نددت عائلات فرنسية ببقاء حوالى مئتي طفل فرنسي لعائلات جهاديين، غير الذين تمت إعادتهم الى البلاد، في سوريا والعراق، معتبرة أن الأمر يتناقض مع قيم فرنسا ويشكل خطرا على أمنها على المدى البعيد.
وبعد إعادة خمسة أطفال أيتام في آذار/مارس، استعادت باريس الاثنين من سوريا 12 طفلاً آخرين، بينهم عشرة يتامى، أما الاثنان الآخران فوافقت أمهما على الانفصال عنهما.
وصرح تييري ريو من سفران (سين سان دوني)، وهو عضو في ائتلاف العائلات المتحدة الذي يجمع نحو خمسين من عائلات شباب غادروا إلى سوريا والعراق بعد عام 2011، لوكالة فرانس برس “إنه خبر جيد، لكن يجب الذهاب أبعد من ذلك سريعاً وإعادة الجميع”.
وتقول العائلات ومحاموهم إن نحو مئة أم ونحو 200 طفل فرنسيين، ثلاثة أرباعهم دون سن الخامسة، يعيشون “في ظروف صحية مزرية” في المخيمات السورية حيث تحتجز مئات العائلات الأجنبية التي انضمت الى تنظيم الدولة الإسلامية. وخسر التنظيم في آذار/مارس معقله الأخير في الباغوز شمال شرق سوريا.
لكن بحسب استطلاع نشر أواخر شباط/فبراير، فان ثلثي الفرنسيين لا يرغبون بعودة أبناء الجهاديين الذين غادروا إلى سوريا والعراق، إلى فرنسا، خشية أن يتحولوا في يوم من الأيام بدورهم إلى جهاديين في فرنسا. لكن عائلات الجهاديين ترى هذا الموقف “سخيفاً” باعتبار أن الأطفال لا يزالون صغارا جداً في السن، من جملة اعتبارات أخرى.
وشددت الحكومة التي تؤيد إعادة الأطفال وفق “كل حالة على حدة”، على أن مَن أعادتهم الاثنين هم “يتامى ومعزولون” أو “ضعفاء بشكل خاص”. وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان-ايف لودريان الثلاثاء أمام البرلمان “إذا توفرت لنا فرص أخرى، سنحاول الاستفادة منها أيضاً”.
وتقول آن من شمال فرنسا، وهو ليس اسمها الحقيقي ولديها ابنة وأربعة أحفاد في أحد المخيمات، بغضب إن “كل الأطفال، يتامى أم لا، هم في خطر والتفريق بين الاثنين غير مفهوم”، متسائلة “والأطفال الآخرون، نتركهم يموتون ببطء هناك؟”.
-“تطرف متصاعد”-
حفيدة كريستين موران من ناربون موجودة أيضاً في مخيم الهول مع والدتها التركية. والتحق والدها توماس في سوريا بفابيان كلان (الذي تبنى في تسجيل صوتي مع شقيقه جان-ميشال كلان اعتداءات 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 في باريس) وقتل معه هناك في شباط/فبراير في معركة الباغوز.
وتقول موران (60 عاماً) إن الطفلة “ستبلغ عامين هذا الصيف، أريد أن أخرجها من هناك قبل أن تبدأ ذاكرتها بالتكون”، فيما كانت تعرض عبر هاتفها صور الطفلة ذات الشعر الأحمر بثوب أبيض.
وتضيف باكية “حلّ الصيف، وهم يعيشون تحت خيم، سيكون الحرّ شديداً. هل ينتظرون أن يموت كل أطفالنا؟”.
وتعتبر العائلات أن الأمهات كما الأطفال بخطر في سوريا.
وتفيد شهادات متطابقة أنه في مخيم روج كما في الهول، يقوم مئات من الأجانب الأصوليين بفرض شريعتهم على الآخرين، أحياناً باستخدام العنف (حرق خيم، اعتداءات…). ولاحظت منظمة الصحة العالمية أيضاً “تصاعد التطرف والتوتر” بين المحتجزين في الهول.
وتواصل باريس رفضها القاطع إعادة الراشدين من رجال ونساء، معتبرةً أنه يجب محاكمتهم “حيث ارتكبوا جرائمهم”. ونقل 11 فرنسياً محتجزاً في سوريا إلى العراق، وهي دولة ذات سيادة على عكس الإدارة الذاتية الكردية في شمال سوريا، حيث حكم عليهم بالإعدام في الأسابيع الأخيرة.
ويرى أمين الباهي من روبيه (شمال فرنسا) الذي لديه شقيقة محتجزة في الهول مع طفليها أن “فرنسا تستخف بقيمها من خلال إسناد الأمر للقضاء العراقي. وبدل أن يخضع للرأي العام، على ماكرون أن يتخذ القرار الإنساني والشجاع بإعادة الجميع”.
ويؤكد تييري روي أن فرنسا “لديها تماماً القدرة على استقبال كل الأطفال، وتحمل مسؤوليتهم وتأمين حياة طبيعية لهم، ومحاكمة الراشدين”.
وترى العائلات أن ترك هؤلاء في سوريا يعني المخاطرة “بتركهم يكبرون في ظل كرههم لبلدهم”.
وتؤكد كريستين مورين “إذا كبروا وهم يتشربون تلك العقيدة، لن نتجاوز هذه المشكلة أبداً. سيتحولون هناك قنابل موقوتة”.
المصدر: AFP