آلدار خليل
من الغريب جداً أن نرى بأن هناك جهود لقوى وأطراف ومعها الأمم المتحدة في التباحث والنقاش حول الوضع السوري وهناك تناقضات واضحة في هذه المسارات والجهود خاصة فيما يتعلق بموضوع السوريين ذاتهم، بمعنى القضية قضية السوريين وهناك نوع من النقاش والعمل دون أية اهتمام لرأي وموقف الشعب السوري ذاته، كما يعلم الجميع بأنه حتى الآن لا يوجد ما يمكن تسميته بالحل الفعلي أو الحقيقي في سوريا في ظل ما حاولت بعض المنصات واللقاءات إظهاره من محاولات (جنيف، آستانة، سوتشي، اللقاءات الثلاثية الروسية ـ التركية – الإيرانية وكذلك الجهود الأممية).
قبل أيام، أعلنت الأمم المتحدة عن التوصل لتفاهم ما بين الفرقاء السوريين – حسب الوصف – لتشكيل لجنة لإعداد الدستور السوري بغض النظر عن الأسماء والاتفاق حولها والضغوطات في ذلك. ما هو هام هو إن الأمم المتحدة قد سبقت وأعلنت منذ سنوات عن إن الحل السياسي هو الوجهة الصحيحة وأنه ـ الحل ـ يمر عبر اتفاق سوري بمشاركة كل الأطراف، وهنا أعني القرار 2254 الذي تم الإعلان عنه في عام 2015. اليوم وأمام تشكيل اللجنة الدستورية مع إقصاء الإدارة الذاتية الأمم المتحدة تناقض قرارها من جهة ومن جهة أخرى تتبع شكل غير عادل وغير متساوٍ في التعامل مع الواقع والحالة السورية والتي من المفروض أن تكون هذه المبادئ سمات أساسية من سمات الأمم المتحدة.
بالتأكيد ما تم من تضحيات ومقاومة وجهود لتحقيق الاستقرار من قبل شعبنا في شمال وشرق سوريا وكذلك الجهود المستمرة في الحوار وتطوير الحل الديمقراطي لا يخفى على أحد ولا يمكن تجاهله كذلك بحكم إن العالم جميعه كان معنيّا بما حققه شعبنا من انتصار عندما دحر داعش ويوجد استمرار لتطوير النظام الديمقراطي. لكن، تعاطي الدول المعنية والفاعلة في سوريا وكذلك الأمم المتحدة مع حالة الواقع في سوريا ووجود الإدارة التي تمثل إرادة الملايين مصدر شك الجانب الأكثر وروداً فيه هو إنه لا توجد نوايا جادة للحل في سوريا كحال سابق الجهود التي تمت وإن اللجنة الدستورية التي تم الإعلان عنها مؤخراً قرار آخر مضمونه لا رغبة بحل حقيقي في سوريا؛ كون النتائج المرجوة من هذه اللجنة غير متوقعة في ظل الخلط الواضح فيها والتدخلات الإقليمية وغياب جزء مهم (الإدارة الذاتية)، أي نسبة 30 % من سوريا وإرادة حوالي خمسة مليون نسمة.
سوريا بعد هذا الدمار وما نجم عن الصراع وفي الوقت الذي باتت هناك مخططات خطيرة عليها – سوريا – وعلى شعبها، لا بد من أن تتحرك المسؤوليات الوجدانية والأخلاقية ولا بد من ألا يحاول البعض مع هذه الخسائر الكبيرة والضحايا أن يعيدوا البلاد إلى حالتها السابقة أو على الأقل تقديم حلول آنية ومن ثم ظهور صراعات أخرى في المستقبل. الشعب السوري يحتاج لحل يفضي إلى سوريا جديدة ديمقراطية يشارك فيها الجميع تكون معّبرة عن حقيقة الواقع والتنوع الموجود، عدا ذلك أية جهود كانت وبأي شكل كان أو صيغة لن تكون في خدمة السوريين مطلقاً ولا في خدمة مستقبلهم، لا بل النظر والتعامل مع سوريا وشعبها بالجزء أو القسم سبب هام للصراع العميق وتطور مهم للتفرقة. وهذا ما سيكون خطراً ليس على سوريا وإنما على المنطقة أيضاً.
نقلا عن روناهي