حذر تقرير أميركي لمعهد «دراسة الحرب» بواشنطن من عودة «تنظيم داعش» مرة أخرى بشكل سريع وأكثر خطورة وقيامه بشن موجة جديدة من الهجمات في أوروبا.
وأكد أن «داعش» يسعى إلى إعادة سيطرته الإقليمية في العراق وسوريا، وسينجح في ذلك إذا انسحبت الولايات المتحدة. وأوصي التقرير باتخاذ خطوات فوريا للحد من استعادة التنظيم لنفوذه وقدراته، مطالبا إدارة ترمب بوقف خطط الانسحاب من سوريا، وزيادة تقديم الدعم الأميركي لقوات سوريا الديمقراطية. وقال تقرير بعنوان «عودة (داعش) الثانية» لمعهد «دراسة الحرب» وهو مؤسسة أبحاث غير حكومية مقرها واشنطن، إنه لم يتم هزيمة «داعش» على الرغم من فقدانه للأرض التي أقام عليها خلافته المزعومة في العراق وسوريا، وإنه اليوم أقوى من سلفه «القاعدة» في العراق في عام 2011.
وقارن التقرير المكون من 76 صفحة بين قوة «داعش» اليوم وقوة «تنظيم القاعدة في العراق» عام 2011، حينما انسحبت الولايات المتحدة من العراق، وكان لدى «تنظيم القاعدة في العراق» ما بين 700 إلى ألف مقاتل، بينما يصل عدد المقاتلين لدى «داعش» ما يصل إلى 30 ألف مقاتل في العراق وسوريا في أغسطس (آب) 2018، وفقا لتقديرات وكالة الاستخبارات العسكرية الأميركية.
ووفقا للتقرير فإن «داعش» بنى جيشا كبيرا من بقايا تنظيم «القاعدة» في عام 2011 بما يكفي لاستعادة الفلوجة والموصل ومدن أخرى في العراق والسيطرة على معظم شرق سوريا في ثلاث سنوات فقط. وأكد التقرير أن «داعش» يخطط للعودة، وأن التنظيم الإرهابي، بدأ في إعادة بناء قدراته منذ أواخر عام 2018 وأنه سوف يتعافى بشكل أسرع بكثير وإلى مستوى أكثر خطورة مما سيمكنه من شن تمرد أكثر عدوانية خلال الشهور القادمة.
وأوضح التقرير أن خطط مكافحة «داعش» التي بدأها الرئيس أوباما واستأنفها الرئيس ترمب كانت بطيئة بالقدر الذي أعطى التنظيم الإرهابي، الكثير من الوقت للتخطيط والإعداد للمرحلة التالية من الحرب، وأن «داعش» كان لديه خطة للعودة معدة مسبقا في حال سقوط الخلافة، وكان يقوم بتنفيذها أثناء الحملة العسكرية التي سنتها قوات الأمن العراق وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
وأشار إلى أن «داعش» انسحب عن عمد ونقل الكثير من مقاتليه وعائلاتهم من مدن الموصل والرقة السورية وغيرها من المدن المهمة إلى مناطق الدعم الجديدة والقديمة في سوريا والعراق، حيث لا تزال قواته منتشرة في كلا البلدين وتشن عمليات هجومية. واحتفظ التنظيم بشبكة تمويل عالمية قامت بتمويل انتقالها، وتمكن التنظيم من الحصول على الأسلحة وغيرها من الإمدادات وإعادة تجهيز قواته.
وأشار التقرير إلى تصريحات لأبو بكر البغدادي الذي أشار إلى أنه منذ يونيو (حزيران) 2018 يقوم بإعادة تشكيل هياكل القيادة والسيطرة وهدد بموجات من التفجيرات وتكرار حملاته في المدن المحررة بما في ذلك الموصل والرقة، كما استأنف إعادة بناء القدرات الإعلامية واستخدام وسائط التكنولوجيا عبر الإنترنت.
وحذر التقرير من عودة التنظيم الإرهابي بسبب عدم استقرار المناطق التي تم تحريرها وعدم استتباب الأمن بها، مشيرا إلى أن «داعش» يقوم بالتخلص بشكل منهجي من قادة القوى والمدنيين الذين تعاونوا مع القوات المناهضة في العراق، وإذكاء عدم ثقة السكان بحكومة العراق، وقام بإعادة فرض الضرائب، على السكان المحليين وتشريد المدنيين. وفي سوريا شن «داعش» تمردا ثلاثيا ضد قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، وضد قوات نظام بشار الأسد، وضد «هيئة تحرير الشام»، كل ذلك يؤدي إلى توقف جهود إعادة الإعمار وإطالة أمد الحرب الأهلية السورية.
وخلص التقرير أنه إذا انسحبت الولايات المتحدة فإن التنظيم سيسعى إلى إعادة سيطرته في العراق وسوريا. وشدد التقرير أن الوجود الأميركية في شرق سوريا له أهمية كبيرة في القيام بعمليات استخباراتية وجوية حيوية لا يمكن استبدالها إذا انسحبت الولايات المتحدة، كما أنه يمنع تركيا من غزو شمال شرقي سوريا، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى سحب قوات الدفاع الذاتي قواتها من وادي نهر الفرات الأوسط للدفاع ضد تركيا في الشمال مما يخلق مساحة أكبر يمكن أن يعود «داعش» من خلالها إلى الظهور مجددا. وشدد التقرير أن تقوية ودعم قوات سوريا الديمقراطية أمر ضروري لمنع «داعش» من استخدام سوريا كقاعدة لتقوية قواتها في العراق.
وحذر التقرير في توصياته من قدرة التنظيم الإرهابي على إعادة تنظيم صفوفه بنجاح مما يؤدي إلى قيامه بشن موجات من الهجمات في أوروبا، مشددا أن الولايات المتحدة تكرر خطأ فادحا بالتقليل من قدرة «داعش» على إعادة الظهور، وطالب بوقف خطط إدارة ترمب لسحب القوات الأميركية من سوريا كما طالب بدعم قوات سوريا الديمقراطية وتوسيع عمليات المساعدات الإنسانية للحد من جاذبية «داعش» خاصة بين السكان الذين يعيشون في مخيمات النازحين. كما طالب التقرير بوضع استراتيجية أكثر قوة لهزيمة «داعش» بشكل نهائي وتهيئة الظروف لمنع عودته وإعادة تشكيل صفوفه مرة أخرى.
المصدر: الشرق الأوسط