قطع الطرق بالسوريين!

 

 

 

 

 

 

 

ربما أصبح من حق المساجين اللبنانيين المطالبة بطرد السوريين الذين يقاسمونهم الزنازين. فهذا العدد الهائل من المجرمين والسرّاقين، و”الإرهابيين”، الذين استفاقوا من الخلايا النائمة أفواجاً، ليس بمقدور المجرم حتى أن يتقبّلهم

منذ خمسة عشر يوماً، لا يمر يومٌ من دون أن يرد فيه خبرٌ عن مداهمات تحصل لأماكن تجمعات سوريين. عدد السوريين الذين تمت مداهمة منازلهم واعتقالهم، بلغ خلال تلك المدة فقط 62 شخصاً: 6 في بدبا وعابا وبصرما وكفرقاهل بقضاء الكورة، 13 في رأس الدكوانة والسلاف، 25 في بترومين ودده وفيع وقلحات بالكورة، 10 في زغرتا، 8 في بطرام وبشمزين وكفرقاهل بالكورة، إضافة إلى حالات دهم أخرى لم تذكر أعداد الموقوفين خلالها، وكل الأرقام منشورة في “الوكالة الوطنية للإعلام”.

أليس هذا الرقم مقلقاً؟ والتهمة الموجهة إلى كل أولئك: نازحون مشبوهون. هل يمكننا السؤال عنهم؟ لا، بالطبع. من يمكنه مساعدتنا في متابعة قضيتهم؟ لا أحد. فهم متروكون، وأصلاً أصبحوا كثرا. أكثر من كل الخيبات التي منيوا بها. فسفارة بلادهم في بيروت هي فرع أمن بصفة دبلوماسية ولا يمكن الاقتراب منها.

العارف بحال أولئك، يستحي أن يحمّلهم مسؤولية الأمن في لبنان، لأن البلاد تسبقها سمعتها في الأمن والأمان اللذين تعيشهما تحت أجنحة حافظيها السياسية والعسكرية و”الثقافية – العنصرية”. ولا أدل على ذلك أكثر من الصور المفزعة التي تباهى أصحابها، اللبنانيون، بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يسلخون جلد مجموعة من السوريين بالسوط والسيف في الضاحية الجنوبية لبيروت.

لا مجال لتعداد تلك الصور، لكن، صورتان، على الأقل، لا يمكن محوهما بسهولة. الأولى، هي قطع الطريق بسورييَن مكبلين، بجبنٍ، في بعلبك، كاستمرار لتداعيات أزمة الأسرى من الجيش لدى “الدولة الإسلامية” التي باتت تحكم ثلث سوريا بحد السيف. هل، مثلاً، انقطعت الإطارات من لبنان؟ على اعتبار أن قطع الطرق بالإطارات المشتعلة، أقصى درجات الاحتجاج، فضلاً عن أنه طقسٌ لبناني، “دوّيم”. أم أن لا فرق بين السوري و”دولاب السيارة”؟ بل أن السوري أرخص، ولا يُدفع أي مقابل للحصول عليه، وقطع الطريق به؟!

 

والصورة الثانية، هي ذلك الشاب، اللبناني، الذي، لشدّة دماثته، احتجز ثلاثة أطفال سوريين، وآثر إلا أن يمزح معهم ويخيّرهم انتخاب أحدهم ليقطع رأسه، أو أصابعه، ثم وصل الجنون به حد سؤالهم إن كانوا من “داعش”! وفوق كل ذلك، اكتفى الإعلام اللبناني بسلب جنسية الأطفال، وعنون الخبر على “أم تي في”: رجل يهدد 3 أطفال بقطع رؤوسهم، وعلى “ال بي سي”: بالفيديو…هدد 3 أطفال بالذبح فوقع بقبضة قوى الأمن. وهنا لا بد من التذكير أنه في كلّ فيديو، صورة، وحادثة، عندما نقول إن الشاب في هذه الصورة، أو تلك سوري؛ نُواجه بسؤال، ما الدليل؟

مؤخراً برزت أصوات من مناصري الثورة السورية، من المخلصين اللبنانيين لها، تعترض على شتم لبنان، واللبنانيين، من قبل سوريين. هذا السلوك- الشتم- لم يقبل به السوريون أنفسهم، بدليل أنهم أثنوا على تلك “الستاتوسات”، ومن غير العدل حسبان ذلك نقطة على السوريين في “فايسبوك”، مقابل المشاهد الأخرى التي تحصل مع السوريين في الشوارع! لكن هل يمكن فعل شيء آخر غير البيانات، أو نشر المقالات في الصحف والمواقع الإلكترونية؟

إلى أبو حسين، جاري، السوري، الذي تمت مداهمة منزله، يقولون إن هذا الشتاء سيأتي باكراً، سيكون بارداً لا شك. لكن ما لم أتوقعه أنني سأقضيه وحدي. مدينٌ لك باعتذار أنني لم أستطع فعل شيء لحظة تقييدك وحشرك في “طبون” السيارة، أو منعهم من سرقة 4 علب دخان من “فاتيرينا” تلفازك.

عن صحيفة المدن الإلكترونية

 

ربما أصبح من حق المساجين اللبنانيين المطالبة بطرد السوريين الذين يقاسمونهم الزنازين. فهذا العدد الهائل من المجرمين والسرّاقين، و”الإرهابيين”، الذين استفاقوا من الخلايا النائمة أفواجاً، ليس بمقدور المجرم حتى أن يتقبّلهم.

منذ خمسة عشر يوماً، لا يمر يومٌ من دون أن يرد فيه خبرٌ عن مداهمات تحصل لأماكن تجمعات سوريين. عدد السوريين الذين تمت مداهمة منازلهم واعتقالهم، بلغ خلال تلك المدة فقط 62 شخصاً: 6 في بدبا وعابا وبصرما وكفرقاهل بقضاء الكورة، 13 في رأس الدكوانة والسلاف، 25 في بترومين ودده وفيع وقلحات بالكورة، 10 في زغرتا، 8 في بطرام وبشمزين وكفرقاهل بالكورة، إضافة إلى حالات دهم أخرى لم تذكر أعداد الموقوفين خلالها، وكل الأرقام منشورة في “الوكالة الوطنية للإعلام”.

أليس هذا الرقم مقلقاً؟ والتهمة الموجهة إلى كل أولئك: نازحون مشبوهون. هل يمكننا السؤال عنهم؟ لا، بالطبع. من يمكنه مساعدتنا في متابعة قضيتهم؟ لا أحد. فهم متروكون، وأصلاً أصبحوا كثرا. أكثر من كل الخيبات التي منيوا بها. فسفارة بلادهم في بيروت هي فرع أمن بصفة دبلوماسية ولا يمكن الاقتراب منها.

العارف بحال أولئك، يستحي أن يحمّلهم مسؤولية الأمن في لبنان، لأن البلاد تسبقها سمعتها في الأمن والأمان اللذين تعيشهما تحت أجنحة حافظيها السياسية والعسكرية و”الثقافية – العنصرية”. ولا أدل على ذلك أكثر من الصور المفزعة التي تباهى أصحابها، اللبنانيون، بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يسلخون جلد مجموعة من السوريين بالسوط والسيف في الضاحية الجنوبية لبيروت.

 

لا مجال لتعداد تلك الصور، لكن، صورتان، على الأقل، لا يمكن محوهما بسهولة. الأولى، هي قطع الطريق بسورييَن مكبلين، بجبنٍ، في بعلبك، كاستمرار لتداعيات أزمة الأسرى من الجيش لدى “الدولة الإسلامية” التي باتت تحكم ثلث سوريا بحد السيف. هل، مثلاً، انقطعت الإطارات من لبنان؟ على اعتبار أن قطع الطرق بالإطارات المشتعلة، أقصى درجات الاحتجاج، فضلاً عن أنه طقسٌ لبناني، “دوّيم”. أم أن لا فرق بين السوري و”دولاب السيارة”؟ بل أن السوري أرخص، ولا يُدفع أي مقابل للحصول عليه، وقطع الطريق به؟!

 

والصورة الثانية، هي ذلك الشاب، اللبناني، الذي، لشدّة دماثته، احتجز ثلاثة أطفال سوريين، وآثر إلا أن يمزح معهم ويخيّرهم انتخاب أحدهم ليقطع رأسه، أو أصابعه، ثم وصل الجنون به حد سؤالهم إن كانوا من “داعش”! وفوق كل ذلك، اكتفى الإعلام اللبناني بسلب جنسية الأطفال، وعنون الخبر على “أم تي في”: رجل يهدد 3 أطفال بقطع رؤوسهم، وعلى “ال بي سي”: بالفيديو…هدد 3 أطفال بالذبح فوقع بقبضة قوى الأمن. وهنا لا بد من التذكير أنه في كلّ فيديو، صورة، وحادثة، عندما نقول إن الشاب في هذه الصورة، أو تلك سوري؛ نُواجه بسؤال، ما الدليل؟

مؤخراً برزت أصوات من مناصري الثورة السورية، من المخلصين اللبنانيين لها، تعترض على شتم لبنان، واللبنانيين، من قبل سوريين. هذا السلوك- الشتم- لم يقبل به السوريون أنفسهم، بدليل أنهم أثنوا على تلك “الستاتوسات”، ومن غير العدل حسبان ذلك نقطة على السوريين في “فايسبوك”، مقابل المشاهد الأخرى التي تحصل مع السوريين في الشوارع! لكن هل يمكن فعل شيء آخر غير البيانات، أو نشر المقالات في الصحف والمواقع الإلكترونية؟

إلى أبو حسين، جاري، السوري، الذي تمت مداهمة منزله، يقولون إن هذا الشتاء سيأتي باكراً، سيكون بارداً لا شك. لكن ما لم أتوقعه أنني سأقضيه وحدي. مدينٌ لك باعتذار أنني لم أستطع فعل شيء لحظة تقييدك وحشرك في “طبون” السيارة، أو منعهم من سرقة 4 علب دخان من “فاتيرينا” تلفازك.

– See more at: http://www.almodon.com/society/cfca9843-5e10-44af-94c2-df32e4a20379#sthash.ITgC7Roe.dpuf