رحيل أحمد رجب أشهر الكتاب الساخرين في الصحافة العربية

 

 

 

 

 

 

 

 

غيَّب الموت أمس الكاتب المصري الساخر أحمد رجب عن عمر يناهز 86 عاماً، ليلتحق برفيق دربه رسام الكاريكاتور مصطفى حسين الذي رحل قبل نحو شهر عن 79 عاماً. وشكَّل رجب وحسين أشهر ثنائي في الصحافة العربية طوال عقود من خلال عملهما في جريدتي «الأخبار»، و»أخبار اليوم»، القاهريتين. فهما ابتكرا معاً شخصيات كاريكاتورية استخدماها في نقد ظواهر سياسية واجتماعية وفنية في إطار من السخرية اللاذعة، لكنهما كانا يتنازعان أحياناً على حقّ كل منهما في أن ينسبها لنفسه من دون الآخر.

واشتهر أحمد رجب بزاويته اليومية «نصف كلمة» التي كان يتابعها جمهور واسع من القراء، وكانت نموذجاً للكتابة الصحافية الساخرة، التي لا تثير حفيظة السلطة وتزعجها، بقدر ما تحقق متنفساً لاحتقان الشارع إزاء ممارسات حكومية سلبية، ومن ثم كانت تبدو انعكاساً لاتفاق ضمني يراعي خطوطاً حمراً. وكان رجب يسير على النهج نفسه في الأفكار التي يضعها لرسوم مصطفى حسين خصوصاً عبر شخصية «فلاح كفر الهنادوة»، التي تبجل السلطة وتنتقد في الوقت نفسه أفعالها بمكر وذكاء، على طريقة «الفلاح الفصيح» في التراث الفرعوني. لكنه كان يذهب الى ما هو أبعد، حين يتعلق الأمر بظواهر اجتماعية سلبية، أو أخرى سياسية لا ترتبط مباشرة بدوائر الحكم، عبر شخصيات كاريكاتورية مثل «عبده مشتاق» و»كمبورة»، «ومطرب الأخبار». ونال أحمد رجب «جائزة النيل»، في الآداب في منتصف العام 2011، أي بعد نحو ستة أشهر من ثورة 25 يناير، وتعد أرفع جائزة تمنحها الدولة، ونالها ايضاً رفيقه مصطفى حسين في الفنون عام 2010 تحت مسمى «جائزة مبارك». ولعل الموقف «الفاتر» الذي كان يبديه هذا الثنائي إزاء الثورة التي أجبرت حسني مبارك على ترك الحكم، كان يدفع «الثوريين» إلى وضعهما في قائمة «الفلول»، أي أنصار العهد السابق. وأهدى أحمد رجب أحدث كتبه «يخرب بيت الحب»، إلى والدته، وأهداها كذلك «جائزة النيل»، التي فاز بها بفارق كبير عن منافسه الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، وأهداها إلى الأخوين علي ومصطفى أمين اللذين أوليا موهبته في الكتابة الصحافية كثير اعتناء.

وفي آخر «نصف كلمة» في عدد جريدة «الأخبار» في 18 تموز (يوليو) الماضي كتب رجب: «تسع سنوات استمر الموبايل في الخدمة حتى أدركته الشيخوخة، واشتروا لي تليفوناً مليئاً بالأزرار، هذا زر للقاموس». وفي 10 حزيران (يونيو) الماضي كتب في الزاوية نفسها ساخراً من عدم تمكنه هو ومصطفى حسين من حضور حفلة تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي، لأنهما كانا يستخدمان مقعدين متحركين ولم يحصلا لمرافقيهما على تصريح لحضور الحفلة .

ونعت مؤسسة «أخبار اليوم» أحمد رجب عبر موقعها الإلكتروني ووصفته بأنه «أشهر الكتاب الساخرين في تاريخ الصحافة المصرية والعربية». ونعته نقابة الصحافيين بقولها «إن المجال الصحافي فقد أمهر الكُتَّاب الصحافيين الذين أفنوا عمرهم في العمل لمواجهة الفساد».

ونعته كذلك «لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة»، مؤكدة أن «مصر خسرت برحيله بعد مصطفى حسين، ثنائياً ساخراً لا يتكرر، أخذ على عاتقه تصوير معاناة المواطن المصري، في قالب ساخر معبر ورشيق، فضلاً عن هموم الوطن التى صوراها في فكرة وريشة، كانت لهما أبلغ الأثر والدلالة في حب الوطن والدفاع عن أمنه واستقراره وسلامة أراضيه، وحق المواطن فى عيش آمن كريم، واحترام حقوقه».

وتدرج كتب أحمد رجب التي تحول بعضها افلاماً سينمائية كوميدية، في قائمة الأكثر مبيعاً، ومنها «صور مقلوبة»، و»ضربة في قلبك»، و»الحب وسنينه»، و»نهارك سعيد»، و»كلام فارغ»، و»فوزية البرجوازية»، و»يخرب بيت الحب».

ولد أحمد رجب في 20 تشرين الثاني (نوفمبر) 1928 في الإسكندرية، وحصل على ليسانس في الحقوق، وأثناء دراسته أصدر مع آخرين مجلة «أخبار الجامعة»، وبعد التخرج عمل في مؤسسة «أخبار اليوم» وإصداراتها، وكان يكتب في أواخر أيامه زاوية في جريدة «الشروق» القاهرية.

عن الحياة