احتفل الأمازيغ بقرار مجلس النواب المغربي في العاشر من الشهر الجاري، استخدام الأمازيغية كلغة رسمية في البلاد، رغم أنها كانت معتمدة في الدستور منذ ثماني سنوات. ورسم القانون مراحل استعمالها وكيفية إدراجها في الحياة العامة والمؤسسات الرسمية على مراحل. إلا أن بعض الأمازيغ يتهمون البرلمان بالتحايل وافتقاد الشفافية في تطبيقها كلغة رسمية.
فما الذي يطالب به الأمازيغ؟
أبجدية تيفيناغ
تُسمى الأبجدية التي يستخدمها الأمازيغ والطوارق بـ “تيفيناغ”، وهي واحدة من أقدم الأبجديات في العالم، وتختلف تماماً عن الأبجدية العربية واللاتينية.
كانت تستخدم منذ أكثر من ألفي عام قبل الميلاد من قبل سكان المنطقة في موطنهم الأصلي الذي يمتد من غربي مصر القديمة إلى جزر الكناري، ومن حدود جنوب البحر الأبيض المتوسط إلى أعماق الصحراء الكبرى في النيجر ومالي.
وقد طرأت تغييرات على هذه الأبجدية على مر العصور، واستقرت على شكلها الحالي منذ ما يقرب الـ 500 عام. وكانت تُستخدم للتعبير عن طقوسهم الدينية والقومية والثقافية وغيرها.
ومع حلول الإسلام في تلك المناطق، تبنت نخبة من الأمازيغ اللهجة العربية المغاربية التي هي خليط من العربية والأمازيغية. أما أمازيغ جزر الكناري فتبنوا الإسبانية، إلا أنهم يعدون أنفسهم أمازيغاً.
وتنتمي لغة الأمازيع لعائلة اللغات الأفرو آسيوية ولها صلة باللغتين المصرية والأثيوبية القديمة. وتوجد لهجات مختلفة بينها اختلافات من ناحية النطق، ولكن لها قواعد ومفردات متماثلة.
ويختلف التقويم الأمازيغي عن الميلادي، فرأس السنة الأمازيغية يصادف الـ 13 من يناير في كل عام، أما العام الحالي بحسب التقويم الأمازيغي فهو عام 2969.
ورغم إضفاء الطابع العربي الإسلامي على المناطق التي يتواجدون فيها، واختفاء لغتهم من التداول الرسمي، إلا أنهم حافظوا على تقاليدهم وهويتهم ولغتهم من الانقراض.
من هم الطوارق أو “الشعب الأزرق”؟
إحياء اللغة
اختفت اللغة الأمازيغية من التداول بين الأمازيغيين لفترة طويلة. ويعود الفضل للطوارق في الحفاظ على اللغة بسبب انعزالهم في الصحراء الكبرى. وظلت الأمازيغية لغة الطوارق منذ القدم حتى الوقت الراهن.
وأعيد إحياؤها من قبل الأمازيغ في الجزائر في ستينيات القرن الماضي من قبل الأكاديمية الأمازيغية. وعبر مئات السنين قاوم الأمازيغ عملية التعريب الكامل للغتهم وثقافتهم وحافظوا عليها من الاندثار رغم حصر استخدامها.
وفي المغرب تم إحياؤه من خلال المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بعد احتجاجات “حركة 20 فبراير” عام 2001.
وعلى الرغم من أن الدستور المغربي نص على إدراج الأمازيغية كلغة رسمية منذ ثماني سنوات، إلا أن البرلمان أقر تدريسها في المؤسسات الحكومية على مراحل لإعطائها الطابع الرسمي.
ويقول عبد الله بادو، رئيس “الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة” في تصريح لوسائل الإعلام: “إن صياغة القانون لا تستجيب للمعايير التي تضمن حيوية الأمازيغية، ولا تضمن تكافؤها مع العربية، خصوصا أن القانون في تعريفه للأمازيغية اختزلها في مجرد تعبيرات، ما يحيل أوتوماتيكيا على عدم الالتزام بترسيم الأمازيغية كلغة، ويطرح التساؤل بخصوص استراتيجية الدولة في التعامل معها”.
أماكن توزع الأمازيغ
ينتشر الأمازيغ في شمال القارة الأفريقية بدءاً من المغرب غربا إلى مصر شرقا، ومن البحر المتوسط شمالا إلى نهر النيجر جنوباً.
أما في المغرب، فينتشرون في شمال البلاد ومنطقة الريف وجبال الأطلس، وفي الجزائر في منطقة القبائل وشرق البلاد وشمال الصحراء الكبرى، وفي تونس، في جربة وتطاوين وشرق قفصة، وفي ليبيا ينتشرون في جبل نفوسة وزوارة، أما في مصر فهم في واحة سيوة، ومناطق متفرقة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو وموريتانيا التي تتنقل عبر حدودها قبائل الطوارق.
أما عددهم في بلدان تواجدهم، فليس معلوماً بسبب عدم وجود إحصائيات بذلك، كما أن المقصود بكلمة أمازيغ غير محدد بعد.
وهناك أشخاص كثيرون يعتبرون أنفسهم عرباً على الرغم من أنهم من أصل أمازيغي، لكنهم استعربوا منذ حلول الإسلام في المنطقة وخاصة الموجودون في ليبيا والجزائر والمغرب.
وبالإضافة إلى توزعهم في مواطنهم الأصلية، هناك الملايين منهم في أوروبا أيضاً.
أصل الأمازيغ
أطلق على الأمازيغ قديماً تسمية “بربر”، التي يُعتقد بحسب إحدى النظريات أنها مشتقة من كلمة باربادوس وتعني الأغراب باليونانية.
أما الأمازيغ، فيشرحون كلمة أمازيغ بـ “النبيل الحر”، ويطلقون على اسم المغرب تسمية “تمازيغت” أي أرض الأمازيغ.
وهناك اختلاف حول أصولهم التاريخية، فمن الخبراء من يقول إنهم جاؤوا من اليمن القديم وسافروا إلى إفريقيا عبر البحر، ومنهم من يرى أنهم ربما جاؤوا من أوروبا أو مناطق البحر الأبيض المتوسط القديمة. إلا أن علماء الآثار عثروا على أول إنسان في التاريخ في بعض مناطق أفريقيا، لذلك، يرجح البعض أن الإنسان الأمازيغي لم يهاجر إلى شمال أفريقيا بل كان موجودا هناك منذ البداية.
والأمر الوحيد المؤكد هو أن الأمازيغ موجودون في شمال القارة الأفريقية قبل أي شعب آخر بحسب كتب التاريخ.
ومن أبرز الأسماء في تاريخ الأمازيغ:
الملكة الأمازيغية تيهيا الأوراسية التي لُقبت بالكاهنة الداهية، وكانت قائدة عسكرية وملكة هزمت الجيوش الرومانية والإسلامية في العديد من المعارك.
المقاوِمة لالة فطمة ن سومر، التي قاومت الاستعمار الفرنسي للجزائر، ولُقبت من قبل المؤرخ الفرنسي لوي ماسينيون بـ “جان دارك جرجرة” تشبيهاً بالبطلة الفرنسية جان دارك.
جوجورثا: ملك نوميديا الذي هزمه الرومان عام 111 قبل الميلاد
القديس أوغسطين: أحد أهم الشخصيات المؤثرة في المسيحية الغربية
ابن بطوطة: الرحالة والكاتب والمؤرخ الذي عاش في القرن الرابع عشر.
محمد عبد الكريم الخطابي، قائد أمازيغ الريف في المغرب في أوائل القرن الماضي، وقد خاض حربا ضروساً ضد الاسبان.
المصدر: BBC