«لم أكن أعلم أن بعد يومين من احتسائنا القهوة معاً في منزل أحد الأصدقاء، أنه سيكون أحد الذين يهينون الكرد ويعتقل ابني وجاري»، بهذه العبارة بدأ محمد صوفي الملقب أبو فرهاد بسرد قصته مع أحد موظفي وزارة العدل في الحكومة السورية المؤقتة عندما كان قائدا لإحدى الكتائب المسلحة.
أبو فرهاد البالع من العمر 44 عاماً وهو عضو قيادي في حزب يكيتي الكردي في سوريا، منظمة تل أبيض بمحافظة الرقة، شمال شرقي سوريا، تعرض مع آلاف الكرد للتهجير القسري في 21 تموز يوليو من العام الماضي ويقيم حالياً في مدينة أورفا التركية، يقول لـ ARA News «كانت صدمة بالنسبة لي، هذا الرجل الذي كانت تجمعنا به علاقات جيدة بحكم اجتماعاتنا المتكررة وتشاركنا في المجلس المحلي في مدينة تل أبيض، عندما التقيت به على أحد الحواجز التي استوقفتنا داخل المدينة وحوله عناصره الملثمون ما عداه واعتقل ابني البالغ من العمر خمسة عشر عاماً وابن جاري 17 عاماً».
وذكر أبو فرهاد أن لجنة التحقيق الدولية نشرت في تقرير لها حول انتهاكات المجموعات المسلحة التابعة للمعارضة وجاء فيه «في 20 تموز/يوليه، اشتبك تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة وكتائب السخانة وصواعق الرحمن وكتائب مجاهدي ابن تيمية وأحرار الشام مع قوات وحدات حماية الشعب ‹YPG› التابعة لـ ‹الإدارة الذاتية› التي أعلنها حزب الاتحاد الديمقراطي ‹PYD› في مدينة تل أبيض بمحافظة الرقة، وعندما انسحبت قوات وحدات وحدات حماية الشعب في 21 تموز/يوليو، بثت الجماعات المسلحة أوامر في مساجد حي الجسر وحارة الليل وحي الشلال تطلب فيها من المدنيين الأكراد مغادرة البلدة أو التعرض لهجوم فوري، ففر آلاف المدنيين الأكراد بعد ذلك، واختُطف كثيرٌ منهم عند نقاط التفتيش التي تطوق المنطقة، ونهبت ممتلكات الفارين وأُحرقت».
ويضيف أبو فرهاد «ارتجلت من السيارة وذهبت إليه راجياً أن يطلق سراح الطفلين ولكنه دار ظهره لي وكأنه لا يعرفني»، مضيفاً، في الأثناء «ترجلت ابنتي هي الأخرى وحاولت أن تنقذ أخاها من يد الملثمين إلا أن عناصره أطلقوا عليها الرصاص كي تتراجع، الأمر الذي دفعني أن اسحب ابنتي من وسطهم واتجه إلى شارع فرعي».
كما أشار أبو فرهاد إلى أن تقرير لجنة التحقيق الدولية ومقرها سويسرا أشار في البند المتعلق بتهجير الكرد أن «تلك الأفعال تشير إلى وجود حملة منسقة ومخطط لها تستهدف تشريد المدنيين الأكراد قسراً، وتُبين الأساليب المتبعة والتهديدات بالعنف وما تلاها من عمليات الاختطاف تعمُّد تشريد السكان على أساس الهوية الاثنية، ويشكل ذلك السلوك جريمة الحرب المتمثلة في التشريد القسري».
يبتسم أبو فرهاد بصمت وكأنه يسترجع شريط الأحداث في مخيلته ومن ثم يقول، «لا بأس أطلقوا سراح ابني مع المئات من الشبان بعد أن أفرجت جبهة الأكراد عن الأمير أبو مصعب في اليوم ذاته، ولكن ما يضحكني أن ذاك الرجل وبعد أن شارك مع كل تلك الفصائل بتهجيرنا واعتقالنا، اتفاجأ بأنه توظّف في مكتب توثيق الانتهاكات في وزارة العدل التابعة لحكومة السورية المؤقتة». مضيفاً «في الأمس كان هو الجاني واليوم هو القاضي، وليس هناك جهة أقدم لها شكوى عن جريمته إلا هو، أقصد أنور كطاف الخضر!!!».
عن آرا نيوز