أنقذوا طفولتي

 

“أمي –أبي هل سنموت، لا أستطيع النوم – لا أشتهي الطعام  – لا أستطيع التركيز –لا أحب أن ألعب

لا تتركوني  لوحدي –أنا خائفة – أشعر بالبرد و أرتجف –إقياء – عدم القدرة على البكاء  وإغماء “

كانت هذه أفكار وردود فعلٍ للطفلة   س\ع  هي في الثامنة من العمر أثناء الهجوم على بلدتها من قبل المسلحين.

يبقى الأطفال الأكثر تعرُّضاً للأزمات النفسية في حالات الحرب، يمتصون الأفكار والتصورات والمعتقدات حسب إدراكهم هم. فقد تصبح الصورة فيما بعد جزء لا يتجزأ من مخيلتهم، بحيث تسيطر على جميع سلوكياتهم بالتالي تعيق حياتهم الاجتماعية التي تصبح واضحة من خلال أعراض وردود أفعال، ويبقى ذلك على شدة وتكرار الحدث الصادم المباشر والغير مباشر.

 الأطفال هم الأكثر ضرراً في زمن الحرب، رغم أنهم الأكثر قدرةً على التكيف، ألا أنهم أضعف من البالغين لصغر أعمارهم، فالحرب تمثل شكلاً كارثياً ومعقداً للنشاط الاجتماعي والنفسي للأطفال, وتعد العناية النفسية من أهم العوامل التي يفتقدها الطفل في مناطق الحرب والنزاعات.

وتظهر هذه الأضرار على شكل أعراض وآثار واضحة لدى الأطفال الناجين والمعرَّضين للصدمات القوية والتي تتجلى في ما يلي:

 تتم هذه الأعراض بصورة تلقائية مراراً تكراراً من خلال  استعادة الحدث. إذ إن ذكريات الحدث بما فيها من صور ومشاعر وأفكار مؤلمة تغزو رأس الشخص بحيث لا يقوى على مقاومتها, الأمر الذي يدفع به إلى الشعور بالذنب والحزن والعدوانية وتتم عادة استعادة الحدث بصورة سريعة ومفاجئة ويشمل التعبير بشدة عن الانفعالات وظهور حالة من التشويش والخلط الذهني والتفكك في التفكير إضافة إلى الأرق واضطراب في النوم. ويطغى عليه معاناة الضعف في الرغبة والاهتمام بما يدور حوله، الشعور بالذنب الخوف من الموت، وتدنّي في القدرة على التركيز ومن ثم الابتعاد عن الناس والعزلة الاجتماعية, وكما تظهر عليه أعراض انفعالية كالتهيج ونوبات الغضب والخمول في ردات الفعل للمنبهات الخارجية، وكما يشمل الخوف والتوتر العصبي والرجفة وخفقان القلب وزيادة حدة العرق والهلع من دون سبب ظاهري. فضلاً عن الشعور بالخوف من الموت وكل ذلك يؤدي إلى حالة من الرعب الداخلي  المستمر وتظهر على الشخص اضطرابات جسدية؛ توتر شديد وألم في العضلات وآلام المفاصل والصداع والدوار أو الدوخة, قرحة معدية والغثيان والتهاب القولون.

كل هذا يمكن أن يكون السبب الرئيسي لظهور اضطرابات متعددة منها : (اضطراب ما بعد الصدمة PTSD، رهاب الانفصال، اضطراب النوم). وتبقى هذه الاضطرابات الأكثر شيوعاً في حالات الطوارئ أو أنها تكون لبانات لاضطرابات تظهر في مرحلة متأخرة من الطفولة أو مرحلة الرشد.

 ومن جانب آخر كثيراً ما نسمع “أنهم لا يتأثرون بشيء، فهم أطفال لا يعلمون ما يجري حولهم “من هنا يبدأ خطأ المجتمع اتجاه مرحلة الطفولة  في تركها لمهب الريح، فالطفولة هي أساس الشخصية الإنسانية السليمة وبداية مشوار الصحة النفسية والجسدية في الحياة.

 “الأطفال لا يعون الوضع وهم لا يفهمون ما يدور حولهم “، تقولها والدة الطفل أ\ش وهو طفل في الرابعة من العمر بأن الأطفال لا يفهمون ما يجري حولهم، لذا نحن نقوم بكل شيء أمامهم ونجهل تماما إذا كان ما يدور حولهم هم على دراية بها أم لا”.

ويبقى الطفل أ \ ش مع عائلته يستمع إلى كل  ما يجري في المنطقة من إطلاق نار واشتباكات ويجالس الكبار عندما يتحدثون عن الجرائم الحرب ويبقى التلفاز هو الموجه الوحيد للعائلة لتزوديهم بالأخبار.

ولكن تتنهد أم الطفل أ \ ش  وتقول طفلي ظهرت عليه  مؤخراً أعراض مثل الخوف من بقائه لوحده –التبول – وعدم تناوله الطعام بشكل كافي، واضطرابات في النوم والبكاء من دون سبب.

من هذه الحالة يمكننا القول: “إن الأطفال يدركون ويتفاعلون مع ما يجري حولهم ولكن كما ذكرنا آنفاً حسب إدراكهم هم.

لذا يقع على عاتق الأسرة ما يلي في حالات الطوارئ: 

_توفير المعلومات للأطفال:

*الإجابة على أسئلة الطفل حتى ولو كانت صعبة أو مزعجة على أن تكون الإجابات بلغة بسيطة وسهلة وذلك تحسُّبا لمنع تفسير الأطفال الذاتي للأحداث بطريقة غير صحيحة.

*إن ردة فعل الأطفال النفسية والسلوكية  تكون تقليداً وانعكاساً لردة فعل البالغين  والأهل في أغلب الأحيان، لذلك  فأن إعطاء معلومات للأطفال  يخفف الخوف والقلق لديهم.

*تجنب الإسهاب في الأوصاف المفرطة بالإثارة عن الأحداث  الصعبة مثل الأسلحة المتقدمة ومدى تأثيرها.

*يجب أن نذكر الأطفال أن هذه المرحلة عابرة وغير مستقرة.

2-تشجيع الأطفال على الحديث عن مشاعرهم :

*التوضيح  للطفل بأنه يستطيع أن يلجأ إليهم إذا راودته مشاعر غير سارة وإنهم مستعدون دائما للتحدث إليه عنها.

*غمر الطفل بالمحبة والتقدير.

* التعامل مع انطواء الطفل، بمشاركته في الأنشطة المختلفة.

*تفهم ردود أفعال الطفل اتجاه المواقف والخبرات الصادمة، فإذا شكى الطفل وبكى من خوفه والقلقة من تلك الأحداث عليكم تفهُّم خوفه ومساعدته على التعبير عن نفسه.

*عدم إرغام الطفل على الحديث عن تجاربه  وخاصة إذا لاحظت إنه ينطوي على نفسه على غير عادته.

*تفهُّم الأهل للطفل يتمثل في إعطاءه الفرصة للحديث عن شعوره بألم والحزن والغضب وأن لا يدعوه يشعر بالخجل إذا أظهر حزنه فالحزن ليس دليلا على الضعف

 3-البقاء على تواصل عاطفي مع الأطفال:

*وذلك من خلال حضنهم وإشعارهم  بالأمن.

*القيام معهم بنشاطات جماعية مثل الأكل واللعب  حتى لا يشعر بالوحدة.

 *روجين شاويش “مرشدة نفسية”