د. محمد عبدو علي
– Efrîn عفرين: هو اسم نهر عفرين، وأطلق على المدينة بعد تأسيسها في مطلع القرن العشرين. وحسب المصادر التاريخية يكون أقدم ذكر لاسم “عفرين” بشكله الحالي يعود إلى عام 1085م. وسنبحث هنا في أصل ومعنى (عفرين)، ونذكر بعض الآراء بصدده:
1- “عفرين” في المعاجم والمصادر العربية:
جاء في ” القاموس الوسيط “، أن عَفِر وعَفّرَ : بمعنى خالطه بما يخالف لونه، واعتَفَرَ الشيء: أي خالطه بالتراب.
وجاء في معجم ” لسان العرب”: عِفِرّين تعني “مأسدة”، وقيل هو الأسد. وقيل لكل قوي: ليث عِفِرّين.
2- عفرين في النصوص الآشورية واليونانية:
جاء في نص آشوري يعود إلى سنة 876 ق.م، ( أن نهر Aprie يروي سهل پاتن Patin). كما ذكر المؤرخ اليوناني الشهير “سترابون” اسم نهر عفرين بنفس الصيغة ” آبريه” Aprie في القرن الأول قبل الميلاد.
وقد أجمع المؤرخون على أن أصل كلمة Apre هي من اللغة الليسنية Licien وهي إحدى اللغات الهند أوربية( الآرية) القديمة في آسيا الصغرى، وشكل الكلمة الأساسي هو: (Eple). وكما نعلم، فالجذر Ap- في اللغات الآرية القديمة ومنها الكردية تعني: الماء. والأكراد حسب لهجاتهم يبدلون الحرف p بـ v فتصبح Av.
وبقيت الكلمة في شبه القارة الهندية على شكلها القديم من حيث اللفظ والمعنى، ولم تتبدل وتلفظ بشكل Ab أو Ap ، وتعني ” الماء”، مثل اسم “بنجاب” الذي يتألف من مقطعين:Pênc خمسة، و Ap ماء. ونظراً لعدم وجود حرف P في اللغة العربية، فهو يستبدل بالحرف “ف” مثلما يستبدل حرف الألف بحرف ” ع “، وبذلك يصبح المقطع الأول لتلك الكلمة على شكل “عف” بدلا من Ap-.
أما المقطع re- فهو المقطع الأول من الكلمة الكردية القديمة ” رْوينْ ” Riwîn بمعنى ” اللون الأحمر الترابي”. فيقالBizina rwîn “العنزة ذات اللون الأحمر الترابي، أو ذات الأذن الأحمر الترابي”، ويقال أيضاً Ava riwîn “المياه ذات اللون الأحمر الترابي”، وبدمج الكلمتين: ماء Av واللون الترابي Riwîn، يتشكل اسم جديد هو Avariwîn أو Avriwîn “آفا رْوين أو آفروين”، وكما يلاحظ فهو يكاد يكون مطابقا من حيث الصيغة من كلمة “عفرين”، وتعني المياه ذات اللون الأحمر الترابي، وهذه صفة معروفة لمياه نهر عفرين أثناء فيضاناته الكثيرة.
ولايزال المسنون من سكان المنطقة في القرى الشمالية يلفظون اسم عفرين بشكل “عَفْرانْ “، وهي كلمة تشير إلى بقايا الأعشاب والأشجار والزبد الترابي اللون الذي يطفو على صفحة النهر أثناء فيضانه.
أما إذا أخذنا الجذر -rêأو –lê بمعناه الكردي الآخر أي “مجرى، مسيل، طريق”، فسيكون الاسم الكامل بمعنى “مجرى الماء أو مسيل الماء”.
3– آفرينAfirîn : كلمة كردية بمعنى الخلق والعطاء. ونهر عفرين بمياهه المتدفقة، كان ولا يزال مبعثاً للحياة ومنبعا للعطاء، وتنتشر على أطرافه مئات القرى العامرة، مثلما تجثم على ضفافه أطلال عشرات المدن والقرى والحصون البائدة، فلا عجب إن كان الكرد قد أطلقوا على النهر صفة “مانح الحياة والخصب”Afirîn ، مثلما يسمون المرأة بـ ” آفره ت” Afret “مبدعة الحياة”.
ولكن، أياً كان معنى الاسم ومصدره، فقد كان لأسلاف الأكراد من الهوريين، ومن بعدهم الحثيين والميديين وجود دائم في مناطق طوروس في فترة ما قبل الميلاد وما بعدها أيضاً. وتنتشر على ضفاف نهر عفرين حالياً من منبعه إلى مصبه مئات القرى الكردية العامرة، فقد كان الكرد وأسلافهم، سكان دائمون لكامل حوض نهر عفرين، وعرف النهر بهم سواءً أكان اسمه Aprie أو عفرين أو آفرين Afirîn. ولكن ورغم كل ما قيل، تبقى معرفة أصل بعض الأسماء القديمة مسألة في غاية الصعوبة.
– تشير المصادر إلى أنه في العهد الروماني، كان يمر من موقع مدينة عفرين طريق روماني “سريع”. وأظهرت حفريات البناء على جانبي شارع طريق جنديرس، حجارة مشذبة أثرية ضخمة، وجرار فخارية كبيرة، مما يدل على استيطان قديم في الموقع. كما كانت هناك مغاور وكهوف عديدة شمالي المبنى القديم لشركة الكهرباء، كانت تستخدم قديما من قبل السافرين، بدلالة القطع النقدية المعدنية القديمة التي كانت تظهر في أرضيتها.
وتذكر كتب التاريخ، أنه في القرون الوسطى – حوالي القرن الرابع عشر للميلاد – كان في موقع المدينة جسر باسم ” قيبار”. وفي أواخر العهد العثماني، كانت هناك خانات عديدة لإيواء القوافل والمسافرين شمالي الجسر الحالي بجوار الكهوف السلفة الذكر.
نشر هذا التقرير في العدد /77/ من صحيفة Bûyerpress بتاريخ 1/4/2018