فوزة اليوسف
كل المؤشرات تدل على أنه بدءا من شهر حزيران ستدخل أزمة سوريا مرحلة جديدة بعد أن يجد قانون قيصر طريقه إلى التنفيذ، وسيكون تأثير القانون كبيرا إلى درجة أنه يمكن أن يقلب موازين القوة رأسا على عقب ويمكن أن يكون بداية لنهاية مرحلة والبدء بمرحلة جديدة من الصراع.
يبدو أن الحرب الدائرة في سوريا كما في المنطقة بشكل عام ستأخذ طابعا اقتصاديا، بحيث تنهار الدول والأنظمة ليس عن طريق التدخلات العسكرية بل عن طريق العقوبات الاقتصادية المؤلمة والتي يمكن أن تكون أشد فتكا من أي شكل من أشكال التدخل العسكري.
من دون شك، قانون قيصر لن يؤثر على دمشق فقط بل سيكون له تأثير على كل سوريا وحتى على دول الجوار أيضا؛ لأن معاقبة دولة ما يستتبع تلقائيا معاقبة أي دولة تتعامل معها وهذا يوسع من دائرة العقاب المفروض.
مع أن العقوبات هي عقوبات اقتصادية، ستتجاوز تداعياتها البعد الاقتصادي إلى الأبعاد السياسية والاجتماعية والعسكرية وسيكون تأثير ذلك كبيرا على كل القوى الفاعلة في سوريا.
أود و باختصار أن أذكر هنا بعض من هذه التداعيات:
– دمشق ستبقى أمام خيارين، إما الحل والتخلص من هذا الخناق وإما أن تعيش تجربة بغداد عندما تم معاقبة صدام في التسعينات فانهكت قوته ليتم الإطاحة به في ٢٠٠٣ ، كان يمكن تجنب هذه العقوبات من قبل النظام بتطوير حل ديمقراطي، لكن التهرُّب من التفاوض سواء في جنيف أو في الشام فتح الطريق أمام تطبيق قانون قيصر الذي كان ساطعا بأن أمريكا ستقوم بفرضه.
بحسب تصريحات النظام يبدو أن الموقف التقليدي أو المعتاد في المنطقة سيتم سلكه من قبل النظام السوري أيضا، ولا توجد أي إشارة إلى أنه سيغير من مقارباته السقيمة للقضايا العالقة، لذلك سيتم السير في نفس الدوامة التي عاشتها بغداد.
– الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا ستكون أمام امتحان جديد، وهو إلى أية درجة ستستطيع أن تنأى بنفسها عن تداعيات قانون قيصر.
لقد نجحت الإدارة الذاتية في مواجهة عدة محن في الفترة السابقة منها تفوقها على داعش، و قدرتها على التعامل مع جائحة كورونا، والمحافظة على نفسها بالرغم من الهجوم الشرس من قبل تركيا ومرتزقتها، و نظرا إلى وجود كل المواد الأولية الضرورية للحياة في شمال وشرق سوريا من محاصيل زراعية استراتيجية، سدود، نفط، خضروات أرى بأن الإدارة الذاتية قادرة على أن تنظم وضعها الاقتصادي بشكل أفضل قياسا مع المناطق الأخرى في سوريا، و إذا ما قامت بتنظيم السوق الاستهلاكية بشكل جيد بحيث تسيطر على الغلاء الفاحش وتطور مشاريع تؤمن حاجات المنطقة داخليا، يمكن أن تخرج الإدارة الذاتية بأقل الخسائر في هذه الفترة.
بالرغم من الخطاب السلبي من قبل إعلام المنطقة والذي يميل أحيانا إلى حرب نفسية ذاتية نمارسها دون أن نعي، والتركيز الدائم على المشكلة دون التركيز على طرق الحل أو الحث على التفكير في كيفية مواجهة هذه المرحلة العصيبة، إلا أنني متفائلة، وحسب متابعتي لنقاشات ومواقف الإدارة الذاتية لحد الآن أرى أنها ستقوم بتحقيق خطوات جادة في هذا الصدد بالرغم من تجربتها الوليدة. لذلك من المهم جدا أن نعمل معا من أجل ايجاد أساليب ووسائل جادة وخلّاقة لتجنُّب التأثر بشكل أكثر بتطبيق هذا القانون.
يقال:” بأن إشعال شمعة أفضل من أن تشتم الظلام دون جدوى”.
طبعا هناك تداعيات أخرى يمكن أن نتوقف عندها في الأيام القادمة لأن قانون قيصر هذا سيتم مناقشته مطولا والحديث عنه لن ينتهي بسرعة.
نقلا عن صفحة “الفيسبوك” لعضو منسقية حركة المجتمع الديمقراطي (Tev_Dem) فوزة اليوسف