من ليالي الكرد.. ليلة عنتر وليلة الثور الأصفر

عمر إسماعيل

جرت العادة عند الكرد في تسمية أوقات السنة بمسميات حسب ما جرى فيها من الأحداث, وبقي الكرد عامة وفي عين ديوار خاصة يتداولونها فيما بينهم من جيل إلى جيل دون تدوين ولكن بأمانة.

– ليلة عنترŞeva Enter:

وقعت هذه الحادثة عند نهاية أربعينية الشتاء ويبدو أن ظروف الطقس حينها كانت قاسية. شعر عنتر بأن الشتاء قد انتهى أو على وشك الانتهاء فقرر الخروج بقافلته قاصدا ربما المراعي أو التجارة ومعه مجموعة من رجاله مع قطيع من الأغنام والبغال والابل، وفي الطريق وجد عصفوراً صغيراً يُدعى “طيركي تلوتاني- Teyrkê Tilûtanî”  قد بنى عشاً ووضع فيه عدة بيضات، حيها اعتقد عنتر بأن الشتاء قد انتهى وبدأ فصل الربيع.

ولكنه ما أن قطع مسافة طويلة بين الجبال والمناطق الوعرة حتى زمجرت السماء بالرعود والرياح وتساقطت ثلوج كثيفة منعته من معرفة الطريق سواء العودة أو المتابعة واستمر الحال هكذا لعدّة أيام مما أدى إلى هلاك القطيع وكل من معه، فما كان منه إلا أن ذبح أحد اكبر الجمال فبقر بطنه وأفرغه من الأحشاء والتجأ اليه إلى أن هدأت الطبيعة وأشرقت الشمس وعاد الى البيت، وفي طريق العودة وجد العصفور الصغير قد مات فوق

البيضات، فقال ” Teyrkê tilûtanî te mala xwe xerab kir û ya min jî ser danî””  أي أنك خربت بيتك وبيتي على بيتك. عند وصوله إلى البيت لوحده توجه إلى غرفة زوجته ربما المدللة عنده فقالت له بأن عيني لم تعرف طعم النوم منذ سفرك، فسألها ليلة أمس كم مرة صحا الجو وكم مرة أصبح غائماً فردت: عدّة مرات لم أحصها. فردّت زوجته الثانية وهي ابنة عمه: أصبح الجو غائماً سبع مرات وزالت الغيوم وصحا الجو ثماني مرات.

 

– ليلة الثور الأصفر- Şeva Gayê Zer

 يقال بأنه في تلك الليلة طلب الأب من أبنائه الثلاثة عدم النوم والسهر ومراقبة الجو، رغم أنه لم يكن يوجد

ما يبعث على القلق في بداية الليل ولكن ما إن مضى الجزء الأكبر منه

حتى بدأت الثلوج الغزيرة بالتساقط وبدأ أبناء الأب العجوز في التناوب بإزالة الثلوج المتراكمة على السطح باستخدام آلة بسيطة مصنوعة يدويا كانت تسمى “برف مالك – Berfmalk” وأمر الأب العجوز بذبح الثور الأصفر وطلب من الأم أن تطبخ اللحم تاركة القدر على الموقد والأبناء الثلاثة يتناوبون في إزالة الثلوج المتراكمة على سطح الكوخ البسيط وتناول اللحم الساخن المقدم من الأم في الاستراحة أو المناوبة. واستمرت الحالة حتى الصباح فإذا بمعظم بيوت القرية قد هدمت فوق رؤوس سكانها لأنها في الأساس كانت أكواخ بسيطة من الحجر والسقف المغطى بأخشاب بسيطة تغطيها قليل من القش والتراب. فسميت تلك الليلة باسم “ليلة الثور الأصفر”.

نشرت هذه المادة في العدد /80/ من صحيفة Bûyerpress بتاريخ 1/7/2018