البيت الكردي القديم.. كل ما هو قديم.. جميل

Buyer

محل صغير في حي المفتي بمدينة الحسكة. يظن المرء وللوهلة الأولى أنه محل لبيع المسابح والخواتم والساعات القديمة ولكن القصة مختلفة عما يظن.

أنها قصة “حمزة” العامل البسيط الذي عمل لسنوات عديدة في سوق الهال بالحسكة وهاجر إلى كردستان العراق ثم عاد إلى مسقط رأسه حاملا معه حلمه القديم في تأسيس منزل كبير يضم كلّ ما له علاقة بالتراث الكردي من ناحية الصناعات القديمة التي ميزت البيت الكردي قديما.

هكذا يعرّف “حمزة” صاحب البيت عن نفسه: “أنا حمزة أبو عبدو من سكان حي المفتي، عملت بداية في سوق الهال بالحسكة، وبسبب ظروف الحرب هاجرت وعائلتي إلى كردستان العراق بعد أن بعت أدوات نحاسية قديمة  – كنت أمتلكها – لضرورات السفر وما زلت أشعر بالحسرة عليها، لأنني كنت أعشق كل ما هو قديم ولكن هناك أي في كردستان العراق شاهدت الكثير من الأدوات القديمة ورأيت محلات تجارية مختصة بشراء وبيع هذه الأدوات، لذلك بدأت هناك بمشروعي الصغير الذي هو عبارة عن بسطة ” طاولة صغيرة” على طرف الطريق تضم أدوات تراثية بسيطة وكان هذا عملي الذي أعتمد عليه للعيش، ولأني أحب كل ما هو قديم جمعت ما يكفي لكي أرجع بها إلى بلدي وأفتتح هذا المحل الذي يضم الأعمال اليدوية التراثية والتي تحمل صفة القدم ومعظمها يدوية الصنع”.

أدوات قيّمة..!

يقول حمزة: “إن معظم الناس هنا لا يقدرون قيمتها العظيمة وكنت أعشقها في البداية ولكن عرفت قيمتها أكثر من السفر والتجوال والسؤال عنها وعرفت أن قيمتها تعتمد على تاريخ الصنع وتحديد المصدر أو الجهة الصانعة او حتى اسم الصانع”.

ويؤكّد حمزة أن منطقتنا الكردية غنية بهذه المواد التراثية ولكنها غير معروضة وبعيدة عن الأنظار وخافية في زوايا مهملة ولا يستفاد منها من الناحية الجمالية، أي أنها غير مستخدمة في الزينة رغم كثرتها.

 أما عن قيمتها المادية فيرى حمزة أن هنالك قطع لا تقدر بثمن وبالتالي تكون بعيدة عن مبدأ البيع والشراء، إنما تبقى معروضة في مكان يمكن مشاهدتها من قبل الجميع.  فمن المعروف أن المواد الحديثة والصناعية والآلية والتي حلّت محل القديم لم تلغ قيمة الأدوات التراثية، حسبما يرى حمزة.

أنواع المواد التراثية:

يتابع حمزة الحديث ويقول:” إن كل ما هو قديم فهو جميل، لذلك لا أعتمد على مجال واحد في الصناعات التراثية وهذه الأخيرة تعتمد على المواد الأولية التي تميزها مثل النحاس والفضّة والبرونز والفخار والصوف المغزول”.

ويضيف:” ما يلفت النظر في بعض القطع هو اسم الصانع وتاريخ الصنع المحفور عليها بطريقة النحت الغائر أو النافر، فمثلا لدي هذا الهاون النحاسي – ويشير إلى قطعة مركونة في الزاوية- الذي يعود إلى أحد العطارين منذ أكثر من مئة عام وهناك قطع تعود إلى أبعد من هذا التاريخ بكثير”.

بعض القطع عليها نقوش وزخارف يدوية بالغة الدقة والكياسة والجمال، فلكل قطعة ما يميزها والذي يملك الخبرة يمكن له أن ينسبها إلى منطقتها.

ويحصي حمزة مواده بالقول:” بعد كل هذه السنوات الطويلة حصلت على العديد من الساعات الجيبية واليدوية القديمة بالإضافة إلى الأواني والنحاسيات والفضيات والسجد والخواتم والحقائب القديمة المصنوعة من الصوف المزين بالنقوش التراثية المعروفة”.

هذا العمل إلى أين؟

هذا العمل – بحسب حمزة- يحتاج إلى هواية أصيلة ومزاج خاص وليس غريبا أن تجد الكثير من الشعراء و المطربين و الفنانين والمهتمين يقصدون هذا المكان ويقضون ساعات في المتعة والتأمل.

وعن مستقبل عمله يقول:” أنا أملك منزلا مساحته ٥٠٠ متر مربع وزرعت في فنائه بعضا من الأشجار وأتعامل الآن مع مهندس مختص بالديكور لوضع تصميم مناسب  حتى أنتقل من هذا المحل الصغير إلى ذاك المكان الواسع وأحقق حلمي القديم. مع العلم أن هدفي ليس التجارة، إنما الاستقرار في هذا المكان ليكون مقصدا لكل المهتمين”.

ويختتم حمزة حديثه بالقول:” يحتاج هذا المشروع إلى بعض الوقت والجهد والمال واتمنى ان يرى النور في أقرب وقت ممكن… وإلى ذلك الوقت سأستقبل الزوار بدون مقابل للاستمتاع والتذكر والتعلم. فليس لي هدف منه سوى الهدف الجمالي”.     

 

كولوس سليمان

نشرت هذه المادة في العدد /80/ من صحيفة Bûyerpress بتاريخ 1/7/2018