رغم فقدان تنظيم داعش قيادته بعد مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي في غارة نفذتها قوات أميركية في أكتوبر الماضي، إلا أن تساؤلا يبقى برسم الإجابة، عما إذا كان التنظيم سينجو مرة أخرى من موت الزعيم أم لا.
رغم وجود التنظيم قبل 2014، إلا أنه قبل ذلك كان يرتبط بتنظيم القاعدة، وكان يظهر بصورة جماعات مسلحة متطرفة مختلفة، ولكن ما حدث بعد ذلك أن هذه الجماعات تطورت لتصبح تحت ظل مجموعة ذات طموحات دولية، خاصة بعد السيطرة على أجزاء من سوريا والعراق، وأعلنت عما أسمته دولة الخلافة، ما دفع الولايات المتحدة إلى التدخل وقيادة حرب من أجل القضاء على هذا التنظيم.
ويرصد تقرير نشرته مجلة “ذا أتلانتك” مراحل التنظيم، وكيف استطاع الاستمرار رغم استهداف قياداته.
ويحاول التقرير الإجابة عما إذا بإمكان داعش الاستمرار وتكرار تجربته في البقاء، من جهة، وما الذي يمكن أن يصبح عليه شكل التنظيم من جهة أخرى إذا ما استمر.
حتى فترة ليست بالبعيدة كان تنظيم داعش يسيطر على أراض بحجم بريطانيا تقريبا، ولكنه فقدها قبل أن يفقد رأس الهرم أبو بكر البغدادي، ورغم أن التنظيم ربما يكون في حالة ضعف الآن إلا أنه لا يزال يحتفظ بالآلاف من أعضائه في سوريا والعراق.
وتقول المجلة في تقريرها إن الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما كان قد سحب قوات أميركية من العراق ما أدى لمشاكل تبعت ذلك، ولكن قرار الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب المتعلق بسحب قوات أميركية من شمال سوريا أدى إلى إحداث شكل من أشكال الفوضى.
وتضيف أنه بعد الغارة التي قتل فيها البغدادي أعلن الرئيس ترامب أن العالم أصبح أكثر أمانا، ووزير الدفاع الأميركي مارك إسبر اعتبر أن قتل البغدادي انتصار كبير على داعش، ولكن مسؤولين أميركيين أبدوا مخاوفهم مما سيأتي بعد البغدادي.
ويشير التقرير إلى أن هناك جيلا كاملا من المواطنين في سوريا والعراق يعانون من ويلات التطرف، فيما يوجد عشرات آلاف المنتسبين لتنظيم داعش وعائلاتهم في مخيمات ومعتقلات في سوريا، فيما لم يبذل المجتمع الدولي أية جهود من أجل مساعدة أطفال داعش في توعيتهم بالفكر المتطرف الذي يحملونه.
ويرى آرون زيلين، باحث في مجال الجماعات المسلحة، أنه من غير المرجح عودة سيطرة داعش على أراض جديدة خلال المدى القريب، ولكنه سيحاول الحفاظ على قواعده في سوريا والعراق، مشيرا إلى أن التنظيم قادر على التطور، ولن يتعامل مع الملفات بجمود، ولن يدخل حرب استنزاف في المرحلة الحالية.
وكشف مسؤول أميركي – لم تفصح المجلة عن اسمه – أن وجهات النظر الرسمية تجاه داعش تنقسم إلى وجهتين، الأولى ترى أن التنظيم في حالة فوضى، وسيكون هناك صراعات على الخلافة خاصة بعد مقتل البغدادي ووجود العديد من أعضاء التنظيم في السجن وصعوبة الاتصالات ما بين القائمين على التنظيم، أما وجهة النظر الثانية، ترى أن التنظيم لديه خطة للخلافة ولديهم من البيروقراطية ما سيبقيهم على قيد الحياة.
وتدعم وجهة النظر الأولى أن مستقبل داعش سيكون قاتما، وقد يكون من الصعوبة إعادة جمع الخلايا كما فعلوا في الموصل داخل العراق في 2014، وذلك بسبب صعوبة التنسيق والضغط الذي يواجهونه بسبب الضربات العسكرية التي يتلقونها، ناهيك عن احتمالية عدم رغبتهم بجعل أنفسهم هدفا سهلا للمجتمع الدولي مرة أخرى.
وما يدعم وجهة النظر هذه بحسب مسؤول أميركي أن عناصر داعش الذين هربوا من السجون خلال الفوضى التي سادت شمال سوريا بعد العملية العسكرية التركية هم أقل من 200 سجين، ما يعني عدم قدرتهم على الاستفادة حتى من حالة عدم الاستقرار في المنطقة.
المفتش العام في البنتاغون أصدر تقريرا مؤخرا قال فيه إن بإمكان داعش استخدام المساحة التي تسبب بها الانسحاب الأميركي من أجل إعادة تنظيم أنفسهم والتخطيط لهجمات.
وذهب ترافرز إلى أن القريشي ربما يتمكن من إعادة بناء التنظيم وتشكيله من خلال مجموعات قيادة فرعية تضم نحو 20 فردا، ولكن يبقى التخوف في حال عودة الموالين الأجانب لداعش إلى دولهم الغربية، ما يشكل خطر حدوث هجمات مثل ما حصل في باريس وبروكسل في سنوات ماضية.
من جانبه قال آخر سفير أميركي في سوريا روبرت فورد إن النجاح في القضاء على داعش يتم بإقناع دول المنطقة بضرورة التعامل مع مشكلات داعش بشكل منفرد، مشيرا أن الفرصة كانت متاحة لإدارة ترامب لفرض مثل هذا الأمر خاصة مع انتهاء الجزء العسكري من الصراع.
وتخوف تقرير المجلة من استمرار وإعادة تشكيل التنظيم في المنطقة، خاصة في ظل نوايا الإدارة الأميركية بالانسحاب، ما سيعطي الفرصة لداعش لإنشاء جيل جديد، عديده الآلاف، خاصة إذا ما علمنا وجود نحو 20 ألف طفل أعمارهم من دون الخمسة أعوام في مخيمات في سوريا، ويمكن أن يشكل هؤلاء الأطفال وقودا هاما لاستمرار داعش.
المصدر: الحرة