مصر …جرائم الثأر.. قتل للتوريث

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لا يكاد يمر يوم أو اثنان على الأكثر إلّا وتتصدّر عناوين صفحات الحوادث في مصر وقوع قتلى من هذه العائلة أو تلك، والسبب قديم جديد معروف «جرائم الثأر»، ولعل مجزرة قبيلتي «الهلايل» و«الدابودية» بأسوان في صعيد مصر، التي راح ضحيتها عشرات القتلى منذ شهور قليلة لن تكون الأخيرة في مسلسل الثأر، إذ ترتكب هذه الجرائم من من وقت لآخر، بالتزامن مع ارتفاع نسبة الظاهرة في المحافظات لا سيّما الصعيد.

ووفق إحصاءات حديثة بلغ عدد الخصومات الثأرية بمحافظة مثل أسيوط نحو 453 خصومة ثأرية، فيما وصل عددها في قنا إلى 80، نتج عنها وقوع قتلى ومصابين من أبناء العائلات.

ولعل ذات الأمر يتكرّر في محافظة بني سويف، فعلى الرغم من أنّها أقرب محافظات الصعيد إلى العاصمة القاهرة، فإنّ جرائم الثأر تنتشر بها بصورة خطرة، فيما لم تسلم محافظة الأقصر تلك السياحية من جرائم الثأر، إذ لا يمر عام إلا ويظهر حادث أو أكثر ذو خلفية ثأرية، بينما لا يختلف الأمر كثيرًا في المحافظات الأخرى وإن كان أقلها محافظتي سوهاج وأسوان، بسبب نجاحهما في إنهاء الخصومات الثأرية بين العائلات.

أسباب ومخاطر

ووقوفاً حول الأسباب الحقيقية وراء ظاهرة جرائم الثأر، ترى أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر د.سامية الجندي، أنّ «السبب الرئيس يعود إلى انتشار الجهل والفوضى بين الكثير من العائلات التي لا يقتنع أفرادها بالتخلّي عن هذه الجرائم، على اعتبار أنها نوع من القصاص العادل»، مضيفة أنّ «المشكلة الحقيقية في الثأر لا تتمثّل في قتل القاتل، ولكن في استمرار مسلسل القتل والدماء بين العائلات والقبائل، الذي يمتد عبر أجيال كثيرة وسنوات طويلة ليتوارثها الأبناء والأحفاد، ما يجعل الأبرياء دائمًا يدفعون الثمن».

توعية دينية

وتشير الجندي إلى أنّ الحل يتمثّل في ضرورة تفعيل دور لجنة المصالحة العليا المشكّلة من قبل الأزهر الشريف نظرًا لأهمية دور رجال الدين، موضحةً أنّ «رجل الدين يمتلك من المصداقية، ما يؤهله لتجاوب الآخرين معه، فضلًا عن أنّه يأتي بقصص من التاريخ الإسلامي يكون لها التأثير الفعّال في معظم من يُعانون من خصومات ثأرية».

وتشدد الجندي أيضًا على أهمية تكثيف حملات التوعية في كل محافظات مصر لزيادة وعي المجتمع بخطورة هذه الظاهرة الخطرة، التي تبعث الفوضى والرعب في نفوس الناس، موضحةً أنّ «الخوف الدائم من الثأر يشعر الإنسان دائماً بالتهديد والرعب، ما يجعله غير قادر على العمل، بخلاف ما يصاب به من أمراض نفسية كالاكتئاب والشك في جميع مَن حوله لخوفه من تعرّضه للقتل».

دور الإعلام والفن

تؤكّد المتخصّصة في شؤون الحوادث الإعلامية رانيا بدر، أهمية قيام الإعلام بمختلف وسائله وكذلك الفن بتباين أدواته، بدور رئيس في معالجة الظاهرة، لافتة إلى أنّه من خلال لقاءاتها بالكثير من العائلات التي لديها خصومات ثأرية، تبيّن لها أنّ هذه القضية مرتبطة إلى حد كبير بما يسمى الأعراف والتقاليد الموروثة، ما يجعل تغيير هذه العادات واجباً يقع على عاتق الإعلام والفن شريطة توفّر المصداقية في معالجة الظاهرة بصورة مشوِّقة وجذابة، فضلاً عن الدعوة إلى المحبّة والألفة وزرع هذه المبادئ في قلوب الناس، داعية القائمين على الفن والإعلام الاتحاد معًا والعمل يداً واحدة على مواجهة هذه الظاهرة.

عن البيان الإماراتية