خاص/Buyer
“أخبروني بأنه هو الشخص الذي وضع الشريحة الإلكترونية في سيارة تابعة لعناصر تنظيم داعش، وعلى إثرها قصف التحالف الموكب وقُتل فيها أخوك. إذاً يا أحمد يجب عليك أن تقطع رأسه..!”
يقول أحمد بنبرة يشوبها الحزن إنه صدّق الرواية ونحر ذلك الشخص بحضور أحد الأمراء وبعض العناصر، حيث تم تصوير العملية ونُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
واحدة من القصص التي لا تزال تحفل بها مخيّلة أحد “أشبال الخلافة” قبل أن يتم تحويله إلى مركز “هوري” لتأهيل وتدريب الأطفال.
قبل التجوّل في باحة المركز، وأثناء إجراء بعض الحوارات مع نزلاء المركز، تناهى إلى سمعنا بعض الأصوات المتداخلة تردّد سويّة كلمة قصيرة لم نفهمها؛ شرحها لنا فيما بعد مصعب خلف “مدير مركز هوري لتدريب وتأهيل الأطفال” بأنها كلمة كرديّة يردّدها النزلاء البالغ عددهم 120 نزيلا بعد الانتهاء من تناول الطعام (Noşî Can be)، وتعني “الصحة والعافيّة”.
الخدمة في المركز ذاتية، فهناك من تعلم الطبخ وأصوله؛ وهؤلاء يعدّون الطعام للنزلاء في مطبخ حديث مجهّز بكلّ شيء، وكثرة “السكاكين” الآلات الحادة في المطبخ لا تشكّل أدنى خطرٍ عليهم، فقد تم تأهيلهم وأصبحوا على دراية تامة بخطورة العنف وآثاره، بل ما عاد للعنف في مخيلتهم أدنى تصوّر بحسب مدير المركز.
في المطعم، فئة تتناول وجبة الغداء وهي صحن من الأرز وصحن من المرقة. طفل يبلغ من العمر عشرة أعوام يأكل بسرعة فائقة عكس البقية الذين يلفّهم الهدوء وتعتلي شفاههم الابتسامات. تحدّثنا إليه، لكن بعد أن أنهى طعامه، فهو طفل خجول قد لا يعود إلى الطاولة ويعاود الأكل.
الطفل الطاجاكستاني شاهين ” اسم مستعار” دخل مع عائلته المكونة من سبعة أشخاص وكان حينها في الخامسة. يقول عن تلك الرحلة حسبما تسعفه الذاكرة: خرجنا من طاجكستان، ووصلنا لبلد كبير وجميل قالت لي أمي حين سؤالي أنها تركيا، ومن هناك دخلنا إلى سوريا، مدينة الميادين “دير الزور” حينها سمعت أمي تقول وهي فرِحَة: “الحمد لله, لقد دخلنا أرض الإسلام، أرض داعش”.
يكمل شاهين حديثه وهو بالكاد يتذكر ما حصل، سوى أن جميع أفراد عائلته قتلوا جرّاء قصفٍ لمواقع التنظيم ، وكان هو الناجي الوحيد، وعمره آنذاك عشر سنوات، وهو مقيم في المركز منذ سنتين..
لا تحتفظ ذاكرة الطفل يتيم الوالدين سوى بصورة جدّه، إذ يقول:” جدي في طاجاكستان، أتذكر ملامحه عندما كان يلاعبني، أريد أن أعود إلى جدي، فلا أحد يزورني هنا، عكس غالبية النزلاء. أجلس وحيداً في غرفتي وأفكر في جدي الذي أرغب بالعودة للعيش معه. أتمنى أن تطالب بي دولتي، فأنا ما زلت صغيرا”.
المرحلة الأولى:
يقول مصعب خلف مدير مركز هوري لتأهيل وحماية الأطفال إن أكثر النزلاء – وعلى وجه الخصوص السوريين – أجبرهم الفقر والعوز والظروف الصعبة للانضمام إلى صفوف التنظيم. بالطبع هناك من آمن بالفكرة أيضاً وذلك حسب التعاليم والثقافة المتشددة التي تمت تربيتهم عليها. الجميع سواسية هنا، حتى الخطِر منهم، فهم يخضعون – بداية- لتحقيق واستجواب من قبل الجهات المختصة، ويقتصر عملنا بعد تحويلهم إلى المركز على التدريب والتأهيل، وليست لدينا مكاتب تحقيق أو استجواب البتّة.
البرنامج اليومي:
يبدأ البرنامج اليومي بالاستيقاظ في السادسة صباحاً, وتبدأ النظافة الشخصية من غسيل واستحمام وترتيب غرف حتى السابعة حيث فترة الرياضة الصباحية، ومن ثم وجبة الفطور في الساعة الثامنة. فترة الدروس الصباحيّة والتي يكلّف بها معلمات مختصات دون الذكور تبدأ في الساعة التاسعة وتستمرّ حتى الواحدة ظهراً.
أما بالنسبة للمستوى التدريسي فيبدأ من المرحلة الدنيا, أي من “الصفر” كون غالبية النزلاء أميين ولم يتلقوا تعليماً. ويتم تدريسهم بمنهاج أكاديمي يتضمّن مواد ( الجغرافية، الرياضيات، التاريخ، الرسم والموسيقى، اللغة العربية، بالإضافة إلى اللغة الكردية). وبحسب اللقاءات التي جرت فأن غالبية الأطفال والمراهقين الأجانب باتوا يتحدثون العربية بطلاقة، وصار الأطفال من المكوّن العربي يتحدثون الكردية.
هناك فترة استراحة تبدأ من الثالثة حتى السادسة عصراً. أما الفترة المسائية فتخصص للترفيه والرياضة ولعبة الشطرنج ومشاهدة التلفاز وهناك من يعمل على بعض الأعمال اليدوية، كصناعة محافِظ الجيب والمسابح.
مركز “هوري” الوحيد في شمال وشرق سوريا التأسيس والفكرة منه
أسست الإدارة الذاتية “مركز هوري لتأهيل وتدريب الاطفال” بداية نيسان 2017 في بلدة “تل معروف” التابعة لناحية “تربه سبيه” وهي بلدة معروفة بمعاهدها وتكيّاتها الدينية، حيث كانت تشرف عليها العائلة “الخزنوية” المعروفة.
أحرق تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” بعد هجومه في العام 2014 ودمّر مساجد ومنارات البلدة المعروفة والفريدة في طرازها المعماريّ، إضافة إلى تدمير وتفجير أضرحة الشيوخ والأولياء، ومنها هذا المركز الذي كان معهداً لحفظ القرآن الكريم، وتعود ملكيته لعائلة الخزنوي. ولكن بعد تحرير القرية من قبل وحدات حماية الشعب والمرأة دعت مؤسسات الإدارة الذاتية الأهالي للعودة وبناء ما يمكن بناءه.
وقد تمّ إعادة ترميم وبناء المركز ورفده بكل ما يلزم. حيث خصّص بداية كمركز “تأهيل وتدريب الأحداث”، ولاحقا خصص قسم كبير منه لاستقبال أطفال تنظيم داعش لتأهيلهم وتدريبهم.
وبحسب مدير مركز هوري للتأهيل والتدريب فأن العدد الإجمالي لأطفال التنظيم الذين وصلوا إلى المركز يتجاوز الـ”450″ طفلاً ومراهقاً وتم تخريج ما يقارب الـ “330” منهم عبر برامج تأهيل وتدريب خاصة, وهم يمارسون حياتهم الطبيعية الآن ضمن عوائلهم.
مركز هوري هو الوحيد في مناطق شمال وشرق سوريا لتدريب وتأهيل الأطفال،. وبحسب خلف، فأنه لا صحة للمعلومات التي تتحدث عن وجود أماكن سرية أخرى لاحتواء أطفال تنظيم “داعش”، ويقول:” هناك فقط مخيم الهول ويسكنه الآلاف من عائلات “داعش” ومعهم أطفالهم”.
حِرَف يدويّة .. ومَهَرة
سليمان “سُلَيْ”، من أمريكا الجنوبية يبلغ من العمر ستة عشر عاما يهوى حرفة تلفت انتباه الزائر، وهي صناعة “القلوب الحمراء” من مادة الصوف والغراء.
يقول “سُلَيْ” بشيء من الأسى إنه ما زال يتذكر الفتاة التي أحبّها في المدرسة لذلك فهو يصنع لها هذه القلوب. جاء “سُلَيْ” مع زوج والدته الذي قتل ضمن تنظيم داعش، أما والدته “المُنقّبة” الأمريكية الأصل فتعيش في مخيم “روج” وهو مخيّم يقع في مدينة ديريك “المالكية” وتشرف عليه الإدارة الذاتية.
تزوره والدته بين الفينة والأخرى تحت إشراف إدارة المخيم بعد تقديمها طلب الزيارة. يقول “سُلَيْ” جاءتني والدتي قبل فترة وقد خلعت النقاب وقد لبست ألبسة نسائية كما يلبسها الغرب، وقالت لي: سُلَيْ؛ ولدي، أرجو أن تسامحني، لقد حطّمتُ مستقبلك وأتيت بك هنا”.
يقول سُلَيْ لن أكره والدتي، لقد أخطأنا وعدنا الآن إلى رشدنا، وسنحاول العودة والعيش في وطننا, لذا أطلب من حكومة بلادي أن ترأف بحالنا.
وينهي سليمان “سُلَيْ” الشاب الخلوق الذي يحترمه الجميع حديثة بالقول: والدي منفصل عن والدتي ويعيش في كندا. أرغب أن أراه وأزوره وأكمل تعليمي. لديّ رغبة أن أكون طبيباً وأساعد الناس مثلما ما تتم مساعدتي هنا في مركز هوري.
مِن قطع الرؤوس إلى أفضل سلوك ..!
قدّم لنا أحمد ” اسم مستعار” القهوة والماء وانصرف بهدوء, صمته وهدوءه لم يكونا يشيان بأي خطورة أو عنف, ومع ذلك يقول مدير المركز أنه كان أخطر نزيل لديهم، لذا طلب منه أن يلتقينا فوافق.
أحمد مراهق سوري من مدينة الحسكة، يبلغ من العمر ستة عشر عاما، انضم إلى تنظيم “داعش” في عمر الثانية عشرة حينما استولى التنظيم على بلدته.
يشرح أحمد ظروف انضمامه للتنظيم فيقول:” عندما دخلوا بلدتي تملّكنا الخوف والذعر، هربتْ عائلتي، وبقي أخي الذي انضم إليهم، ومن ثم أنا فيما بعد. وبعد تحرير البلدة من قبل وحدات حماية الشعب والمرأة خرجتُ مع التنظيم، وانضممت رسمياً لـ “أشبال الخلافة”، حيث تم تدريبنا على السلاح والمفخخات والنحر “قطع الرؤوس”.
ويتابع حديثه:” بعد أن قُتل أخي في قصف لقوات التحالف، تم اعتقال أحد الأشخاص من مدينة الحسكة وأخبروني بأنه هو الشخص الذي وضع الشريحة الإلكترونية في سيارة عناصر تنظيم داعش، وعلى إثرها قصف التحالف الموكب وقُتل فيها أخوك. (إذاً يا أحمد يجب عليك أن تقطع رأسه)..!
يقول أحمد بنبرة يشوبها الحزن إنه صدّق الرواية ونحر ذلك الشخص بحضور أحد الأمراء وبعض العناصر، و تم تصوير العملية ونُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
عاد أحمد – بعد طرد تنظيم داعش من مدينة الحسكة – إلى بلدته واستقبله والده. بقي في المنزل يوماً واحدا، ثمّ سلّمه والده إلى قوات الأمن الداخلي (الآساييش)، واعترف لهم بكل شيء. تكمن المفارقة في قصّة أحمد أن أحد أخوته كان ضمن قوات حماية الشعب يقاتل ضد تنظيم داعش.
بعد التحقيق والاستجواب تم تحويل أحمد إلى المركز كونه دون السنّ القانونيّ.
وبحسب الرئيسة المشتركة لإدارة مركز هوري الآنسة خديجة فأن أحمد تغيّر جدّاً نحو الأفضل واستفاد كثيراً في فترة التدريب والتأهيل، وهم يرفعون التقارير الخاصة بوضع النزلاء بشكل مستمر، وأحمد من بين اللذين يُكتب عن سلوكه الذي تحسن بشكل كبير بإيجابية مطلقة، وأكبر دليل على هذا التحسّن هو وجوده في المكتب بكل الأوقات… لقد انتهت تلك الفترة من حياته..!
آلية العمل التأهيلي لدى القائمين على المركز
تشرح الرئيسة المشتركة لإدارة المركز وهي إخصائية اجتماعية، كيفية استقبال الأطفال وتقول: في البداية نود أن نقول بأن فترة العقوبة التي يعاقب بها الطفل أو المراهق الحدث، ليست كافية لتأهيله ودمجه في المجتمع والعائلة، لذلك نكرر أننا نتعامل مع الطفل أو المراهق بطريقة التأهيل والتدريب لكي يتعافى من ماضيه، وبالأخص أطفال داعش “أشبال الخلافة”، ونرفض فكرة تدريسه أي فكر وأي إيديولوجية خاصة أخرى لأننا نسعى أن ينسى إيديولوجية داعش، لذلك فأن موادنا التدريسية هي أكاديمية بحتة.
وعن متابعة وضع النزلاء اللذين ينهون فترة التدريب والتأهيل، تقول الرئيسة المشتركة لإدارة المركز:” فكرنا في هذا الأمر وهو ضروري، ولكن إمكاناتنا قليلة ونحتاج إلى عدد كبير من الموظفين والأخصائيين بشأن ذلك لكننا سنتابع الأمر رغم قلة الإمكانات”.
جنسيات غربية وعربية متعدّدة.. ومطالبة بإنشاء محكمة دولية خاصة بهم
وتكشف لنا الآنسة خديجة عن الجنسيات المتواجدة في المركز وهي: (فرنسية، أمريكا الجنوبية، إندونيسية، طاجكستانية، تركية، مغربية، عراقية، سودانية، سعودية، تونسية، مصرية، تركمانستانية، روسية، وشيشانيّة). معبّرة في الوقت عينه عن امتعاضها لموقف هذه الدول الرافض استلام رعاياها من الأطفال والمراهقين.
تؤكد الرئيسة المشتركة بأنهم راسلوا غالبية تلك الدول مراراً وتكراراً لتسوية وضع هؤلاء الأطفال والمراهقين. إما عن طريق إنشاء محكمة دولية خاصة وعادلة للتمكّن من محاكمتهم والإشراف على فترة قضاء العقوبة التي تقررها المحكمة، أو أن تتعاون تلك الدول وتحضر لأخذ رعاياها بشكل رسمي.
قدم زياد الإندونيسي الأصل والبالغ من العمر ست عشرة سنة من مدينة جاكرتا مع عائلته إلى تركيا ومن ثم دخلوا إلى سوريا، وكانت وجهتم مدينة حمص، حيث كان تنظيم الدولة في العام 2014 نشطاً فيها. يقول: “اعتقلنا في العام 2017، والدي كان مقاتلاً لدى تنظيم الدولة، وهو مسجون الآن في سجن ديريك “المالكية”، وإدارة المركز تسمح لي بالتحدث عبر الهاتف مع والدي في سجنه ليطمئنّ علي. والدتي وأخوتي يقيمون في مخيم روج بمدينة ديريك/ تزورني والدتي أيضاً للاطمئنان علي.
يصرّح زياد الذي قضى عامين في المركز، وكان قد انضم إلى “أشبال الخلافة”، بأنهم كانوا يتدربون على القتال وتعرفوا على جميع أنواع الأسلحة، ويؤكّد أنه لم يشارك في القتال كما لم يقتل أحداً.
ملامحه الآسيوية البسيطة ولغته العربية الجيدة التي أتقنها في المركز دليل بأنه قطع أشواطاً في التدريب والتأهيل، ويطالب الآن حكومة بلاده بإعادته مع جميع أفراد عائلته.
الكرد الملاحدة يذيبون أكياس النايلون في أعين معتقليهم
وعن الهدوء والنظام وطريقة التعامل والاحترام التي اكتسبوها في المركز تقول الآنسة خديجة: يُلاحظ عليهم عند مجيئهم علامات الخوف والقلق على مصيرهم، هم كانوا يتوقعون بأننا سنسجنهم أو نعذبهم، كما زرع التنظيم هذه الفكرة في رؤوسهم.
بعض القائمين على إشراف وتربية “أشبال الخلافة” في تنظيم داعش أعطوا فكرة مغايرة تماماً عن الكرد، وزرعوا الرعب في نفوسهم حين قالوا لهم: “عندما يتم اعتقالكم من قبل الكرد الملاحدة – حسب توصيف داعش- سوف يقومون بحرق وتذويب أكياس النايلون على أعينكم”، لذلك كانوا خائفين للغاية.
لكن مع مرور الوقت ومحاولة التقرب من النزيل بعد أيام من وجوده في المركز يتغير الوضع كلياً ويبدأ بالتجاوب معنا في أمور بقاءه في المركز. بعضهم كان يرفض الإفصاح عن اسمه الحقيقي أو التحدث، لكنهم بعد فترة من التأهيل يتحدثون عن كافة تفاصيل حياتهم منذ الصغر، تبتسم خديجة وترتسم على محياها ابتسامة في تربية وتأهيل هؤلاء الأطفال.
أحمد الرّوسي “اسم مستعار” ابن الستة عشر عاما، يسهب أيضاً في سرد تفاصيل خطّ سير رحلته مع والده بالقول:” جاء بي والدي من روسيا، وصلنا تركيا ودخلنا سوريا. بدايةً مكثنا في مدينة جرابلس، ومن ثم وصلنا الرقة وبعدها دير الزور، لم أكن أعلم لماذا أتينا؟”
تتضح الصورة لدى أحمد بعض الشيء بعد وصولهم جرابلس السورية بأنهم في أرض “داعش” كما يسمونها. وكصديقه الإندونيسيّ اعتقل في العام 2017 ووالده مسجون في سجن ديريك، يتحدّث إليه هاتفياً، كما تزوره والدته وأخوته المقيمين في مخيم روج.
يجهل أحمد أيضاً كباقي رفاقه مصيره، ويطالب بإنشاء محكمة دولية خاصة للنظر في قضيتهم، كما يطالب الدولة الروسية أن تشفق عليهم وتعيدهم إلى روسيا لاستكمال حياتهم. يفكر أحمد باستكمال دراسته مهما كلفه من جهد ووقت. ويعتبر الفترة الماضية من حياته حلماً تم نسيانه.
أما الطفل الشيشاني الذي يحمل الجنسية الفرنسية أسد الله “اسم مستعار”، فدخل مع والده عن طريق تركيا إلى سوريا، مكثوا بداية في مدينة إدلب وتنقّلوا بين مدن منبج، الرقة، دير الزور، والميادين. قتل والده في قصف لقوات التحالف، وعندما داهمت قوات سوريا الديمقراطية المكان، كان هو على مقربة من الموقع. يقول:” في البداية ظننتهم من مقاتلي تنظيم داعش، لكن حينما اقتربوا رأيتهم غير ملتحين، قالوا لي لا تخف وتعال معنا”.
أعيش في المركز منذ عام، تتحدث معي والدتي من فرنسا عبر الهاتف، تسألني عن أوضاعي، وترسل لي بعض المصاريف، وتعمل على إعادتي إلى فرنسا. أطالب دولتي فرنسا(والتي أحمل جنسيتها) بأن تعيدني إلى وطني لأبدأ حياة جديدة مع والدتي وعائلتي التي لا أعرف عنها الكثير”.
مستقبل ومصير مجهول
يتابع مصعب خلف “مدير مركز هوري لتدريب وتأهيل الأطفال” حديثه: “يجب إيجاد حل كامل وشامل لهذه القضية الشائكة خاصة في مخيم الهول، فأعداد الأطفال كبيرة ومخيفة جداً، وبسبب حالات العنف في المخيم من قبل عوائل “داعش” لا يتمكن القائمون على المخيم من العمل على تأهيل وتدريب الأطفال والمراهقين. ومؤخراً تم طعن عنصر من قوى الأمن الداخلي الخاص في المخيم بالسكين من قبل امرأة داعشية.
وتقول الرئيسة المشتركة لإدارة مركز هوري الآنسة خديجة بأن الكثير من النزلاء قد بلغوا سن السادسة والسابعة عشرة وحين بلوغ السن القانوني نضطر إلى تحويلهم إلى سجن للبالغين، وهناك أيضاً يتم تخصيص أماكن خاصة بهم.
وتقول خديجة بأنهم طالبوا كافة المنظمات الدولية التي زارت المركز أن تساعد هؤلاء الأطفال والمراهقين. مؤكدة بأن الجميع تعافوا ونسوا المرحلة المظلمة من حياتهم وعلى الدول العمل على إنشاء محكمة دولية خاصة بشأن مصير هؤلاء الأطفال والمراهقين، ويتم أخذهم إلى دولهم وهم على أهبة الاستعداد للاندماج في مجتمعاتهم.
وطالبت الإدارة الذاتية دول العالم عبر دائرة العلاقات الخارجية وجميع ممثلياتها في العالم بإنشاء محكمة دولية خاصة للنظر في أمر عناصر وعوائل تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” المعتقلين لدى قوات سوريا الديمقراطية (قسد). طالبتهم بالقدوم إلى مناطقها واستلام مواطنيها، والعديد من الدول الغربية والأوربية جاءت واستلمت رعاياها بشكل رسمي.
كما وطالب مؤخراً الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي تقود بلاده التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، كافة الدول باستعادة مواطنيها المعتقلين لدى شركائهم في إشارة منه إلى “قوات سوريا الديمقراطية”..