حذّر تقرير أميركي من خطر زوجات وأرامل الداعشيين اللائي يعشن، مع أطفالهن، في معسكرات بسوريا والعراق، أو غادرت أعداد منهن إلى دولهن في الشرق الأوسط، وأوروبا، والولايات المتحدة. وقال التقرير الذي نشره، يوم الجمعة، «أتلانتيك كاونسل» (المجلس الأطلسي)، من أكبر معاهد الأبحاث في واشنطن العاصمة: «كانت العلاقة بين (داعش) وأعضائه من الإناث دائماً معقدة. من ناحية، فرضت الجماعة المتطرفة قيوداً صارمة على لباس المرأة، وعلى قدرتها على الظهور في الأماكن العامة. ومن ناحية أخرى، جندت كثيراً من النساء، ودربتهن على القيام بمهام مختلفة، لكنهن لا يردن العودة إلى ديارهن». وأشار التقرير إلى أسئلة كثيرة حول مصير هؤلاء النساء، سواء محليات، من سوريا أو العراق، أو من دول أجنبية، خصوصاً غربية.
في الشهر الماضي، نشر مركز «الحرب ضد الإرهاب» بجامعة جورج واشنطن (في واشنطن العاصمة) تقريراً عن الداعشيات المتشددات في معسكر الهول، شمال شرقي سوريا، جاء فيه أن داعشيات في المعسكر لا يكتفين بالهجوم اللفظي، بل يستعملن سكاكين من المطابخ لتهديد غيرهن. ويرشقونهن بالحجارة، بل ويحرقن خيامهن، وأن هؤلاء المتشددات أسسن خلايا داخل المعسكر لفرض عقوبات على «النساء العاصيات» بطريقة وصفها التقرير بأنها «همجية».
وقال التقرير إنه، بعد سقوط آخر معاقل «داعش»، فُصِل المقاتلون الأكراد النساء (مع أطفالهن) عن الرجال، وأُرسلن إلى معسكر الهول، الذي شهد عدد سكانه انفجاراً منذ أوائل العام، من 9 آلاف شخص إلى أكثر من 73 ألف شخص في الشهر الماضي.
ونقل التقرير قول مسؤول من القوات الكردية التي تحرس المعسكر: «عندما بدأ الناس في الوصول إلى المخيم من باغوز (آخر معاقل داعش)، تغير الجو بمقدار 180 درجة. قبل ذلك، عندما استضاف المخيم نحو 10 آلاف سورية وعراقية، لم تكن النساء يغطين وجوههن. لكن، الآن، لن ترى فتاة عمرها أكبر من 8 سنوات دون حجاب».
وأضاف المسؤول: «بعض هؤلاء النسوة جئن من دول محافِظة بالفعل، حتى لو لم يؤيدن (داعش). لكن، الآن، هنا، صرن أكثر تطرفاً».
وقال تقرير «أتلانتيك كاونسل»: «تجنب الداعشيون الأجانب العودة إلى بلدانهم الأصلية، مدركين تماماً أنه يمكن إلقاء القبض عليهم، لكن النساء يتواصلن مباشرة مع بلدانهن الأصلية، ويقاتلن من أجل إعادة تأكيد جنسيتهن حتى يتمكّنّ من ترك ظروفهن غير القابلة للحياة إطلاقاً». وقال التقرير إن «الأساس المنطقي» للذكور للانضمام إلى «داعش» أكثر وضوحاً، حيث سعى كثير منهم إلى القتال في قضية يرونها «صالحة» إلى جانب إخوانهم. ولكن بالنسبة للأعضاء الإناث، لم تجد أكثرهن هذا الخيار، لأن «آيديولوجية (داعش) فرضت قواعد جنسية تقليدية ونمطية على النساء».
داخل «داعش» منعت القوانين النساء من الخروج من تلقاء أنفسهن، وحددت ملابس النساء، بما في ذلك وجوب غطاء كامل للجسم، وحظر الأحذية ذات الكعب العالي، والأحذية الملونة، ومنع العطور، وحظر النساء من السفر دون موافقة محرم.
وأضاف التقرير: «رغم ذلك، كلف (الداعشيون) النساء بأدوار معينة. وأسهمت بعضهن في أدوار رئيسية في تأسيس (داعش)، وفي أدوار تعليمية، وطبية، وتجنيدية مهمة. ونفذت نساء عمليات إرهابية خطط لها داعشيون».
وقال التقرير إن رجال «داعش» غسلوا عقول النساء بما سموه «جهاد التمكين»، وهي فكرة أن القتال يستند إلى خطة أكبر لإقامة «داعش» ذات سلطة مركزية. لكن، بعد فقدان التنظيم، غيّر رجال «داعش» استراتيجيتهم إلى ما سموه «جهاد التحدي»، يعني هذا «مضايقة الأعداء وإسقاطهم، مع اكتساب مجندين ومجندات جدد في هذه العملية». لهذا، توقع التقرير أن «جهاد التحدي» سينتقل إلى الدول التي جاءت منها الداعشيات، عندما يعدن، أو إذا عدن.
وقال التقرير إن المسؤولين عن الأمن في الدول التي تعود إليها الداعشيات «يواجهون هذا التحدي الخاص بهم، المتمثل في كيفية معالجة ومتابعة (الداعشيات العائدات). في البداية، أطلق سراح بعض النساء للعودة إلى مجتمعاتهن، اعتقاداً بأنهن لن يقمن بعمليات إرهابية». لكن أدى هذا إلى رد فعل عنيف «لأن هؤلاء النساء لم يمررن بأي نوع من أنواع إعادة التأهيل. لهذا، صرن يمثلن خطراً غير معروف على مجتمعاتهم. ولهذا، تقلق الحكومات الغربية من إمكانية عودة هؤلاء النساء إلى صفوف (داعش)… في نهاية المطاف، يفتح هذا الباب أمام عمليات إرهابية جديدة في أوروبا والولايات المتحدة».
االمصدر: الشرق الأوسط