ليس هناك من “سَرَي كَانييه” أُخرى ، يا سليم !

بدرخان علي

إلى سليم بركات :

لم يبقى عنصريٌّ من البعث الصدّامي وإخوانهم  وديكوراتهم إلاّ وشارك  هذه الأيام، أيام غزوة ” نبع الإرهاب” ،  مقالَتك التي تُدين فيها “البعث الكردي وأنصار أوجلان ” في بداية الحراك السوري . آنذاك قلتُ مثلك وربما أكثر! . بيدَ أن هؤلاء يستخدمون مدونتك تلك في تبرير الغزوة التركية الداعشيّة الصدّامية على شعبك وأهلك ، ويتهمونك – لا سمح الله- بأنك واحدٌ من ” الأكراد الجيّدين” بمعاييرهم التي تعني أن يكون الكرديُّ معادياً للمدافعين عن كرامته ووجوده في حرب الإبادة عليه ! ويا لهذه التهمة التي لا تليقُ بكَ !

قُل لهؤلاء :  لستُ كُرديّاًّ جيداً .
قل لهم بالفم الملآن : أنا كردي سيء جداً جداً….مع أهلي وناسي، كردنا وعربنا وسرياننا.
مع “قامشلوكي” و”عامودي” و”سري كانييه” و” ديركي”،  وتربسبيه ” التي ” تهشّم إسمها مرتين خلال ثلاثة عقود” ويبتغون إمحاءها اليوم.

إنهم ” يبعثرون موسيسانااااك” ، بالحديد والنار،  يا سليم!
قُل كلمة طيّبة للشبان والشابات ، أبناء سنابل الجزيرة وزيتون عفرين ، الذين يدوّنون الملاحم بدمائهم وأجسادهم  للاعتناء بذاكرة المكان، الذي أبدعتَ في وصفه رواية وشعراً.
في ما مضى كتبتَ عن ” تشريد المكان ” على يد البعث القومي الحاكم.
اكتب الآن عن تدمير المكان ..محو المكان..تهشيمه إلى الأبد ..  على يد مزيج البعث  الصدّامي -المعارض – والفاشية الطائفية الاخوانية القاعدية الداعشية التي جرى خلطها في مرجل الفاشية الطورانية التركية، في غزوة ” الجيش الطورانيّ –المحمدّي- البعثيّ” على “الملاحدة والكفار والخنازير والانفصاليين” ، بعناية “سورة الفتح” وقد تُليت في 90 ألف مسجد وجامع في تركيا.

قُل كلمة طيبة لمن يدافع عن ذاكرة “سيرة الطفولة “و”سيرة الصبا”.

عن ديار الأمير مَند  والإيزيديين وجانبولات ، عفرين ، سهل جومه،  جبل الكرد الأشم  وهو يئنّ تحت ضربات الفاشيّات إياها منذ استباحتها منذ ما يقرب العامين.

عن سهل سروج ،  ديار برازان وأبناء “حمي كرعو ” وبطولاتهم  الماضية والراهنة ، عن كوباني  المقاومة ضد غزوة “الدولة الإسلامية” دولة  القتل وقطع الرؤوس وسبي أخواتنا وأمهاتنا وبناتنا وبيعهن في أسواق النخاسة، يتداولهن “أميرٌ” داعشيّ من يد ” أمير”.

عن سري كانييه- رأس العين،  وملحمة درويشي عبدي ، وملحمة المقاومة الجارية اليوم ضد الإبادة والإمحاء .

عن  عامودا و  “كري شرمولا” ، وهي تودع فلذّات أكبادها في مقاومة الغزوة المدّججة بكافة صنوف الأسلحة ” المُحرّمة” و”غير المحرمة” في “سري كانيه”، مع جحافل الإرهابيين السوريين المرتزقة لدى السلطان العثمانيّ/الطورانيّ الغارق في الكراهية والدم في لُجج غزواته المتكررة من ” غُصن الدم” إلى” نبع الإرهاب” .

عن” هفرين”  الفتاة المسالمة ، العزلاء من كل شيء سوى صوتها و إرادتها بكرامة ومساواة  في ” سورية المستقبل المُتخيّلة ، وقد مزّق أيتام المجرم صدّام حسين  جسدَها عظماً عظماً ،  وتباهوا بقتلها في فيديوات منشورة تفريغاً لأحقادهم وتباهياً ببطولاتهم أمام أنصارهم وأمام أسيادهم، وسيّدهم ” أسدُ السُنّة”، السلطان أردوغان، أسدُ الكراهية .

قل لهم أنا مع أكرادنا وعربنا وسُرياننا  وأرمننا وآشوريينا في جبهة المقاومة ضد الفاشيّة الطورانيّة والصدّاميّة والداعشيّة المُقنّعة.

عن آلام تدمير المكان ..كلّ الأمكنة.
قُل لهم :  لا لستُ “الكرديّ الجيد” الذي تعتقدون . ..أنا ” سليمو ابن الملا بركات “،  ” الفتى الكردي النحيل الخجول ” تعرفني سهول الجزيرة وأنهارها وينابيعها  ويَعاسيبُها وجنادبها الحديدية،  و”بنات آوى” التي تقطع صمت الليالي الصافية  في سهوب الجزيرة ، و يعرفني المهرّبون على الحدود. أنا ابن تلك السهوب المُغبرة ،  أنا  هو “إسماعيلتَين”  المحلّمي الكردي/ العربي باسمه العصيّ على الصرف والنحو، أنا دلشاد الكردي المقيم في” فراسخ الخلود المهجورة ” ، ، أنا ” بيكاس bêkes ” ابن ” الملا بيناف الكوجري” ،  الغرائبيُّ الذي  وُلد و كَبر على عجل  واختفى ،  في يوم واحد فقط.. أنا  ” مم حمدي آزاد” ابن ” هليليكي ” بحثتُ  طويلاً عن ” الرجل الكبير” ، أملُ  والدي وشعبي ، في كل مكان ولم أجده حتى الآن،  عبرت الحدود من ( هليليكي)” تحت الخط”  إلى تركيا ” فوق الخط” في هيئة ” ابن آوى”  فقتلتني الألغام والقنابل ….. والقنابل  تنهمر اليوم من” فوق الخط” إلى “تحت الخط” ، في غزوة سُلطان الدم والكراهية  و جيشه الطورانيّ- المحمّديّ- البعثيّ .

” ليس هنالك من قامشلوكي أُخرى”،  يا سليم !

ليس هناك من “عنترية” ، و”جرنكي ” و” هليليكي” أُخرى يا سليم

ليس هناك من “ديركي” و” جل آغا” و  ” عامودي” ” و” درباسية” أُخرى يا سليم

ليس هناك من “كوباني ” أُخرى يا سليم

ليس هناك من “عفرين” أُخرى يا سليم

“هاتِ النفير على آخره ” ؛  “هاتِه عالياً” : ليس هناك من “سري كانييه”  أُخرى.