اعتصام السلام على الحدود السورية التركية

 

سردار شريف

تطورات جديدة سياسية وعسكرية ولدت على الساحة السورية بعد أن قرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يقتحم الأراضي السورية بحجة عودة اللاجئين السوريين وخلق ما يسمى بالمنطقة الآمنة وسرعان ما تحولت فكرة المنطقة الآمنة إلى منطقة  حرب ونزوح الآلاف من المدنيين بسبب حرب شنتها تركيا على المناطق الحدودية وقتل الكثير من المدنيين العزل بقصف على القرى والبلدات السورية الواقعة على الحدود وفقد الكثير من الأطفال والنساء حياتهم بسبب القصف التركي وناشد كل من مكونات الشعب السوري في منطقة شمال وشرق سوريا كردا” وعربا” وسريان العالم لوقف هذا الاحتلال.

وقبل شن الاحتلال التركي هجومه بيوم واحد تفاجأ العالم كله باعتصامات لكافة أطياف الشعب السوري على الحدود مباشرة مع الأراضي التركية وقرار أهلي مدني بوضع خيم كبيرة والجلوس فيها ليكونوا دروعا” بشرية تمنع دخول القوات التركية إلى الخريطة السورية وبدأت أفواج من السورين بين الحين والآخر تصل إلى منطقة سلوك الواقعة على الحدود نساء ورجالا وفئة كبيرة من الشباب السوري.

وحتى الأطفال وكان كل مجموعة تصل تقدم بيانا” ترفض فيه هذا الاحتلال وأثناء هذه الفترة كان قد بدأ الاحتلال بشن هجماته على المدنيين ببلدة تل أبيض ورأس العين وكانت الصدمة الكبيرة بانسحاب للقوات الأميركية من تلك المناطق ووضع المدنيين في حالة مأساوية كبيرة.

بقي الاعتصام مستمرا” بكل قوة وتحدي مع وضع المدنيين قرار بالبقاء والمبيت رغم وجود خطورة في هذا القرار بسبب وجود أطفال في هذا الاعتصام الذي كان من الممكن أن يتحول إلى منطقة حرب ومجازر باي لحظة ممكنة ولكن كان حالة والاحساس بالانتماء إلى الوطن سوريا أكبر من أي شيء.

وسرعان ما وصلت الحرب إلى كوباني والقامشلي ورأس العين وتل أبيض وعين عيسى وجميع المناطق الحدودية.

وصل صوت المعتصمين إلى جميع أنحاء العالم عن طريق وسائل الإعلام والصحافة وشبكات التواصل الاجتماعي وبين الساعة والأخرى كانت تصل مجموعة  إلى الحدود ومع قدوم الليل في أول أيام الاعتصام قرر المعتصمين الغناء والعزف باللغتين الكردية والعربية وتوجيه رسائل السلام عن طريق مكبرات الصوت إلى الجنود الأتراك والإثبات لهم أن لا مدرعاتهم ولا رصاصهم ولا مدافعهم ستزعزع من صمودهم وهدفهم وإيمانهم بأنفسهم وقوة انتماءهم إلى هذه الأرض التي هي أرض لكل سوري مهما كانت لغته أو دينه.

كان الليل بارداً” وطويلاً” على المعتصمين وكانت الأخبار السياسية بين الحين والآخر تنتشر بينهم ولكن لم تكن مهمة كثيرة بل الأهم هو استمرار الاعتصام واستمرار الرفض لمعاناة جديدة سيعيشها الشعب السوري بكل أطيافه والرفض القاطع لسياسة الأتراك وسياسة الانتهاكات لحقوق الإنسان وخاصة الأقليات التي تعيش على الحدود لأن السياسية التركية منذ القدم وهي تقوم بقمع وارتكاب المجازر بحق الأرمن والمسيحيين والكرد فليس جديد عليها كل ما يحصل وكل ما تفعله في أرضها وأرض سوريا منذ بداية الحرب في سوريا.

كانت الصباحات في الاعتصام تأتي على أصوات الأغاني الوطنية والمقاومة للظلم والاضطهاد حيث لم يفارق المعتصمين صوت مارسيل خليفة وهو يغني عن التحدي وصوت فيروز وأميمة خليل وأغاني لديار ديرسم وبيتوجان وماجدة الرومي وجوليا بطرس والكثير من أصوات الفنانين الكرد والعرب الذين بقوا يغنون عن المقاومة والسلام والحريات ويقفون ضد الاحتلالات والظلم الذي تتعرض له الشعوب دائما وكان هناك العديد من الشباب الكرد والعرب أصحاب أصوات رائعة لم يبخلوا على الوطن سوريا فقد سمع الاحتلال صوتهم عن طريق مكبرات الصوت فلم يستطع الجانب التركي رؤية هذه القوة وهذا الصمود من كل ألوان الشعب السوري كردا” وعربا” وسريان وشركس وأرمن فبدأ بضرب قنابل صوتية في السماء ليزعزع من صمود المعتصمين.

كان الغناء وحب الأرض والانتماء يقضي على الشعور بالخوف ويثبت دائما” أن وحدة الشعب تستطيع منع كل أنواع الظلم والاستبداد وقمع الحريات والاحتلال والسياسات القمعية والدكتاتورية وبقي الاعتصام مستمرا حتى مع بدأ الحرب والقصف المدفعي من الجانب التركي مع بدأ الاعتصامات في جميع أنحاء العالم وإلى هذه اللحظة يطالب الملايين بإيقاف الحرب في الأراضي السورية وسيبقى الشعب السوري يطالب بحقه ويقف في وجه إلى اعتداء على أراضيه ورفض كل أنواع الظلم بحق كل أطياف الشعب السوري.