“إبادة جماعية”، وصف أطلقه تقرير نشره موقع “opendemocracy” على ما يجري للأكراد في شمال سوريا والعراق بسبب العمليات العسكرية التركية.
وكشف التقرير أن حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تتبع سياسة القضاء على من يعتقد أنها قوى مناهضة لأنقرة من أجل بناء الهوية القومية التركية المسلمة.
ويقول كاتب التقرير إن وعيا تشكل في تركيا منذ زمن، يرفض المجتمعات والقوى التي تشكل عقبة أمام بناء الهوية التركية. وكان ضياء كوك ألب، وهو عالم اجتماع قومي تري بارز، قد زعم أن فكرة إحياء الدولة التركية تتطلب بالفعل القضاء على عناصرها غير المسلمة. في إشارة إلى الأرمن والآشوريين واليونانيين واليهود.
ويضيف كاتب التقرير أن نظام أردوغان، الذي يتألف من تحالف إسلامي متطرف، يعمل على الحفاظ على تراث الأصول التركية للقضاء على ما يُنظر إليه على أنه قوى “خائنة” للهوية التركية.
ويشير التقرير إلى عمليات “غصن الزيتون”، و”مخلب الصقر”، و”مخلب النمر”، التركية العسكرية التي بدأت مطلع يناير 2018 تحت ذرائع مختلفة، ولكن القاسم المشترك بينها أن غالبية من يتعرضون للهجمات ويقتلون هم من الضحايا المدنيين وتحديدا من الأكراد، سواء في عفرين شمال سوريا، أو كوباني، وآخر الهجمات كانت تستهدف أكراد في مناطق شمال العراق والتي قتل فيها أيضا مدنيين من الإيزيدين سكان منطقة سنجار.
ووفق التقرير، تستهدف تركيا تصفية نشطاء سياسيين وصحفيين أكراد، كما حصل مع الأمينة العامة لحزب سوريا المستقبل هفرين خلف، والتي تختلف الروايات حول تصفيتها بين تفجير سيارتها أو اعتراض مركبتها وقتلها هي ومرافقيها في أكتوبر 2019 أثناء مرورها بالطريق الدولي الذي يربط حلب بالقامشلي.
وهذه العمليات تطلق عليها أنقرة مصطلح “تحييد”، وفق التقرير.
ورغم عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عما حدث للناشطة خلف، إلا أن أصابع الاتهام كانت تتجه نحو أنقرة والميلشيات التي تدعمها في الشمال السوري، خاصة وأنها كانت تنتقد التدخل التركي في سوريا.
ويشير التقرير إلى أن السجناء من أصول كردية هم الأكثر عددا بين المعتقلين السياسيين في تركيا. كما أن أنقرة سجنت كل صحفي أو سياسي في البلاد أبدى تعاطفه مع الأكراد. وأطاح أردوغان برؤساء بلديات أكراد في الأقاليم الجنوبية.
ويقول التقرير إن تركيا تستغل حالة عدم الاستقرار في الدول المجاورة لتحقيق أهدافها، بمهاجمة كل ما هو كردي في شمال العراق وسوريا، ناهيك عن دعمها للعديد من الميليشيات التي تقوم بعمليات ترهيب وتشريد وقتل واغتصاب في عدد من القرى خاصة في الشمال السوري.
وتبرر أنقرة هجماتها وتحاول إضفاء طابع الشرعية عليها، من خلال استهداف حزب العمال الكردستاني والذي تصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، ولكن هجماتها تنال أيضا من المدنيين.
وكانت تركيا قد اغتنمت في أكتوبر 2019 فرصة إعلان واشنطن نيتها سحب قواتها من مناطق في الشمال السوري، لتشن عملية جديدة ضد الأكراد، حيث سيطرت على شريط حدودي جديد بطول 120 كيلومترا بين مدينتي تل أبيض ورأس العين.
وفي 17 يونيو، شنت تركيا عملية “مخلب النمر” على مقاتلي حزب العمال الكردستاني الذي لديه قواعد ومعسكرات تدريب في كردستان العراق في مناطق عدة على الشريط الحدودي العراقي التركي، بدءا من بلدة زاخو مرورا بمنطقة الزاب في قضاء العمادية بشمال دهوك، وصولا إلى شمال أربيل في مناطق برادوست وخواكورك وسفح جبل قنديل الواقع بين محافظتي أربيل والسليمانية.
ورغم احتجاج السلطات العراقية، إلا أن أنقرة واصلت هجماتها هناك حيث قتل عدد من المدنيين. وتزامن الهجمات التركية مع أخرى نفذتها قوات إيرانية في الأراضي العراقية، وهو ما اعتبرته بغداد اعتداء على سيادة الدولة العراقية.
وهذه ليست المرة الأولى التي تشن فيها تركيا هجمات ضد حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي العراقية. فقد نفذت هجوما بريا في العام 2007، وآخر قبل نحو عامين تمكنت خلاله من تثبيت نقاط دائمة لها داخل الأراضي العراقية بعمق 30 كيلومترا.
المصدر: الحرة