فوزة اليوسف
اجتمع النظام والمعارضة السورية بالأمس واليوم لمناقشة الدستور السوري الجديد في وقت تقوم فيه الفصائل المرتزقة المرتبطة بالائتلاف السوري بدور العمالة والارتزاق لاحتلال جزء من سوريا وقتل السوريين. يجتمعون في وقت يتعرض مئات الآلاف من الشعب السوري لكل أنواع الإبادة والتشرد والنزوح من بيوتهم على يد مرتزقة الائتلاف السوري. ويتم الاجتماع في وقت تقوم فيها الدولة التركية- أحد رعاة كتابة وصياغة الدستور السوري الجديد- باقتطاع أجزاء من سوريا. ويتم اجتماع لجنة الدستور في الوقت الذي أقصي فيه 5 ملايين من المكونات السورية من المشاركة في هذه اللجنة.
إذا ما بدأت لجنة الدستور باجتماعها دون اتخاذ أي قرار أو موقف ضد الاحتلال التركي لشمال وشرق سوريا فهي تمنح الشرعية لسياسة الإبادة التي تطبق بحق الشعب الكردي وهو أيضا قبول غير معلن باقتطاع أجزاء من سوريا، إذ كيف يمكن لهذه اللجنة أن تدرج في الدستور مادة تتعلق بسيادة الدولة السورية، ووحدة أراضيها في حين أنها أول من ستطعن بهذه المادة الدستورية.
إنها بالفعل مسرحية هزلية ومن يمثلون فيها، بدءا من الأمم المتحدة مرورا بالدول الراعية وانتهاء بالأطراف المشاركة فيها، يستهزئون بذكاء العالم و ذكاء السوريين بإيهامهم أنهم سيكتبون للسوريين دستورا ديمقراطيا عادلا.
مع أنه من الصعب أن تنجح هذه اللجنة في مهمتها إلا أنها و إن أكرهت على ذلك فلن تنتج دستورا عادلا، إذ كيف يمكن تصور إنتاج دستور عادل بوجود ممثلين عن الذين تلطخت أيديهم بدماء السوريين الأبرياء من داعش وجبهة النصرة والفصائل المرتزقة، وغياب ممثلين عن من قاموا بحماية الشعوب السورية والعالم من إرهاب داعش وقاموا بالدفاع عن كرامة السوريين. كما أنه لن يكون دستورا عادلا أيضا لأن الكثير من المشاركين لم يعانوا ما عاناه السوريون كونهم خلال السنين الثمانية الماضية تنقلوا بين أفخر الفنادق في حين كان السوريون يتضورون جوعا ويذوقون أمرّ الويلات.
لن يكون هذا الدستور ديمقراطيا لأنه تم إقصاء 5 ملايين نسمة من سكان الشعب السوري من المشاركة في صياغته، وتم إقصاء الكرد الذين يشكلون أكبر مكون بعد المكون العربي وغياب ممثلين عن المكونات الأخرى من سريان – آشور وأرمن.
لن يكون دستورا ديمقراطيا لأنه لايوجد تمثيل للنساء بالمجمل عداك عن عدم وجود ممثلين لنساء قمن بهز العالم ببطولاتهن وأمجادهن.
من أجل كل هذه الأسباب لجنة الدستور هذه لن تكون سوى محطة من محطات تجذير وتعميق المأساة السورية ولن تكون سوى فصل من فصول مسرحية هزلية توهم السوريين بمستقبل مشرق. لكل هذه الأسباب لا يمكن أن تكون هذه اللجنة خطوة في مسار الحل و لايمكن أن تكون بصيص أمل لما يعيشه السوريون من إحباط وألم .
من أجل أن تأخذ هذه اللجنة مسارها الصحيح يجب أولا إيقاف الحرب الاستنزافية التي تستهدف السوريين بتوافق من الدول الضامنة للعملية السياسية، كما يجب أن تنسحب القوات التركية المحتلة من الأراضي السورية وأن يتم الإعلان عن هؤلاء المرتزقة بأنهم خانوا وطنهم وبأنهم عملاء لأجندات خارجية، وأن يتم تأطير عملية جنيف وتشكيل لجنة الدستور من جديد فيتم ضمان مشاركة كل السوريين فيها ووضع مبادئ ما فوق دستورية ليتم بعدها كتابة الدستور وفقها . عكس ذلك فإن هذه اللجنة ستقع تحت مسؤولية تاريخية وهي خيانة مطالب الشعوب والمكونات السورية التي قدمت مئات الآلاف من خيرة شبابها و شاباتها كشهداء وهجرة وتشرد الملايين منهم في سبيل مجتمع تسوده العدالة والمساواة والديمقراطية.
نقلا عن صفحة “الفيسبوك” لعضو منسقية حركة المجتمع الديمقراطي، فوزة اليوسف