آلدار خليل: عن وقف إطلاق النار

مع بداية الهجوم التركي الفاشي على شمال وشرق سوريا ويالتحديد عصر يوم 9 تشرين الأول2019 ظهرت الكثير من المواقف والردود التي نددت بهذه العملية الغير مبررة والتي لا تستند إلى شرعية قانونية أو أخلاقية، مجلس الأمن، الكونغرس الأمريكي، مشروع العقوبات الإقتصادية، الإتحاد الأوربي، جامعة الدول العربية، القوى السياسية والأحزاب الكردستانية، القوى السورية، إضافة للكثير من النشاطات التي قام بها شعبنا في الداخل والخارج ومعهم الكثيرون من المدافعين عن قيم الديمقراطية ومناهضي مشاريع ومخططات الدولة التركية.

 

هذه المواقف والردود التي ظهرت في الحقيقة كانت خلاف التوقعات من الجانب الأمريكي والتركي ( ترامب وأردوغان) بحيث كل هذه التطورات ويُضاف إلى ذلك ما ظهرت من مقاومة بطولية على مدار تسعة أيام في سري كانيية/ رأس العين خاصة في ظل المساندة القوية لقوات سوريا الديمقراطية على الصعيد الدولي والإقليمي بحيث خلال المدة المذكورة وبمختلف أنواع الأسلحة بما فيها الطيران ومؤخراً الأسلحة المحرمة دولياً لم يستطع أردوغان تحصيل ما خطط له.

 

الصمود في سري كانيية/ رأس العين و الضغط الدولي والعالمي شكّلا عامل ضغط على كل من ترامب وأردوغان ما دفعهما إلى القيام بما يحفظ ماء الوجه فبادروا إلى وقف إطلاق النار عبر إيفاد بنس إلى أنقرة، وقف إطلاق النار كخطوة هي جيدة ولم تأتي من فراغ، وعند وصول بنس إلى أنقرة كان السؤال من هناك عن موقف ورأي قسد التي أبدت الموافقة الأولية. فمدة وقف اطلاق النار هي لمدة خمسة أيام ذهب منها يوم وبقى أربعة لكن المفارقة هي إن أردوغان أعلن عن موقف سياسي للأسباب المتطرق إليها لكن عسكرياً لم يلتزم بها وهذا عامل خطر كبير خاصة في ظل تصريحات أردوغان وحاشيته عن عمق يتجاوز الحدود المتفق عليها ( بين سري كانيية/ رأس العين وكري سبي/ تل أبيض ) وحديثهم عن 32 كم وما شابه. حيث هذا الكلام هو خلاف الإتفاق الأول الذي كان ينص على أن تكون المنطقة الآمنة بين سري كانيية وكري سبي بعمق 5-15 كم وتم بناءً على ذلك وعبر الوسيط جيفري خروج دوريات مشتركة بين تركيا وأمريكا والمجالس العسكرية المحلية( آخر دورية كانت تقوم بالجولة رقم 5)، الآن يتحدث أردوغان عن منطقة آمنة من ديريك وحتى منبج مع إنسحاب قسد ووحدات حماية الشعب وعمق أكبر.

 

وقف إطلاق النار حال دوامه مهم وإلتزام تركيا به سيكون خطوة مهمة لدرء المنطقة من خطر كبير بدون حدود خاصة في ظل وجود عناصر داعش من الفارين من الرقة ومنبج في المواجهات مع قسد عام2015و2016 مع الجيش التركي.

 

من جانب شمال وشرق سوريا لازال الإصرار على الحل السلمي للأمور موجود بقوة لكن مع التصعيد التركي كل الأمور تُنسف وهذا الإصرار التركي وإنقلابه على الإتفاقات والتفاهمات السابقة مشكلة، أيضاً ضبابية موقف تركيا حول دور ووضع المرتزقة في هذه المنطقة أيضاً خطوة ناسفة لجهود الإستقرار، حيث بآليات إدارة المنطقة التي تتحدث عنها تركيا ومحاولتها لإبقاء المرتزقة وبينهم أعضاء داعش ذلك قطعاً يعني عدم إستقرار وفوضى وتآمر على سوريا وشعبها وبداية مشروع إبادة تركي.

 

في ذات الوقت الذي يثمن التاريخ مواقف من تحرك من القوى العالمية والإقليمية والعربية وكل الأطراف المساندة لحق شعبنا الآمن وإستقرار مناطقه وكذلك النشاطات والفعاليات التي قام بها شعبنا في الداخل والخارج فإن ذلك لابد من أن يستمر بذات القوة بحيث يوازي مقاومة الكرامة التي يسطرها أبناء مكونات شعبنا دفاعاً عن قيم الديمقراطية والإنسانية والإستقرار.