أكرم حسين
إذ كانت محاولات الإدارة الذاتية للتحكم وضبط عدم دخول فيروس كورونا إلى مناطقنا أو الحد من انتشار المرض عبر اتخاذ بعض الإجراءات والتدابير الوقائية قد تم الالتزام بها من قبل المواطنين إلى حد كبير، وهي محل ترحيب وتقدير، رغم أنه لا شيء يضمن نجاحها في ذلك، وقد تواجه في حال ظهور المرض أو انتشاره وقوع كارثة، بسبب ضعف الإمكانيات وعدم تقديم المنظمات الصحية والإنسانية المساعدات والمستلزمات الطبية اللازمة، رغم وجود العديد من المخيمات والتي تحتوي أعداداً كبيرةً من معتقلي المجموعات المتطرفة وعائلاتهم، فدول متقدمة مثل إيطاليا واسبانيا وأمريكا وفرنسا …الخ فشلت حتى الآن من السيطرة على انتشار المرض، والتحكم بهذا الوباء القاتل.
إذاً الهدف من كل الإجراءات المتخذة هو حماية أرواح الناس وعدم حصول كوارث أو مآسي إنسانية غير معروفة النتائج وليس شيئاً آخر.
لكن تطبيق واستنساخ قوانين حرفية من الغرب ذو إمكانيات مادية وخبرات علمية وطبية ويقدم الدعم المالي اللازم لجميع أفراد المجتمع في فترة الحجر المنزلي قد يكون صعبا على هذه الإدارة ، وسيتسبب في مزيد من معاناة المواطن الروجآفاي.
إن فرض قوانين صارمة لمنع الحركة واعتقال أو تغريم من يخرق هذه الإجراءات بشكل جامد دون مراعاة حاجات الناس الأساسية، وسبل عيشهم، سيخلق نوع من الإدارة الاستبدادية، إدارة تتحكم في نمط تفكير الناس، وطريقة حياتهم، فالقرارات التي تقتضي بإغلاق محلات الأغذية في الساعة الثانية عشرة ظهراً، واعتقال كل من يخرج بعد هذا الوقت أو تغريمه مالياً لا يصب في إطار الإجراءات الوقائية أو منع انتشار المرض خاصة، وإننا لم نشهد أية إصابات. بل في فرض استبداد من نمط معين سيتحكم بعادات البشر وسلوكهم حتى بعد انتهاء إجراءات العزل.
لا أحد يرغب في أن ينتشر أو يصاب بهذا الوباء الخطير، لكن رغبة الناس واستمرارهم بالحياة يجب أن تكون هي الأولوية، لأنها الأقوى، فتطبيق الإجراءات وتدابير الوقاية بطريقة سلسة ومرنة، وتعميمها على كل الجهات المعنية بحيث لا تؤدي إلى توقف أساسيات الحياة ومستلزمات العيش هي الأصل في اتخاذ هكذا تدابير، ويمكن التركيز على الجانب التوعوي من خلال منظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام المختلفة، وتأمين الحد الادنى من الحياة إلى حين انتهاء الجائحة سيكون تجسيدا حقيقياً للقرارات الصادرة والأهداف المتوخاة بطريقة طوعية وذكية.
لا شك أن إغلاق حدود روجآفا إغلاقاً تاماً على كافة الصعد البشرية والاقتصادية، ومنع دخول أي كان إليها هي خطوة أساسية في عدم انتقال المرض وانتشاره، وخاصة أننا لم نسمع حتى الآن بوقوع حالة واحدة في المنطقة.
هل فرض هذه الإجراءات من اعتقال وغرامة وحجز للمركبات بهذا الشكل القاسي – مع وجود الاستثناءات – هو تأكيد على ضرورة امتثال الناس للسلطة القائمة وخاصة الذين كانوا في فترة ما غير مضطرين للإعجاب بها، وبواقعها، ويمتلكون موقف نقدي تجاهها؟!.
آمل أن يخلف هذا الوباء تداعيات مجتمعية في سلوكنا وعاداتنا على أساس أن الخطر لا يستثني أحداً، وبالتالي ضرورة التكاتف والتعاضد والتوحد على إساس إنساني دون الهويات الضيقة.
أكتب هذا النص رغم إدراكي بأنه لن يكون له أي تأثير مباشر على آلية تطبيق القرارات الصادرة بطريقة مرنة أو تعديلها، فالوهم الذي يمتلكه بعضنا عن دور المثقف ووظيفة الكتابة في تغيير الواقع، أصبح في زمننا الحالي، عبارة عن خداع، لأن المثقف يحمَّل مسؤولية تغييرية لا يستطيع أدائها أوالقيام بها، في ظل غياب الديمقراطية، وسيطرة الأنظمة الشمولية والاستبدادية، ويبقى المثقف فرداً في أحسن الأحوال.
نقلا عن صفحة السياسي أكرم حسين “الفيسبوك”