تنتشر العديد من المجموعات والصفحات التي تتوسط للزواج بين اللاجئين واللاجئات في ألمانيا، لكن نسبة النجاح “ضئيلة”، كما تقول مشرفة سابقة على إحدى أكبر تلك المجموعات، فما هي الأسباب؟
” اذا سمحتو. ممكن النشر بدون اسم. صبية ٣١ سنة عزباء. دارسة طب بشري في جامعة دمشق. حاليا بألمانيا تعمل في مشفى. طلبها شب لحد أربعين سنة. يكون متعلم (شهادة جامعية ) واهم شيء يكون صاحب دين و أخلاق. شكرا “، هذا الإعلان ليس إلا واحداً من بين إعلانات كثيرة ترد على مجموعة زواج السوريين في ألمانيا.
منذ حوالي سنتين لفتت نظر نادين هذه المجموعة وغيرها من المجموعات على الفيسبوك للتوسط بين السوريين فيما يتعلق بموضوع الزواج، آنذاك كانت تبحث عن زوجة لأخيها، كما تقول لمهاجر نيوز.
وتتابع نادين محمد منير، التي لجأت إلى ألمانيا منذ حوالي أربع سنوات: “بعد أن دخلت في إحدى أشهر المجموعات رأيت أن الأمر يتم بعشوائية، كما كان هناك تخبط كبير من قبل الشباب في المجموعة، حيث كانوا يبالغون في إطلاق الأحكام المسبقة على الفتيات”.
وبعد أن اشتكت نادين، 39 عاماً، لدى مديري المجموعة من منشور يدّعي فيه كاتبه أن “اللاجئات يتزوجن من أجل المال”، طرحت الإدارة فكرة أن تستلم نادين، الأم لطفلين، الإشراف على المجموعة. تقول نادين: “وافقت على ذلك، على أمل مساعدة الناس، وخصوصاً بعد أن رأيت إقبالاً كبيراً على المجموعة”.
“بعضهم جدّي وكثيرون يتسلّون”
وبعد فترة من الإشراف على المجموعة، استطاعت الصحفية السورية تمييز الجديين في طلب الزواج من الذين “يتسلون”، على حد تعبيرها. وترى نادين أن “غالبية البنات صادقات لكنهنّ تراقبن فقط خوفاً من أن تفتح المجال لشاب يتكلم معها فقط من أجل التسلية”.
وتشرح: “لاحظت أن الكثير من الشباب في بداية العشرينات ليسوا جديين بما فيه الكفاية، ولسان حالهم يقول: إن تم الزواج بالصدفة فهذا جيد، وإن لم يتم أبقى أتسلى مع الفتيات”.
أما بالنسبة للأشخاص الذين بلغوا الثلاثين- كما تقول نادين- فقد كان “التعامل معهم أفضل وكانوا صادقين بشكل أكثر”، وتضيف: “كانت هناك جدية أكبر لديهم مقارنة بشباب أصغر، لأنهم قاموا بتأسيس أنفسهم ويعرفون ماذا يريدون”.
وقد قامت نادين في السنة الأولى من عملها كمشرفة للصفحة بالتوسط في حوالي 20 زيجة، لكن غالبها لم تنجح بسبب مجموعة الفيسبوك فقط، بل عن طريق العلاقات الشخصية، كما تقول.
كيف يتم التوسط للزواج عبر الفيسبوك؟
ترى نادين أن المشكلة الأساسية في البحث عن شريك حياة على الفيسبوك هي عدم الثقة، حيث أن الطرفين لا يعرفان بعضهما البعض ولا العوائل تعرف بعضها، وهذا ما يجعل نسبة نجاح الزواج عن طريق التعرف على النت ضئيلة، كما تقول.
أما بالنسبة لدور الوسطاء، ترى اللاجئة السورية على أن دورهم لا يتعدى مرحلة بسيطة من الوساطة بين الطرفين، مشيرة إلى أن ذلك لا يصل إلى الدور الذي كانت تقوم به “الخطّابة” في المجتمعات العربية.
وتوضح: “الخطّابة التقليدية تعرف عائلات الطرفين، لكن الوسطاء على الانترنت لا يعرفون الغالبية العظمى من الناس في المجموعة، ولذلك كنت أوضح للراغبين بالزواج بأنني لست خطّابة بالمعنى التقليدي”.
فالوسيط، كما تقول نادين، لا يتعدى دوره إيصال الطرفين ببعضهما البعض بعد تقديم المعلومات الأساسية عن كل منهما للآخر، وفي حال حصل انسجام بينهما يتقدم الشاب لخطبة الفتاة بشكل رسمي.
“مشكلة الشباب هي انعدام المسؤولية والأحكام المسبقة”
لكن عدداً من الشباب اللاجئين في المجموعة يرون أن أكثر ما يثقل كاهلهم ويقف عائقاً أمام زواجهم هي طلبات عائلات الفتيات، ويكتب محمد: “يبدو أن الشباب السوريين في ألمانيا سيصلون إلى مرحلة العنوسة بسبب الطلبات الخيالية لأهالي الفتيات”.
ورغم وجود بعض العائلات التي قد تقوم بذلك بالفعل، ترى نادين أن سبباً آخر قد يكون وراء إغلاء المهر، وتقول: “عندما يذهب شاب ليخطب فتاة ما، فإن أهل الفتاة يسألونه عن دراسته أو مهنته، وعندما يرون أنه لم يدرس ولم يعمل، يرونه إنساناً غير مسؤول ولذلك يرفضونه”، مشيرة إلى أن إغلاء المهر قد يكون نوعاً من أنواع الرفض بلطف، من باب المثل القائل: “إذا لم ترد تزويج ابنتك فقم بإغلاء مهرها”.
“الفتيات أيضاً لسن ملائكة”
ورغم أن غالبية الفتيات اللواتي طلبن من نادين التوسط للزواج كان همهم الأول هو أخلاق الشاب وقدرته على تحمل المسؤولية، كما تقول نادين، إلا أنه مرت عليها حالات كان فيها تعامل الفتيات مع الشباب “غير لائق”، رغم جدية الشاب في طلبه للارتباط، بحسب تعبيرها.
وترى اللاجئة السورية أن أحد الأخطاء التي قد ترتكبها الفتيات اللاجئات الراغبات بالزواج هو إصرارهنّ على الزواج من شخص مثالي ينهي جميع مشاكل حياتها بسرعة ويوفر لها كل ما تريده.
نقاشات ساخنة
وتدور في مجموعة “زواج السوريين في ألمانيا” نقاشات ساخنة حول موضوع الزواج، لا تخلو من إطلاق أحكام مسبقة على الطرف الآخر.
ويؤكد د.محمد سيجري، أحد مدراء مجموعة “زواج السوريين في ألمانيا” أنهم يقومون بقراءة جميع المنشورات في المجموعة، ويضيف: “نقوم بمراقبة محتوى المنشورات والتعليقات للتأكد من أن تكون محترمة، كما أننا قد نضطر أحياناً لحذف بعض الأعضاء غير المتفهمين”.
أما عن وجود منشورات قد تحمل أحكام مسبقة تجاه آخرين أو بقاء منشورات أخرى قد تثير جدلاً في المجموعة، يقول د. سيجري إنهم يتركون بعض المنشورات المثيرة للجدل ولا يحذفونها، وذلك من أجل فتح النقاش حول موضوع المنشور، في محاولة لنشر الوعي والوصول إلى نتيجة.
لكن هذه النقاشات الساخنة قد تصل إلى حد التهجم على مشرفي المجموعة أو مضايقتهم، كما حصل مع نادين، والتي اضطرت في النهاية أن تترك الإشراف على الصفحة.
تقول نادين: “كانت نسبة نجاح جهود الوساطة ضئيلة جداً، وبعد تعرضي لمضايقات، اضطررت لترك الإشراف على المجموعة لأن العديد من الشباب يتهجمون على الفتيات عندما لا يحصل انسجام بين الطرفين، ما يجعلهم يطلقون عليهن أحكام مسبقة وهذا ما لا أرضاه”.
ورغم أنها كانت مشرفة لأحد أكبر المجموعات التي تتوسط في موضوع الزواج بين اللاجئين في ألمانيا، إلا محاولات نادين لإيجاد شريكة عمر لأخيها عبر الفيسبوك لم تنجح، ولم تجد زوجة لأخيها سوى عن طريق المعارف والعلاقات الإنسانية الواقعية بعيداً عن عالم الواقع الافتراضي.
المصدر: مهاجر نيوز