أمر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خفر السواحل في بلاده بمنع المهاجرين من عبور بحر إيجه، في وقت اندلعت صدامات جديدة السبت بين هؤلاء وعناصر شرطة الحدود اليونانيين.
واحتشد آلاف المهاجرين عند الحدود البرية مع اليونان بعدما قال أردوغان الأسبوع الماضي إن تركيا لن تمنع المهاجرين من التوجّه لأراضي الاتحاد الأوروبي، ما تسبب باندلاع أعمال عنف وتصاعد حدة التوتر بين أنقرة وبروكسل.
وأفاد خفر السواحل الاتراك في تغريدة الجمعة أنه “بأمر من الرئيس (…) لن يُعطى أي إذن للمهاجرين بعبور بحر إيجه بسبب ما يتضمنه ذلك من مخاطر”.
لكنهم أضافوا أن سياسة تركيا المتمثّلة بالسماح للاجئين بالتوجّه إلى أوروبا ما زالت على حالها وأن الأمر مرتبط فقط بالمعابر البحرية.
ووصل أكثر من 1700 مهاجر من تركيا إلى ليسبوس وأربع جزر أخرى في بحر إيجه خلال الأسبوع الفائت.
وتبادلت تركيا والاتحاد الأوروبي الاتهامات بينما طالبت أنقرة بروكسل بتطبيق بنود اتفاق الهجرة الذي أبرم سنة 2016 في حين أشار التكتل إلى أن الأتراك يستخدمون المهاجرين كورقة ضغط سياسي.
وأفادت الرئاسة التركية أن أردوغان سيتوجّه إلى بلجيكا حيث مقر الاتحاد الأوروبي لزيارة تستمر ليوم واحد الاثنين، بدون إعطاء تفاصيل إضافية.
وخلال مواجهة استمرت لساعات السبت، استخدمت الشرطة اليونانية الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه ضد المهاجرين الذين حاولوا كسر الحواجز في محافظة أدرنة الحدودية، بحسب مراسلي فرانس برس في المكان.
وفي وقت لاحق السبت، تبادل المسؤولون اليونانيون والأتراك حربا كلامية.
وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو إن رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس “لن يكون بإمكانه السيطرة على الحدود” مع تحسّن أحوال الطقس، مضيفا أن منسوب نهر ميريش (إيفروس في الجانب اليوناني) انخفض إلى 40 حتى 45 سنتم في بعض المناطق.
من جانبه، قال المتحدث باسم الحكومة اليونانية ستيليوس بيتساس لقناة “أوبن تي في” إنه تم تهديد الناس “للصعود على متن حافلات باتّجاه اليونان” بينما “تعرّض آخرون للضرب للعودة إلى كاستانييس” الحدودية.
– “افتحوا البوابات” –
وفي ظل تدهور الوضع منذ الجمعة، رد المهاجرين بإلقاء الحجارة وهتفوا “افتحوا البوابات”.
واستخدمت قوات الأمن التركية كذلك الغاز المسيل.
وعلق العديد من المهاجرين في ظل البرد القارس منذ أيام عند حدود بازاركولي التي يطلق عليها “كاستانييس” في الجانب اليوناني.
وأفاد خفر السواحل الأتراك أنه تم إنقاذ 97 مهاجرا الخميس بعدما “ثقب الجانب اليوناني ثلاثة قوارب (كانوا على متنها) وتركهم نصف غارقين وسط بحر (إيجة)”.
وتنفي السلطات اليونانية استخدام القوّة والتصرف بطريقة غير قانونية.
وقال ميتسوتاكيس لشبكة “سي إن إن” “لم نستخدم أي نوع من القوة المفرطة ودائما نقوم برد الفعل ولا نثير (التوتر)، في ما يتعلق بالاستجابة للاستفزازات التي جرت عند الحدود”.
واتّهم أنقرة بمساعدة الناس برا وبحرا بالعبور إلى اليونان.
ورفض مدير الإعلام لدى الرئاسة التركية فخر الدين ألتون “بشكل قاطع” اتهامات رئيس الوزراء اليوناني لبلاده.
ووصف نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي مات بالمر الوضع عند الحدود اليونانية التركية بأنه “غير مقبول ولا يمكن أن يدوم”.
وعلى صعيد متصل، أفاد وزير الهجرة اليوناني نوتيس ميتاراخي السبت أن بلاده تخطط لبناء مخيّمات موقتة لاستيعاب مئات طالبي اللجوء الجدد.
وقال الوزير لتلفزيون “سكاي” “نريد بناء مركزين مغلقين في سيريس (شمال) ومنطقة أثينا يتسعان لألف شخص”.
وأكد أن المخيمين سيستضيفان طالبي اللجوء الذين وصلوا بعد 1 آذار/مارس، عندما أعلنت تركيا أنها ستتوقف عن منع المهاجرين من محاولة التوجّه إلى الاتحاد الأوروبي.
وقال ميتاراخي كذلك إن الدولة ستحد من الدعم الذي تقدمه للاجئين وأنه سيطلب منهم مغادرة المخيّمات فور حصولهم على اللجوء.
وقال “سيتوقف تقديم السكن والميّزات للحاصلين على اللجوء في غضون شهر. وسيكون عليهم بعد ذلك العمل لكسب قوتهم. يجعل ذلك من بلدنا أقل جاذبية بالنسبة للمهاجرين”.
– معايير مزدوجة –
وبموجب اتفاق 2016، وافقت تركيا على منع تدفق المهاجرين إلى أوروبا لقاء مليارات الدولارات. لكن أنقرة تتهم الاتحاد الأوروبي بعدم الإيفاء بتعهّداته، بما في ذلك استقبال اللاجئين المقيمين في تركيا.
وقال ألتون إنه “نتيجة ذلك، اضطرت تركيا لتحويل مواردها من منع تدفق اللاجئين إلى أوروبا لتستعد بدلا من ذلك لتدفق محتمل (للفارين) من إدلب”، آخر معقل رئيسي لفصائل المعارضة في سوريا.
واتّهمت وزارة الخارجية التركية الاتحاد الأوروبي بازدواجية المعايير.
وقالت “من المؤسف (…) أن الاتحاد الأوروبي يتصرّف بشكل يتناقض مع مبادئه وقيمه عبر دعمه اليونان التي تنتهك القانون الدولي وحقوق الإنسان”.
من جهته، شدد الاتحاد الأوروبي الجمعة على رفضه لاستخدام تركيا “الهجرة كورقة ضغط لأغراض سياسية”.
وفر نحو مليون شخص من إدلب في شمال غرب سوريا باتّجاه الحدود التركية بعدما ارتفعت وتيرة العنف إثر الهجوم الذي شنّه النظام السوري على المنطقة وأسفر عن مقتل مئات المدنيين.
لكن أردوغان توصل مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الخميس إلى وقف لإطلاق النار في المنطقة.
وأفاد أن وفدا روسيا سيصل إلى أنقرة الأسبوع المقبل لاجراء محادثات مشددا على عدم وجود أي خروقات للهدنة.
المصدر: AFP