وحشة.. المثقف السوري.. الصديق القديم

 

طه خليل

أفرزت الثورة السورية مما أفرزته من مجموعات جهادية، وراديكالية العديد من الذهنيات الغريبة لا سيما لدى مما كان يسمى ” مثقفا ” أو كاتباً من مثقّفي سوريا وكتّابها.

بداية لا بد من القول أن معظم ” المثقفين ” الذين يعارضون النظام اليوم كانوا في اتحاداته، وصحفه، يسبحون بحمده بطريقة أو بأخرى، وكان مثالهم في المقاومة  حزب الله اللبناني.  وانتحاريي الحزب القومي السوري، وبعيد آذار من عام 2011 وقفوا مع ” الثورة ” السورية، ضد النظام كما قالوا، وخرج هؤلاء بعد ان ضاقت السبل بالشعب السوري، فتركوه واتجهوا إلى ضيافة أنظمة لا تقل استبدادية عن النظام الذي ادّعوا محاربته زورا، وربما لو قيّض لمضيفيهم أن يواجهوا شعوبهم بهكذا حراك، لارتكبوا الأشنع، والأفظع، والملفت في حال هؤلاء ان أغلبهم انضوى تحت السقف الديني، والخطاب الأخواني، مفتتحين بتسمية جمع المظاهرات : ” أتى أمر الله فلا تستعجلوه،  نصر من الله وفتح قريب، وأحباب رسول الله يذبحون في سوريا ” الخ.

هذا الخطاب الذي انطوت عليه مفاهيم معتقدية، ودينية، وطائفية، همشت على الفور مجموعات عديدة من السوريين، وجعلت بعضهم ينظر بعين الريبة إلى الحراك كله، وشيئا فشيئا، ظهر أن تنظيم الأخوان المسلمين المعارض، هو أكثر من يمسك بدفّة الثورة ، بدعم علني ومباشر، وخطابات نارية لزعيم الأخوان الحالم: رئيس العدو التركي أردوغان.

وصاروا المثقفون هؤلاء ناطقين باسم مجموعات من المقاتلين، وراحوا يتحدثون عن ” النصيرية، والروافض، والملاحدة، ويدعون إلى إقامة دولة اسلامية، حتى اكتمل المشهد بتنظيم داعش وبناء ” دولة الإسلام في العراق والشام” حيث وجد الكثير من هؤلاء الشعراء والمثقفين ضالتهم في تنظيم داعش، كجهة سنية تقاتل عدوهم العلوي.

تشبعت ذهنية  ” المعارض السوري ” بكم هائل من الحقد والعنصرية، على ” الكرد السيئين ” بحسب توصيف أردوغان، وتم التجييش الاعلامي والعسكري ضد هذا الكردي.

ووصل الحال على ما هو عليه اليوم، فقد ترك المسلحون السوريون على مختلف توجهاتهم، مدنهم وساحاتهم “المحررة” بعد الصفقات التركية الايرانية الروسية، واتجهوا إلى الجيب التركي في جرابلس المحتلة من قبل جيش العدو التركي، ليتم تحضيرهم وتدريبهم لمحاربة الكرد “الانفصاليين ككتائب اقتحامية متقدمة، لمواجهة المقاتلين الأكراد في عفرين.

لقد ظهر جليّا هذا التحالف المخزي من قبل العديد من الجهات ضد الكرد بأبشع صوره، بعد التمثيل بجثة المقاتلة الكردية، بارين كوبانى، حيث ظهر التشفي لدى الجناة، وهم يتغامزون ويتضاحكون، أمام جسد امرأة احتقرتها ما سميت بـ” الثورة السورية والثوار السوريين ” من يومه الأول إذا تعاملت مع المرأة كـ ” حرائر أو جوار “

مشهد بارين كوباني تحوّل إلى حالات للتندر بين العديد من ” المثقفين السوريين ” وحتى أن هؤلاء طالوا بتهجماتهم وسخرياتهم الأقلام التي كتبت منددة بالحالة، تحت ذرائع وحجج عديدة، معظمها عنصرية ومنحطة أخلاقيا.

كما نشروا مقطعا مصوّراً، لمجموعة من ( ثوار الشعراء والمثقفين السوريين المعارضين ) تقتحم دارا في إحدى القرى الكردية، ويأسرون صبيا كرديا، يشتمونه بعبارات نابية جدا، ثم يسألونه إن كان مع الـ “بي كى كى ” ومن ثم يأمرون: ” يلا تشاهد يا ابن…. ” مع العلم أن الصبي الكردي ينتمي لعائلة كردية وينتمي والده إلى الطرف الكردي المتحالف مع تركيا أي أنه من ” الاكراد الجيدين ” ولكن ذلك أيضا لم يشفع له.

وتلك وحشتنا وقد عشنا زمنا من عمرنا نشارك هؤلاء العيش في وطن واحد.. هؤلاء الذين أظهروا قبح روحهم وهم يعرّون جسد بارين بعد إعدامها.. وتلك وحشة الكردي وهو يرى أن الذي كان يقاسمهم الوطن يقومون بإبادة قومية ضد شعبه.

 

نشر هذا المقال في العدد /75/ من صحيفة Bûyerpress بتاريخ 1/3/2018

آذارالثورة السوريةطه خليل