تعود جذور الرقص الكردي إلى مئات السنين، وتتشابه غالبية الرقصات في تشابك الأيدي، إلا أنها تختلف في الحركات وأسلوب الدبكة «الحلقة» الموحد، في تناغم وإيقاع يتميز بهما الأكراد في أفراحهم ومناسباتهم السعيدة.
ويؤكد متخصصون في الرقص الكردي أنه يعتمد الصيغة الجماعية أكثر من الفردية، كما هو حال الرقصات الأجنبية مثلاً، في الاستعانة بالموسيقى والآلات المعروفة مثل الطبل «داهول»، والمزمار «زرنة».
وما يتميز به هو أنه يشمل الجنسين، فليست هناك رقصات خاصة بالرجل أو أخرى تخص المرأة بشكل منفصل، بل غالبيتها يتشارك فيها الاثنان، علماً أن بعضها يحتاج إلى بعض القوة واللياقة، كرقصة «كورمانجي» التي تستدعي تمارين رياضية هي أقرب إلى الجري.
وتنقسم الرقصات الكردية تاريخياً إلى «الكورمانجية» و»السورانية» و»الفيلية»، وداخل كل رقصة ثمة تصنيفات دقيقة أخرى، مثل «هورزي» و»شيخاني» و»سي كافي» و»بيشمركة» و»باكية»، وغيرها الكثير.
ولعل أكثر الرقصات شهرة هي «الدبكة الكردية أو الكورمانجية»، والتي تتخذ شكلاً دائرياً، وهي منغمسة بالفولكلور الكردي كثيراً، علماً أن الرقصة نفسها تختلف بشكل بسيط بين منطقة كردية وأخرى.
وتحمل هذه الرقصة كثيراً من الأسرار، وتتميز بصعوبتها، فليس كل مبتدئ يستطيع أن يؤديها، ففيها حركات معقدة للقدم، على أنغام موسيقية سريعة «تكهرب الدماغ» وتجعل العرق يتصبب من الراقص، ما يوجب استخدام الأكتاف وتلامسها في هيستيريا جميلة تشكل لوحة بديعة.
بينما تتميز «شيخاني» بسهولة أدائها الذي يستوجب الانضمام إلى الحلقة من الأمام، ومن ثم مد القدم اليسرى وإرجاعها ثم اليمنى وإرجاعها فالمشي خطوة بشكل أفقي، وهكذا، فيما الأيادي متشابكة بإصبع البنصر.
ولعل الكثير من الطرائف يرويها الشباب الكرد عن رقصة شيخاني التي يتألم كثيرون منها، كون الإصبع الصغرى تتعرض للضغط من الراقص الآخر، بينما يجب أن يكون الوجه مبتسماً طوال الوقت، وكذلك حين يحدث اختناق مروري في الحلقة فتضطر للتوقف حتى تسير من جديد، والموسيقى تصدح بكل ما هو مثير للذهن الكردي، الذي تتم تربيته في الكثير من الأحيان على الموسيقى والرقص، فلا يخلو بيت كردي من آلة موسيقية، وخصوصاً الطمبور والبزق وغيرهما.
وتكون الأعراس هي الساحة الأساسية للرقصات الكردية، ويحييها فنانون شعبيون يقسمون الحفلة إلى فقرات، كأن تكون فقرة لـ «شيخاني»، وأخرى لـ «كورمانجي»، وغيرها لـ «كوجري». وهكذا، من خلال لبس الألبسة الكردية الفولكلورية، لا سيما في عيد «نوروز»، وهو العيد القومي والوطني ورأس السنة الميلادية لدى الكرد، إذ تعود جذورهم إلى عام 512 قبل الميلاد، أيام إمبراطورية ميديا.
آلجي حسين/ عن الحياة