لم يمنعهم الحزن من نسج خيوط الفرح …”لعلّها تعود فتغمر الوطن جديد”
تعدّت الأزمة السوريّة التي ألقت بظلِّها على مجمل القطاعات, إلى العديد من العادات والتقاليد الاجتماعيّة المرتبطة بطقوس الزواج, والتي أدّت إلى عزوف الشباب عن الزواج وتفضيل السفر والهجرة على البقاء والاستقرار في البلد بسبب الظروف الأمنيّة والاقتصاديّة, فإذا كان العزوف هو ردُّ فعل لدى بعض الشباب فإنّ التأجيل هو الاحتمال الأقلُّ وطأةً على نفس العروسين.
دانيش وميديا, قررا أخيراً إقامة حفل زفافهما إيماناً منهما بأنّ الحياة مستمّرة رغم كل الظروف, بعد تأجيلٍ دام سنة على أمل أن تتّحسن الأوضاع.
دانيش : قررننا كسر حاجز الخوف الذي بقي لفترة طويلة مخيم على الجو العام في منطقتنا, خاصة تلك المرتبطة بإقامة حفلات الزفاف, نتيجة الأوضاع الأمنيّة. أحببت أن يكون حفل زفافي أكثر من مناسبة خاصة بالأهل والأشخاص المقرّبين من العائلة بحكم الظروف التي فرضتها الأزمة, فقررت أجمع فيها أيضاً كل من الأحباب والأصدقاء وجميع الأطياف في قامشلو, أحببت أن نكسر حاجز الخوف ونبرهن للدنيا أن الناس في قامشلو من كرد وعرب وسريان بخير وقلب واحد, والحزن لن يمنعهم من نسج خيوط الفرح علّها تعود فتغمر ربوع الوطن من جديد.
كانت هناك آراء متباينة حول هذه الحالة الاجتماعية الخاصة من الحضور ومن الشارع
الحضور:
الإعلامي دليل سليمان: رأى بأنّ الطقوس المرتبطة بحفلات القِران والزفاف تُعدّ جزءً من الثقافة والتراث الكرديّ وبأنّه بمثابة ملتقى للجميع. كنّا نعود سابقاً منهمكين من العمل و نأتي في آخر الليل لنحضر عرساً أو حفلةً ما, لكنّ في هذه الأيام الأعراس مرتبطة بالأوضاع في سوريّا بشكل عام و بالأوضاع الراهنة في المنطقة الكرديّة بشكلٍ خاصٍ, إذا قارننا بين الأعراس في هذه الأيام و بين الأعراس في السنوات الماضية نجد اختلافاً واضحاً، هذا بالتزامن مع الأوضاع الراهنة التي نعيشها, فلم نعد نشعر بتلك الفرحة و البهجة التي كانت تغمرنا عند حضور الأعراس لأنّ أغلب الناس هنا فقدوا أناساً أعزاء على قلوبهم و كلّ يوم يزفّ لنا خبر استشهاد هذا و ذاك, و الهجرة أيضاً لها تأثير فأغلبهم غير موجودين هنا”.
الحالة الماديّة أيضاً لها تأثير بالتزامن مع الأوضاع المعيشيّة الصعبة, بالرغم من هذا نجد بأنّ حفلات الأعراس تُقام و بكثرة, يوجد الحزن و الفرح في كلّ مكان كما اللون الأبيض و الأسود, و الفرح ضروري كي يعيش الإنسان على وجه هذه الأرض”.
رشو – طالب حقوق: الفرق كبير بين الأعراس في أيامنا و بين الأعراس في السنوات الماضيّة ففي السابق لم يكن هناك ثورة و لا شهداء و كان الجميع بخير و يحضرون الأعراس بكل سرور, أمّا الآن تغيّر الزمن ففي كلّ يوم نفقد أعزاءً على قلوبنا، يستشهدون و يرحلون و يتركون بصماتٍ من الحزن والألم في حياتنا, بذلك تفقد الحياة بهجتها أي ليس كما كنّا في السابق” .
الدكتور عدنان أوصمان:” في هذه الأيام الأعراس تختلف عن الأعراس السابقة فلا يوجد هناك بيت إلاّ واستشهد منهم أو لديهم مريض أو مفقود، بات الحزن والأسى سحابة لا ترضى أن تغادر سمائنا, وأيضاً أغلب الشعب مهاجر و مازال يهاجر, مع هذا تُقام الأعراس لكن لم تحمل في طياتها تلك الفرحة التي كنّا نشعر بها في السنوات السابقة عند إقامة الأعراس”.
سلام إسماعيل :”العرس أصبح فقط أداء واجب لا غير, تقام الأعراس هذا صحيح لكن كلّه تمثيل، فلا يوجد فرحة كما كنّا في أعراسنا السابقة، بسبب الأوضاع السيئة و الظروف الراهنة, المهر أصبح صيغة شكليّة رمزيّة فقط و لم يعد يكفي ليلبي حاجات العروس”.
“آراء الشارع”
حميد: الأعراس في السنوات الماضيّة كانت بمثابة مهرجان يتمّ التحضير له بشكل كبير والفتيات تتزينَّوتلبسن أجمل ما عندهنّ, كان العرس معرضاً للزواج فالشباب يلتقون بالفتيات ويعجبون ببعضهم البعض, فكنّا نشهد بعد كل حفلة عرس خطبة ثلاث فتيات على الأقل, كانت الأوضاع جيدة في السابق فالناس كانوا يأتون من قامشلو وعامودا والدرباسية و يلتقون في حفلة العرس, أما في هذه الأيام فلا نرى في العرس أكثر من خمسة شباب أو لا نراهم أبداً، فمنهم من سافر إلى كردستان ومنهم إلى تركيا ومنهم سافر إلى أوروبا، والظروف الاقتصاديّة والأمنيّة المقيتة أيضأ تلعب دوراً أساسياً هنا”.
تقرير : آرينو بالو