغير الخاضعة لرقيب نتبادل الاحاسيس ونختلف ونتفق،والبعض يشتم البعض والبعض يحذف البعض ولكن المهم هو هذا التفاعل الوجداني العميق بيننا كبشر يجمعنا شيء واحد مهما اختلفنا ألخصهُ بعبارة ونحن نحب الحياة اذا ما استطعنا اليها سبيلا.
*الشاعرة انتصار سليمان: لا علاقة له بفن الشعر
أعتقد أن هناك الكثير ممن يكتبون على صفحاتهم تحت عناوين مختلفة ولكنني أرى أنها لا تمتّ للشعر بشيء وهذا لا يعني أننا نرى ذلك في المجموعات الورقية أو الصفحات الثقافية ولكنها بصورة أقل بكثير من هذا الاستسهال المخيف فعلاً لتشويه الذائقة . ولا أستطيع أن أحكم على نسبة التشويه لأن الذائقة السليمة تصقل بالقراءة الجادة والمكثفة ونتيجة لتراكم الثقافات .
*الشاعرة والإعلامية اللبنانية زينة منصور: إعلام جديد تفوق على الاعلام القديم
الفيسبوك إعلام جديد تفوق على الاعلام القديم في تأثيره الجماهيري. الفيسبوك مساحة جديدة حرة من التعبير لكل الناس العاديين والمثقفين والسياسيين وهنا تكمن قوته وميزاته التفاضلية عن الاعلام القديم المؤسساتي .
هو إعلام فردي لجأ اليه المواطن بعد ان فقد ثقته بكل الوسائل الإعلامية المسيسة اوالمؤدلجة اوالممولة في خدمة اتجاه سياسي معين ولم يعد يثق بالمنابر الإعلامية الحزبية والطائفية والرسمية وجد نفسه بحاجة ان يسمع أصوات مواطنين مثله يتفاعل معهم ويدخل معهم في جدال حيوي ولحظي بعيدا عن القوالب الخبرية الثقيلة و المنزلة من غرف التحرير التابعة لجهات سياسية.
أعاد الفيسبوك للشعر وللكلمة المكتوبة حضورها بما تملك صفحاته من طابع تدويني يفسح المجال للشاعر او للكاتب باعتباره مدون ان ينشر خواطره او كتاباته باللحظة والدخول في تواصل فوري مع أصدقائه و قرائه.. و لاشك ان الفيسبوك ساهم في تنشيط حركة النشر وأعاد إحياء الأمسيات الشعرية التي أصبحت دعاواتها تنشر على الفيسبوك دون اللجوء الى الصحف او الدعوات الخاصة وتجد الصالة مزدحمة بالناس فوق العدد المتوقع ما يعني ان الناس كانت و ستبقى من عشاق الكلمة وتبحث عن العمق الفكري في كل شيء.
*الشاعرة اللبنانية ليلى عيد : خشبة مسرح
اتعاطى مع الفيسبوك كفسحة ممتعة ، كوسيلة للتواصل الاجتماعي بمعنى الاطلاع من شبكة الاصدقاء الذين هم على قائمة اصدقائي على نشاطاتهم الادبية بالأخص وعلى اخر نصوصهم النثرية او الشعرية، لآن هذا ما يهمني فقط على الفيسبوك..
اما في ما يتعلق بتجربتي الخاصة عندما أكتب ستايتوس ما أو انشر نصا معينا يكون الامر في كثير من الاحيان على رغم الفارق أشبه ما يكون بخشبة المسرح، حيث المؤدي يتفاعل مباشرة مع الحضور ومع التصفيق اما على صفحة الفايسبوك تتلقى ما يشبه هذا التفاعل بطريقة اللايكات او التعليقات..ويبقى على المتعاطي مع الفايسبوك دوما ان بحدد هو ماذا يريد والطريقة التي ترضيه..
*الشاعرة اللبنانية سوزان تلحوق : لا تربطني علاقة وثيقة بالفيسبوك
حقيقة وباختصار شديد كشاعرة لا تربطني علاقة وثيقة بالفيسبوك فبرأي أجمل ما في الشعر خصوصية اللحظة التي تلد فيها القصيدة، حينها نشعر بأننا اقتربنا من ذاتنا ومن نبضنا من دون ان نكترث لردة فعل أحد أو رأي أحد إنما نحن نمارس الشعر لأنه يحيينا ويقربنا من حقيقتنا.
مهم جدا رأي القارئ لكن بعد الولادة وخطير جدا برأي أن افكر بالقارئ وأنا أكتب عندها سيهرب الصدق والإحساس من بين كلماتي. أستعمل الفيس بوك للتواصل في عدة أمور لكنني نادرا ما أستعمله لعرض قصائدي وأخاف جدا ان يصل اليوم الذي أكتب فيه وأفكر بكم “لايك” ستاتي على هذه القصيدة فنحن مع كل يوم يمر نتوجه أكثر فأكثر الى خارج ذواتنا بدل حصول العكس، والشعر لا يختمر الا في الداخل حيث عتمة الإبداع وعمق الحقيقة.
*الشاعر السوري مروان خورشيد: يمكن التخلي عنه
كشاعر يمكنني ان اتخلى عنه لو ضمنت طريقة اخرى للتواصل الاجتماعي اليومي اسرع من الفيسبوك… لكن تحت ضغط الزمن وهذه المسافات بيننا أرى انه من المفضل ان اطل على هذه النافذة لأتأكد هل انني ما زلت حياً ..
*الشاعر السوري باسم سليمان: شفوية جديدة تحرر القراءة من وحدتها
الفيسبوك، شفوية جديدة !؟ يعيشها الشاعر بعدما بَعُد عن التلقي المباشر لنصه، فالحالات القليلة التي تقدمها المنابر،تظل بعيدة الجدوى لأسباب كثيرة؛ لكن مع الفيسبوك وعندما يضع نصّه ويتناوله الأصدقاء بالإعجاب أو التعليق وحتى النقاش، يعود للشاعر ذلك الألق القديم، حيث كان لكلمته قوة الكهانة والسحر.
شفوية جديدة تحرر القراءة من وحدتها التي تفرضها طبيعة النص المكتوب، وكأننا أمام لغة إشارة بدلاً من الصوت، إذ يدخل المتلقي بنسبة ما لمحترف الشاعر وخاصة عندما تكون الشذرة الشعرية وليدة اللحظة وهذا يذكرنا بطبيعة البيت الشعري الذي يكون رداً على قول أو وقوفاً على حادثاً وخاصة أن الحدث الذي يتعلق به النص موازياً له وساعد ذلك ما توافق على تسميته بشعر الومضة لأن الفيسبوك أو غيره من قنوات التواصل الالكترونية وخاصة التفاعلية لا تسمح بنص طويل.
انتقال المتلقي المفترَض من حالة ضبابية إلى حالة معينة، فالأصدقاء والمشتركين في تحديثات الشاعر عادة ما يكون له معرفة لا بأس بها بأكثرهم ومن هنا تتوافق التحاورية مع القارئ المفترض مع المتلقي المباشر للنص. يحقق له الدعاية والانتشار لنصه وخاصة مع الحالة المزرية الذي وصل لها انتشار الكتاب.
*الشاعرة والمترجمة السورية لينا شدود: عالم مواز نخلد إليه
ترددت قبل أن أدخل فضاء الفيسبوك. لم تكن تشغلني فكرة أن أكون من سكّانه، وأن أُعلِّق على حيطانه ما أريد، ولكن تلبيةً لرغبة أصدقاء كُثر، تجاهلتُ حذَري، ودخلت إلى هذا العالم المستفزّ، والمُثير إلى حدٍّ ما. ثمّة حوائط مفتوحة للجميع، منها الثري ومنها الهش العادي. حوائط أخرى قاتمة يلفّها الغموض، سريعاً سيُبعدك حدّسك عن كل ما هو مُلغّز بدعواتٍ غريبة، وأفكار لا تعنيك.
من أماكن ليست بالبعيدة عن مناخك، ستصلك أصوات جميلة، وهاءات ضاحكة، وربّما يكدِّرك صراخ من هنا وشتائم من هناك رفقة أنغامٍ شجية، وكل ذلك ستتجاوزه لتصل آمناً إلى إبداع يُغريك بالمتابعة. هو عالم موازٍ، نخلد إليه بعد أن نفرغ من حياة نعيشها في مدنٍ وبلدان منفصلة، رغبةً في فضاءٍ يوحّدنا، فنطير إليه بنجاحاتنا وانكساراتنا، لنخزّن فيه ذاكرة طريّة ضدّ لغة تواصل قديمة، باتَتْ عاجزة عن إرضائنا.
ربما يهنأ الكاتب في ظلِّه بصداقات غنية ولطيفة، قادرة أن تخفّف من حالة الاغتراب التي يعيشها الأديب في محيطه الحالي، إذ يمنحنا الفيسبوك مساحة لندون وبجرأة ما يشبه الصرخات المتقطّعة، ولو أنها مبحوحة..صرخات غير مُرحّب بها في أماكن النشر المعروفة.
*الشاعر السوري وفائي ليلا: الفيسبوك عالم ليس افتراضيا
ببساطة الفيسبوك عالم ليس افتراضيا كما يحب الكثيرين أن يطلقوا عليه كان ولا زال بالنسبة لي جزء من العالم الواقعي ، بكل تعقيداته ، و تناقضاته ، و تنوعه … بل فيه ما لا يسمح لك الواقع الحقيقي أن تحصل عليه بسهولة عبر الوصول إلى أنماط و أفكار و أشخاص وجماعات كان من المستحيل عليك أن تعرفهم أو تقترب منهم .. شعراء ، و ممثلين مشهورين ومغمورين ، وكتاب صحف وأشخاص اعتياديين تماماً وعاطلين عن العمل ربما … و موتورين متعصبين ، و سطحيين … كل الأنماط الانسانية والإجتماعية مطروحة ومتوفرة هنا في مدينة إلكترونية يسجل سكانها ملاحظاتهم و أفكارهم ، هواجسهم ، قلقهم ، سخافاتهم دون تحفظ وبتحفظ.
الفيسبوك نسخة من واقع نعيشه يلهب أيضاً مشاعرنا ، و يمنحنا الثقة أو ينزعها ، يعطينا فكرة عنا والآخر أو لنقل اختبارا لِمَ نكتب ، أو ندوّن ، أو نُدلي برأي أو قناعة أو فكرة . ولعل شدة واقعية هذا المنجز البشري الخطير يتمظهر فيما أفرزه من نتائج على واقع العالم العربي من أحداث وأفكار أدت إلى تغيير الإنسان العربي لمصيره و لمجتمعه ولقيمه قاطبة.
*الشاعرة السورية فرات إسبر: دهشة العالم
الفيسبوك دهشة العلم . روعته أن تجمع البشر من كل الجهات و الأطراف على صفحة واحدة، تتحدث معهم وأليهم وترافقهم في تصفح أخبار العالم وأحواله وحروبه ، هذا ميزة لابد من تقديرها لأهل العلم وأيضا هناك الكثير من المزايا .ولكن هناك مخاطر كثيرة يتعرض لها الأشخاص المتعاملين على الفيس سواء أكانوا رجالا أم نساء ،وحتى الاطفال يجب مراقبتهم وبحذر شديد.
على هذه الصفحة ترى الأعداء والأصدقاء. ترى النفوس المختبئة والمتنكرة بأسماء مستعارة، وبالمقابل يمكن أن تنشا صداقات وعلاقات انسانية رفيعة وتتعرف إلى اشخاص من مختلف الجنسيات، هذا بشكل عام.
بالنسبة لي على الصعيد الشخصي وخاصة في هذه المرحلة التي تمر بها سوريا اشعر بانه مقهى يشبه الروضة ، لا بد من أمر كل يوم واتتبع الاخبار من الموالين والمعارضين ومن المحبين والكارهين.
هو وسيلة لتلقي المعلومات والأخبار من الاصدقاء والأعداء، من أصدقاء الثورة واعدائها ،تراهم يشنون الحروب ويرمون الاتهامات. اليوم لا بد من أن اطل على هذا المقهى والقي نظرة إلى الجدران المضيئة بما في نفوس أصحابها.
* الشاعرة والصحفيَّة السورية سوزان إبراهيم : لكل جديد رهبة
كما” لكل جديد لذة” فإنّ لكل جديد رهبة، لأنه يغيّر إيقاع اعتياد، وقد يتطلب الأمر جرأة ما بهذه النسبة أو تلك. صحيح أن للورق دفأه وحميميته، وأن للقلم رتماً موسيقياً يهسهس به على الورق.. لكن الأمر بالنسبة لي يشكّل تغيير عادة، وكسر إيقاع رتيب. في كل الحالات إنه البياض الذي تقف أمامه مرتبكاً وقد استفزّ كوامن لغتك وروحك للعب على أرضه. شخصياً ومنذ وقت طويل هجرت الورق.
الفيسبوك فضاء وأبواب تُفتح، جسور تمتد بين هنا وهناك.. بين أنا وأنت, وبين نحن وهم… وجُلّ ما ينقص عالمنا اليوم هو الجسور- فلطالما بنى الإنسان الكثير من الجدران- إنه وسيلة نقل متطورة.
الفيسبوك وسيلة وأداة، وخيرها وشرّها لا يتحدد بذاته, بل بالمستخدم النهائي.. أي الإنسان. كأي اختراع يمكن أن يحمل وجهيه: الأبيض والأسود، ويبقى لنا الخيار. من خلال الفيسبوك تواصلت مع كثير من الأدباء والشخصيات التي كنت أود التواصل معها, وبنيت جسوراً مع أصدقاء على مساحة الوطن العربي.
*الروائية الفلسطينية إيناس عبد الله: حديقة خلفية للافكار
علاقتي بالفيسبوك أتت متأخرة قليلا عن الباقين، كعادتي حين اصاب بوسواس مضاد لكل ما هو جديد ومتكرر ومجمع عليه،لكن لوهلة احسست انني يجب ان اسبر غور هذا العالم،وجدته مزدحما،مقيتا وأحيانا فقط ممكن وصحيحا،ومفيدا،لكنني بكل الاحوال لا اعتبره بديلا عن الواقع،الواقع هو الحقيقة التي لن تهزها افتراضيتنا حتى ولو عدونا بخيالنا جامحين الى ابعاد،لم نطأها من قبل، رغم ذلك تشييد صورة مصغرة، او سكيتش عن الواقع، وتفصيل المجاز على مقاس الجوهر،لكي يتم تعديله فيما بعد ،شيء يمكننا ان نعتبره تمرينا مفيدا لا اكثر،بالنسبة لي كروائية، الفيسبوك هو حديقة خلفية للافكار، يمكننا ملازمتها كلما،اردت الابتعاد عن صخب الحي،واضطراب الشارع الفكري ، التواصل الان بشكله الميتافيزيقي اصبح صعبا ومعقدا بفعل تنامي شعور الفرد بالاغتراب، وهذا الاغتراب تحصيل حاصل للمدنية الحديثة ، وتطور ما يسمى بالمساحة الشخصية عند الافراد، والرغبة في العزلة وتقنين العلاقات،لذا هو يفي بالغرض، في عالم كلما اصبح قرية صغيرة،كلما صار يشبه ماكوندو، قرية ماركيز التي غرقت في قرن من العزلة، من صنع يديها!
* الشاعر الكردي السوري جوان نبي : أعاد للكتَّاب الجيدين بعض مجدهم
الفيسبوك أعاد للكتَّاب الجيدين بعض مجدهم وللأنوثة غرورها…هذا الكائن مكَّن من تصقيل تبادل الآراء عن طريق التواصل بين الاشخاص على اختلاف الآراء والأذواق المُحْتَمَلَة ومَكَّنَ التعرُّف على ما يجول في خاطر الشاعر أوالروائي أوأي شخصية كانت… مكننا الفيسبوك من التعرُّف على القراءات المتعددة لهؤلاء الشعراء والمثقفين ونوبات جنونهم وعقلانيتهم.
إعداد : جوان تتر / نقلاً عن المجلة العربيَّة/ السعودية