أنا البنتُ الخَجولة التي تحرسُ بجثّتِها/شوارع سوريا /المُمزّقة
أنا الشمعةُ التي تسهرُ قُربها
كل الأيقونات والرُسل
في الضُحى
والليل
ولا وعدَ لي.
أنا الطباشيرُ والألعابُ الوَرَقية
التي تتجول بينَ الصفوف
والألوانُ الجَبّارة
في وديانِ الورود
قبلَ وبعدَ إنشاء العالم
أنا تُرَّهات الأطفال الخالدة
و ذاكرةُ الشلالات
التي تنهمر أصواتُ
حشرجاتها
عمودية على هذا الصمت
الواسع
أنا نحنُ الفوقَ
كل ذي علم
عليم
استعارت إبرة جارتها
بعد الموت
وخاطَتْ سواعدَ الجُند
على الصراط المستقيم
أنا الصواعقُ المُجَندَلةُ
والضحكات الراعدة
فوق شواهق الإسمنت
في نيويورك
وعلى خدّ طفولتي
تنهمرُ أحقاد الأمم
أنا كل الذين ماتوا
عنكم
بين الإنفجاراتِ والمجنزراتِ
الإلهية
ثم كتبوا مراثيهم
على الواح الصلوات الباردة
بعد آلاف السنين
أنا بخور الأوائل والأواخر
والقدّيسة التي تصفو إليها
الأجراس والبحيرات
و لا وجه لي
إلا سمائي
أنا التي إتّحَدَ العُظماءُ
والذُبابُ
و الأوسمةُ
و أفكار المنطق
والرَوَث الفلسفيّ
و شوارب الأبطال
ورقصة الفالس
عند كعب حذائها
وآلماً أُعطيت
كي تنجوا الألهة من
أثامِها
أنا البنت أمُّكم
الحزينة
ومامن أحد يُعزّيني
ليتني لم أولَد
أنا المياه العمياء
وزائرة الحَرَمَين
النسورُ والنمورُ
وفقاً لطاعتي
أهشُّها من الغَيب
بشواشِ الفراشات
وطاعتي فراغٌ
لعَزيف الجن
وأنفاس المَولى
أنا المَسيحة المُسجّاةُ
في ضعفي قُوَّتي
وهذي الدنى
ثيابيَ الفقيرة
صرختُ للموت:
تعالَ…. أينكَ
هذا يوم عُرسي عليك
طَرحَتي كَنزتي المُدمّاة
وشهوديَ الملائكة
والرحمَن
والغزال
والضبُّ
وأبواب البيوت المُخلّعة
تعالَ
وفُضَّ لي أوجاعيَ
التائهة
ستغنّي لنا مآذن العَدَم
والعرسُ والمعجزةُ والرقصُ
هنا على الرصيف
قرب جثتي
في سوريا.
شاعر من سوريا
جبران سعد/ عن القدس العربي