ينعقد اجتماع وزراء خارجية التحالف ضد “داعش” وسط اختلافات واسعة بين دوله، قبل وصول المشاركين إلى العاصمة الأميركية، وفي مقدّمة الخلافات الدور التركي في منطقة شمال شرق سوريا.
ريبة من نوايا أنقرة
فالمشاركون ينظرون بريبة كبيرة إلى ما يريده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وقد تسبب دخول القوات التركية في انقلاب الكثير من معادلات الدول المشاركة في العمليات الميدانية، خصوصاً بريطانيا وفرنسا، وقد قبلت الدولتان التوافق التركي الأميركي حول الشريط الحدودي، لكن لا ثقة لدى باريس ولندن بأن تركيا ستحافظ على الأمن في هذه المنطقة.
إلى ذلك، يرى الفرنسيون وباقي الأوروبيين أن تركيا ستفرض عليهم عودة عناصر من “داعش” بشروط أنقرة، وليس بشروطهم. كما يرون أن الأميركيين تساهلوا مع الأتراك كثيراً لدرجة تسمح للرئيس التركي بـ”ابتزاز الأوروبيين”، أو أقلّه ممارسة ضغوطات عليهم، في وقت لا يريد الأوروبيون أن يروا أنفسهم في مواجهة مع واشنطن وأنقرة في آن واحد.
كان لافتاً بيان وزارة الخارجية الفرنسية التي أعلنت أن هذا الاجتماع جاء بناء على طلب باريس “بعد التطورات التي شهدها شمال شرق سوريا في الأسابيع الأخيرة”، وأضاف البيان أن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان سيؤكد أن “أي تصرّف أحادي يهدّد الإنجازات وهدف القضاء النهائي على داعش ويجب تحاشيه”.
البقاء في سوريا
يبدو في هذا إشارة واضحة إلى التدخّل التركي في منطقة شمال شرق سوريا، فيما أكد البيان الفرنسي في مكان آخر أن على دول التحالف المحافظة على حضورها العسكري والمدني لضمان القضاء النهائي على “داعش”.
هذه الدعوة الفرنسية تشير أيضاً إلى قلق أوروبي وغير أوروبي من موقف الإدارة الأميركية، فأكثر من دولة من دول التحالف باتت تبدي شكّاً في صلابة الموقف الأميركي؛ فالرئيس الأميركي دونالد ترمب تحدّث عن سحب القوات الأميركية من سوريا أقلّه 3 مرّات في 3 سنوات، ثم عاد عن قراره. وفي الأسابيع الأخيرة، تراجع تحت ضغط أعضاء الكونغرس ليبقي في سوريا بين 500 و600 جندي أميركي، لكن أعضاء التحالف باتوا واثقين من أن الرئيس الأميركي لا يريد إبقاء القوات في سوريا، وربما يعود إلى سحبها مرة أخرى قبل نهاية ولايته الحالية.
لا إشارة إلى الأكراد
ما يثير قلق أعضاء التحالف أيضاً أن الإدارة الأميركية تبدي ليونة فائقة تجاه المطالب التركية في شمال شرق سوريا، ولا يرون التزاماً مماثلاً تجاه الأكراد وقوات سوريا الديموقراطية.
وبحسب مسوّدة البيان، الذي وزّعه الأميركيون على أعضاء التحالف قبل انعقاد الاجتماع، فإنه ليست هناك إشارة إلى “الأكراد” أو “قوات سوريا الديموقراطية”، بل اكتفت المسودة بالإشارة إلى “الحلفاء” على الأرض.
ويعتبر أعضاء التحالف أن غياب أي إشارة واضحة إلى “الأكراد” أو “قوات سوريا الديمقراطية” هو عدم التزام أميركي بـ”منطقة” أو “جيب” يسيطر عليه الأكراد و”قوات سوريا الديمقراطية” شرق الفرات، وهذا يترك الباب مفتوحاً أمام تحرّك تركي خارج منطقة الشريط الحدودي، ويعرّض المنطقة برمّتها لسيناريو مشابه لما حصل الشهر الماضي، عندما طلب ترمب سحب كل القوات من سوريا، وأيضاً يفتح هذا السيناريو الطريق أمام عودة الأكراد إلى أحضان النظام السوري، وتعريض هذه المنطقة مرة أخرى للنفوذ الروسي والإيراني.
“توسيع مهمة التحالف”
بالإضافة إلى كل هذا، دارت نقاشات حامية بين أعضاء التحالف من جهة والأميركيين من جهة أخرى حول “مهمة التحالف” في السنوات المقبلة.
خلال مسودة البيان فإن الأميركيين يسعون إلى “توسيع” مهمة التحالف، حيث يعتبر الأميركيون أن مهمة القضاء على “داعش” انتهت بالقضاء على منطقة سيطرتها في سوريا والعراق. ويرى الأميركيون أن على التحالف أن يوسّع من مهمته لتشمل المواجهة الدولية للتنظيم وفي أي مكان.
ولا يرى أعضاء التحالف مشكلة في الخط العام لضرورة الإبقاء على التحالف، لكن الاعتراض جاء على لغة المسودة حيث “مسّت بسيادة الدول”.
وعبرت دولة عضو في التحالف عن اعتراضها الشديد على لغة البيان، واعتبرت أن لغة البيان “بالنسخة الأميركية” يعطي دولاً الحق في التدخّل في شؤون دول أخرى بحجّة محاربة “داعش”، كما طالبت هذه الدولة بتغيير النصّ المقترح وإلاّ انسحبت من الاجتماع.
المصدر: العربية نت