ما أنْ دخل الكُرد إلى مرحلة الحرب ضد «داعش» حتى تراءى لغالبيّة المراقبين كيف أنّ المشهد الإعلامي الكُرديّ يحتاج إلى تجربة غنيّة في ظلّ تفاقم النزاعات، فغالبيّة الإعلام ساهم في استثمار ما يحدث لصالح الحزب، بمعنى أنّ الهمّ الحزبي طغى على المشهد العام، في الوقت الذي لا يوحي شكل الصّراع بضرورة إقحام الحزب به.
بوتان تحسين، وهو مدير شبكة»باس» يقول: أنّ ما حدث كان أمراً مفاجئاً للإعلام المستقل، ويرى أنّ» تجربة الإعلام المستقل في كردستان تجربة فتيّة، فهي بحاجة إلى وقت، وبرّر تحسين أنّ ما حدث كان مفاجئاً حتى بالنّسبة له»، الحقّ أنّ مقاربة الإعلام في حالتنا ونحن نقارع حرباً من نوع خاص ولها بعد دّولي كانت مقاربة متخلّفة ..وبدا أنّنا ما زلنا في بداية الطريق، لإنضاج تجربة الإعلام المستقل (يقول بوتان تحسين)، في الوقت الذي يرى صبحي العلي وهو مدير تحرير لموقع «برجاف»، الذي يتخذ كُوباني (ريف حلب)مقرّاً له، أنّ القول بأنّ للكُرد إعلام مستقل، فهذا يستدعي وقتاً أطول، ويقول العلي: نخوض الآن تجربة الإعلام المستقل، لكنْ سنبقى أسرى للإعلام الحزبي، ويتابع العلي: أنّ الكُرد لعشرات السنين، منعوا من رؤية أنفسهم في إعلام مستقل، ويستطرد العلي: بالأصل لمْ نجد حتى قبل سنوات إعلاماً اسمه إعلام مستقل.
ويرى دلبخوين دارا، وهو مذيع مشهور في قناة «روداو» الكُرديّة: «إنّ ما حدث كان حدثاً مفصليّاً على صعيد الإعلام بشكل عام في كُردستان، وأنّنا أمام اختبار تاريخي«،! ويتساءل دلبخوين» هل سننجح في بلورة الإعلام المستقل الذي سيقارب ما يجري بعين الإعلام لا بعين ما نريده؟، ويعزو دلبخوين دارا الفشل الذي لاحق الإعلام الكُردي المرئي والمسموع والمقروء، إلى أنّ الإعلام حتى إنْ ادّعت باستقلاليته، فإنّه ما زال أسيراً للهم الحزبيّ الخاص، ولعلّ السبب يعود إلى أنّ كل الإعلام تدعمه مؤسسات حزبية أو يدعمه حزب ما من بعيد، ولذلك سيكون لهذا تأثيراته.
بقي أنْ نقول: أنّ الكُرد وإنْ كانوا أمام تحدي حقيقي من ناحية مستقبلهم وعلاقاتهم مع الحكم في العراق وعلاقاتهم العاملة المتطورة، إلا أنّ هذا التحدي يحتاج إلى إعلام ناضج ومنسجم مع ما يريدهُ الناس بالنهاية لا للتعبير عن جزء ما، إنما يجب التعبير عن الحالة برؤيةٍ ناضجة ومعقولة.
فاروق البرازي/ عن المستقبل اللبنانية