ولد الزعيم الكُردستاني الملا مصطفى البارزاني في 14 آذار (مارس) 1903 في منطقة بارزان.
بعدما خرج من المشيخة يحمل اسمه الملا تحول إلى ثائر ومن ثم إلى عسكري يحمل لقب الجنرال، أعتُقِلَ والده وهو رضيع، ثم سُجن سنةً كاملةً مع والدته وهو في الثالثة من عمره في الموصل من قبل السلطات العثمانية آنذاك، نشأ في بيئةٍ دينيةٍ ووطنية، ثم تربى على يديّ أخيه الشيخ أحمد بارزاني.
شارك أخاه الأكبر الشيخ أحمد بارزاني في قيادة الحركة الثورية الكردية للمطالبة بالحقوق القومية للكُرد، ولكن تم إخماد هذه الحركة من قبل السلطة الملكية في العراق والقوات البريطانية المحتلة، وتم قصف بارزان من قِبل الطائرات البريطانية و استشهد أكثر من (1000) كُردي بين عسكري ومدني، وبعد ذلك هاجر البارزانيون وبينهم الشيخ أحمد بارزاني و ملا مصطفى بارزاني إلى تركيا ومن ثم أعادتهم تركيا إلى العراق ليتِم نفيهم من قبل الحكومة العراقية إلى جنوب العراق وبعدها إلى مدينة السليمانية سنة (1935) لمدة عشر سنوات، وبعد هذه السنوات العَشر تسلّم الملا مصطفى القيادة من أخيه الشيخ أحمد ليكمل ما بدأ به أجداده من ثورات في سبيل القضية الكُردية، وخلال هذه الفترة نسّق البارزاني مع حزب هيوا الكُردي ليَهرُب من منفاه إلى كُردستان إيران سنة (1942) وبعدها عاد إلى قريته بارزان .
بدأ الكفاح من جديد وعمل على تهيئة مرحلة جديدة في العلاقة بين الكُرد والحكومة العراقية، تجمّع حوله ما يقارب (5000) مقاتل. والدعم الجماهيري والشعبي أيضا كان له دورٌ بارز في هذه المرحلة، سيطر الملا مصطفى البارزاني على منطقة بارزان وأطرافها واضطرت القوات العراقية إلى الانسحاب من هذه المناطق وأرسل إليهم البارزاني شروطه، تلك الشروط التي كانت بدايةً جديدة بين الكُرد بقيادة الملا مصطفى البارزاني والحكومات العراقية المتعاقبة، وتحولت القضية الكُردية إلى مشروع قضية فيها شروط ومطالب للشعب الكُردي.
أرسلت الحكومة العراقية التي كان يترأسها نوري السعيد أحد وزرائها للتفاوض مع الكُرد بقيادة البارزاني وتم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين وصادقَ نوري السعيد على الاتفاق، لكن سرعان ما استقال نوري السعيد من منصبه كرئيس للحكومة العراقية وتراجع عن الاتفاق واعتبره الجانب الكُردي مؤامرةً على الاتفاق المبرم بينهم وبدأت الحرب من جديد بين الطرفين، خمسة آلاف مقاتل كان يقودهم الملا مصطفى البارزاني في وجه ثلاثين ألف جندي عراقي وعشرة آلاف من الشرطة العراقية مدعومين بسلاح الجو البريطاني بقيادة الميجور الجنرال رونتينغ.
توجه الكُرد إلى مدينة مهاباد في كُردستان إيران حيث قام رئيس الحزب الديمقراطي الكُردستاني القاضي محمد بإعلان جمهورية كُردستان في مهاباد في 22 كانون الثاني (يناير)عام 1946، أصبح الملا مصطفى البارزاني رئيساً لأركان الجيش في جمهورية كُردستان، وبعد 11 شهراً من قيام جمهورية كُردستان انهارت الدولة وذلك بسبب انسحاب قوات الاتحاد السوفييتي من شمال إيران وتم إعدام الرئيس القاضي محمد في 31 آذار (مارس) عام 1947، بعدها توجه البارزاني مع (500) من جنوده إلى الاتحاد السوفيتي مشياً على الأقدام وبقوا هناك قرابة 12 سنة.
في عام 1958 ومع إعلان الجمهورية العراقية دعا الزعيم العراقي عبد الكريم قاسم البارزاني للعودة إلى العراق وبدأت مناقشات حول إعطاء الكُرد بعض مطالبهم القومية، ولكن مطالب البارزاني والشعب الكُردي لم تتطابق مع ما كان في نية الرئيس عبد الكريم قاسم إعطاءه للكُرد، فأدى ذلك إلى تجدد الصراع مرة أخرى حيث قام عبد الكريم قاسم بحملة عسكرية ضد الكُرد عام 1961، وبعد تولي الرئيس العراقي عبد السلام عارف الحكم اتفق مع عدد من القادة الكُرد (سياسيين وعسكريين) وضمنهم البارزاني على حل شامل للقضية الكردية حيث أعلن اتفاق نيسان (أبريل)عام 1964، إلا أن التيار القومي العربي تمكن من التسلل إلى السلطة ونسف كل ما أتفق عليه فاستمرت الدولة بإجراءاتها القمعية للشعب الكردي، فتجدد النزاع المسلح بين الطرفين.
بعد 9 سنوات من الحرب بين الكُرد بقيادة البارزاني اضطرت الحكومة العراقية إلى الاتفاق مع البارزاني في اتفاقية الحكم الذاتي للكُرد سنة 1970 والتي لم تدم طويلاً بسبب انقلاب قيادة حزب البعث على اتفاقية الحكم الذاتي سنة 1974 وتوقيعهم لاتفاقية مع شاه إيران تنازل بموجبها العراق عن شط العرب وعن المطالبة بالأحواز مقابل توقف إيران عن تقديم الدعم العسكري واللوجستي للثوار الكُرد، اتفاقية الجزائر التي أبرمت بين إيران والعراق بمبادرة أمريكية جزائرية كان عرابها وزير الخارجية الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، كانت اتفاقية غدر وخيانة للكُرد من قبل وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسينغر، غادر بعدها البارزاني إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث توفي هناك في 1 مارس سنة 1979، في مستشفى جورج واشنطن إثر مرض عضال.