لم الشمل أحد أهم بنود القانون الدولي الإنساني

لم شمل الأسرة هو أحد الأسباب المعروفة للهجرة في الكثير من البلدان نظرًا لوجود فرد أو أكثر من أفراد الأسرة في بلد معين مما يتيح لباقي أفراد الأسرة الهجرة إلى هذا البلد أيضًا. تسعى قوانين لم شمل الأسرة إلى تحقيق التوازن بين حق الأسرة في العيش معًا وبين حق البلد في السيطرة على معدلات الهجرة. وتعد هجرة الزواج حالة فرعية من حالات لم شمل الأسرة والتي يهاجر فيها أحد الزوجين إلى البلد التي يعيش فيها زوجه، وقد تحدث هجرة الزواج قبل وقوع الزواج وفي هذه الحالة تقع تحت تصنيفها الخاص أو تحدث بعده وعندها تندرج تحت قوانين لم شمل الأسرة فقد شهدت السنوات الأخيرة العديد من حالات إرسال القُصر في رحلات محفوفة بالمخاطر بهدف طلب وضع اللجوء السياسي الذي يتيح لباقي الأسرة اللحاق به بمجرد الحصول عليه. إعادة الاتصال بين أفراد العائلات المشتتة بسبب النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية ما تخلفّه النزاعات والكوارث من آثار يتجاوز مجرد الجراح الجسدية، إذ يمكن، وسط حالة الاضطراب والذعر والأجواء المروعة، أن ينفصل أفراد العائلة عن بعضهم البعض خلال دقائق معدودة تؤدي أحياناً إلى سنوات طويلة من القلق وعدم اليقين بشأن مصير الأولاد أو الأزواج أو الأهل. ويشكل الآن السعي إلى معرفة أماكن وجود الناس، وإتاحة إعادة الاتصال بالأقارب، تحدياً كبيراً مطروحاً أمام اللجنة الدولية والجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر. ويشتمل هذا العمل على البحث عن الأشخاص، وتبادل الرسائل العائلية، ولم شمل العائلات، والسعي إلى الكشف عن مصير الأشخاص الذين لا يزالون في عداد المفقودين. يعود العمل في مجال إعادة الروابط العائلية إلى العام 1870 حين تمكنت آنذاك اللجنة الدولية للصليب الأحمر من الحصول على قوائم بأسماء الأسرى الفرنسيين لدى القوات الألمانية وكانت تستطيع بذلك طمأنة العائلات. ومنذ ذلك الحين أصبح البحث عن الأشخاص الذين انفصلوا عن ذويهم بسبب نزاع أو كارثة جزءاً مهماً من عمل اللجنة الدولية في مجال الحماية تشارك فيه الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر ضمن شبكة عالمية. ويستند هذا العمل إلى القانون الدولي الإنساني الذي يطلب من السلطات المشاركة في نزاع مسلح أن تبذل كل ما بوسعها لمساعدة أفراد العائلات المنفصلين عن بعضهم البعض على إعادة الاتصال فيما بينهم. ويمكن للوكالة المركزية للبحث عن المفقودين وشركائها عرض المساعدة في تلبية تلك الالتزامات، ولكنها تأخذ على عاتقها في الغالبية العظمى من الحالات المهمات العملية وتتعامل بحياد تام مع جميع الأطراف. وتبقى أسباب الانفصال عديدة. فقد يضّل الأطفال طريقهم وسط الفوضى السائدة خلال فرارهم من مكان النزاع أو الكارثة الطبيعية، وربما لا يرغب المسنون أو المرضى في مغادرة منازلهم أو قد لا يستطيعون ذلك. ويمكن أن يتم إجلاء المصابين نحو المستشفيات بدون أن يعلم ذويهم ما حدث لهم. كما يمكن أن يتعرض الناس للتوقيف أو الاحتجاز ويبقى أقاربهم بدون أي أخبار عن مكان وجودهم. وتشمل المجموعات المستضعفة التي ينبغي إعطاؤها الأولوية في المعالجة الأطفال غير المصحوبين بذويهم والأطفال المنفصلين عن ذويهم، والمسنين، والمصابين، والأشخاص المصابين بإعاقة، والمصابين بأمراض مزمنة. وفي السنوات الأخيرة، احتاجت أيضاً بعض الفئات من المهاجرين وعائلاتهم إلى المساعدة للبحث عن أحد الأقرباء واستعادة الاتصال به. وتشمل خدمات إعادة الروابط العائلية مجموعة واسعة من الأنشطة بما فيها إتاحة اتصال الأشخاص ببعضهم البعض بواسطة الهاتف والإنترنت والرسائل المكتوبة. وغالبا ما تستلزم هذه الأنشطة الكشف عن مصير الأشخاص الذين باتوا في عداد المفقودين وتسجيل مَن هم في حالة استضعاف شديد مثل الأطفال المنفصلين عن عائلاتهم والمحتجزين. ويتطلب العمل في الكثير من الحالات جمع المعلومات عن الأشخاص الذين فقدوا وربما ماتوا. وعندما تسير كل الأمور على ما يرام، يؤدي العمل إلى لمّ شمل العائلات.
حق العائلات في معرفة مصير المفقودين
يشمل القانون الدولي الإنساني عدة أحكام يحظر فيها الاختفاء القسري وتمنح العائلات حق معرفة مصير أقاربها المفقودين. ولكن يتوجب على اللجنة الدولية في حالات الطوارئ اتخاذ خطوات فورية على الأرض من أجل محاولة معرفة ما حصل للناس. وتشمل تلك الإجراءات زيارة المعتقلين والمحتجزين (حوالي نصف مليون شخص في كل سنة) والبحث عن المعلومات في كل الأماكن التي يمكن أن تتوفر فيها. وتشجع في الوقت نفسه اللجنة الدولية السلطات على إعطاء الأولوية القصوى لنقل المعلومات إلى العائلات وتعرض تقديم المشورة التقنية لتحقيق ذلك. وتحاول أيضاً التأكد من أن عائلات المفقودين التي تعيش في حالة انفعال وقلق شديدين بسبب الشك المحيط بمصير أقاربها، تحصل على الدعم النفسي والاجتماعي الملائم خلال فترات الانتظار الطويلة التي تقضيها قبل الحصول على أجوبة وإغلاق الملف في النهاية.