حكاية رائعة لفتاة كوردية تصنع الحلم و تبني جسور الأمل للحياة

 لكل كوردي حكايتان ، الأولى حكاية كوردستان الوطن المُمزق و الثانية حكاية حياة المُعاناة التي يحيًاها الكوردي بسبب ضياع الوطن و العيش في ظل أنظمة القمع و الإستبداد لمحتلي أرض كوردستان .
بسبب هذه السياسات العنصرية فإن مرارة المُعاناة و عذابات الإغتراب تبدأ عندما يخرج  الكوردي في رحلة البحث عن وطن جديد يؤيه .
تلخص حكاية تارا قصة النجاح التي يصنعها الكوردي عندما تتوافر له الظروف في وطن حر .يُمثل نشاط هذه الفتاة الكوردية الطمُوحة كفاحا كورديا من نوع آخر لا يقل عما يقوم به المناضلون من أجل الحرية الكوردية في ساحات الوغى لأن النضال من أجل الكوردايتي لا يقتصر على حمل البندقية فقط .
تارا فتحي ابنة الأربعة و العشرين ربيعا تقوم بالتحضير لشهادة الدكتوراة في الطب ،اختصاص الصحة العامة ،  رشحت مؤخرا لجائزة شخصية العام في استراليا لعام 2014، أنشأت مجموعة الصداقة البرلمانية الإسترالية – الكوردية ، رئيسة الجمعية الشبابية الكوردية في مدينة  أديليد ، تساعد في إدارة مدرسة لتعليم اللغة الكوردية في مدينة  أديليد، مُحررة في مجلة ميديا ، فازت مُحاضرتها المُصورة بالجائزة الأولى في المؤتمر الكوردي العالمي ، ناشطة في مجال حشد الدعم للشعب الكوردي و قد شاركت في مؤتمرات عديدة عن القضية الكوردية و هي نشطية جدا في مجال وسائل التواصل الإجتماعي .
وكان لـ (باسنيوز) معها هذا اللقاء:
هل يمكنك أن تحدثينا عن طفولتك و كيف انتقلت عائلتك من ايران إلى استراليا ؟
اعتقل والداي خلال الثورة الإسلامية في ايران عام 1979 ، كان والدي منخرطا  في حزب كوملة السياسي في ذلك الوقت و كانت مدينة سنة معقلا لهم بينما  والدتي هي من نوارا و كانت تعمل كممرضة في القرية .
خلال الثورة كانت القرى المُحيطة بالمدن تُشكل ملاذا آمنا للبيشمركة ليمكثوا و يرتاحوا هناك  بغض النظر عن إنتمائهم الحزبي و اصبحت لاحقا هدفا لأولئك المُتعاونين مع الحكومة الإيرانية في المنطقة .
التقى والدايَ بعد أن أطلق سراح أبي من السجن و تزوجا بعد مُدة قصيرة . عندما تزوجا صُرفت والدتي من مهنة التمريض و سُحبت منها شهادة التمريض لأنها قد تزوجت من سجين حرب و تُطلق ايران على ذلك صفة ‘ الخائن ‘ و بسبب ذلك قرر والدايَ الفرار من سينة عندما كنت في الثانية من عمري و عبروا الحدود بطريقة غير شرعية إلى تركيا حيث بحثنا عن ملجأ .
أتذكر بوضوح تلك الأيام في تركيا حيث كنا ندخل من وضع سيء إلى أسوا . كان والدي  يعثر على عمل و لكن لا يُدفع له أجرعمله لكونه كورديا . انتهى بنا المطاف في بلدة وان في شمال كوردستان حيث لم  تكن عنصرية الأتراك بذلك الوضوح و امنت العائلات الكوردية العون و الحماية لنا .تعلمت اللغة التركية بسهولة و اصبحت  مُترجمة لوالدايَ في عمر الثالثة  .
اتذكر بأنه لم يكن لدينا مكان لننام فيه و أي شيء نأكله و كنت ابكي لأجل الحلوى لكن لم يكن بمقدور والدايَ شراء ذلك .اتذكر كيف أن الأطفال الكورد كانوا يُدافعون عني عندما كان الأطفال الأتراك يسخرون من لغتي التركية و يُنادونني بألقاب لكوني كوردية .
بقينا في تركيا لعامين و نصف قبل أن يتم ترحيلنا إلى استراليا من قبل الأمم المتحدة . و كنت في الخامسة من عمري عندما وصلنا إلى استراليا .
ــ لماذا تعتقدين بأن حشد الدعم أمر مُهم للشعب الكوردي و منذ متى  و أنت ناشطة في هذا المجال ؟
إن حشد الدعم هو أمر مُهم لأي جماعة من الناس و الذين يرغبون أو هم بحاجة لجذب الإنتباه الحكومي و الدولي لقضية ، و في حالة الكورد فقد ناضلنا لعقود و لكن بقي الأمر صامتا و خفيا عن نظر العالم. كان كل حشد قوي جرى في السابق لأجل أحزاب سياسية أكثر من كونها لأجل كوردستان عموما .
إن أوربا هي المثال الأفضل لحشد الدعم الكوردي و الذي كان ناجحا ، دائما ارغب بذكر السويد كمثال فهنالك العديد من البرلمانيين الكورد في البرلمان السويدي و ذلك ساعدهم في قضيتهم .
لطالما حشدت الدعم شخصيا لأجل البرلمانيين المحليين خلال مناسبات مُتعددة لكنني لم أتلقى أي نتيجة فعلية . لم يتحقق الأمر حتى انخرطت بشكل شخصي  في السياسة في استراليا في العام الماضي و تعلمت بواطن و ظواهر الحكومة الإسترالية و بدأت أدرك بأن حشد الدعم بأعداد كبيرة مع وجود رسالة قوية لحكومات العالم سيكون له تأثير وفعالية و لذا اصبحت مُدافعة عن مسألة حشد الدعم .
ــ متى أنشأتي مجموعة الصداقة البرلمانية الإسترالية – الكوردية ، و ماذا تأملون بتحقيقه ؟
لقد أنشأت مجموعة الصداقة البرلمانية الإسترالية – الكوردية لجمع و تنسيق جهود حشد الدعم في استراليا لنجعل قضيتنا أكثر فعالية و نمنح فرصة لجميع الكورد بتمثيل شعبهم في الحكومة الإسترالية .
استغرق العمل بالمجموعة عاما و قد انطلق منذ ما يقارب الشهرين حيث نجحت بزيارة كانبيارا و مقابلة العديد من البرلمانيين لأعرفهم بعمل المجموعة للعمل معهم لبناء صداقة قوية و زيادة الإطلاع عموما .
اهدف إلى حشد الجالية الكوردية في كل استراليا للإنخراط بالسياسات الإسترالية المحلية و يبقوا على دراية تامة بما يجري في الوطن و من ثم نستخدم هذه المعرفة لحشد الدعم للمساعدة في ممارسة الضغط على الحكومة الإسترالية لأخذ موقف فيما يخص القضايا الكوردية .
ــ  لقد تم ترشيحك مؤخرا لجائزة شخصية العام في استراليا ، كيف تم ذلك؟
سؤال جيد، حيث تم ترشيحي لجوائز عديدة على مدار السنوات لكن هذه الجائزة كان شرفا لي أن أكون بين مُرشحين آخرين في استراليا ، أناس امضوا و كرسوا حياتهم  لأجل قضاياهم. كان شرفا كبيرا أن أخسر لصالح آدم جوديز و هو لاعب كرة قدم من الدوري الإسترالي و الذي يُنادي بإنهاء العُنصرية و هو مُناصر للسُكان الإستراليين الأصليين .
ــ لقد شاركتي في مؤتمرات عديدة عن القضية الكوردية و أنت نشيطة جدا في مجال وسائل التواصل الإجتماعي ، كيف تُقيَمين بشكل عام جهود حشد الدعم الكورد عبر العالم و على نحو خاص في الولايات المتحدة ، استراليا و اوربا ؟
في حقية الأمر لم نشاهد أي نوع من النشاط الكوردي في استراليا منذ مدة طويلة ، لقد كانت تنظيمات الجالية الكوردية في ملبورن و سيدني نشطة جدا لكنها كانت تُواجه بالتطرف التركي و التي كانت دائما تقف في وجه هذه الجهود بكل أسف ، نأمل بأن يكون الأمر مُختلفا هذه المرة .
ــ أنت تقدمين العون أيضا في إدارة مدرسة لتعليم اللغة الكوردية في مدينة  أديليد ، أخبرينا قليلا عن تاريخ و الأنشطة الحالية للجالية الكوردية ؟
يمكنني القول بأنه لدينا أحد أصغر النسب السكانية للكورد في بلاد المهجر، استراليا ، و خصوصا في مدينة  أديليد حيث يعيش معظم الكورد من شمال كوردستان في سدني و ملبورن و هنا في أديليد لدينا نسبة كبيرة من السكان الكورد من شرق و جنوب كوردستان ، لكن في العام الماضي كانت هناك أعداد من كورد غرب كوردستان ( بسبب الوضع السوري ) و أيضا أعداد من الكورد الفيليين .
الكورد مُتواجدون في استراليا لما يقارب الثلاثين عاما و على الرغم من أنهم لم يكونوا نشيطين سياسيا فقد كانت لدينا تنظيمات للجالية مثل المدرسة الكوردية و إذاعة في سيدني ‘ سي بي اس الكوردية ‘ . كما أنه هناك بعض التنظيمات  للجالية في ملبورن و منها النسائية و كان لها عمل جيد في ولاياتهم .
ــ ما هو عمل الجمعية الشبابية الكوردية في مدينة  أديليد و ما هي مسؤولياتك كرئيسة ؟
تأسست الجمعية الشبابية الكوردية في أديليد في تموز عام 2012 و تهدف إلى توحيد و إعادة روابط الجالية الكوردية في أديليد و في استراليا إن أمكن ذلك  . لقد رغبنا بأن نمنح الشباب فرصة لقيادة الجالية بالحفاظ على الثقافة و الهوية الكوردية و الترويج لها.
كوننا أول جيل من الشباب الكوردي في المهجر حيث كبُر معظمنا في عائلات نُفيت من موطنها و اردنا خلق منبر مُشترك حيث يستطيعون أن يلتموا و يعبروا عن هوياتهم بطريقتهم الخاصة . من خلال مهارات القيادة نشجع على أهمية الصحة ، التعليم و العدالة الإجتماعية في أعمالنا اليومية.
كان لدينا مجتمع يفقد الصلة و كان المجتمع الشبابي قد أصبح مُنسلخا عن جذوره و انقطعت صلاتُه ،و بتلك العملية فإن مجتمعا كاملا من الكورد يفقدون أصواتهم ليصبحوا مُدافعين عن حقوقهم . إن هدفنا الكبير كان إحياء ذلك .
إن دوري كرئيسة للرابطة الشبابية هو أن أشرف على جميع التعاملات مع المنظمات من أنشطة الجالية إلى الأمور المالية .أفوض الوظائف للأعضاء و أعضاء اللجان التنفيذية للتأكد من أنه قد تم تغطية جميع الأمور و خصوصا القانونية منها و الإلتزامات الحكومية .
ــ تكتبين أيضا مقالات و قدمت مؤخرا  مُحاضرة في المؤتمر الكوردي العالمي، ماذا كان موضوعك ؟ و كيف توفقين بين الكتابة و الدراسة و الأنشطة السياسية ؟
نعم أقوم بالكتابة كثيرا لأنها طريقة جيدة لتقاسم المعلومات ، الأفكار و الآراء . تتعلق معظم مقالاتي حول الصحة . قدمت مُحاضرة مصورة لأجل المؤتمر الكوردي العالمي متعلق ببحثي لشهادة الدكتوارة و قد فازت بالجائزة الأولى .
ــ ماذا تعني لك الكوردايتي ؟
إن الكوردايتي بالنسبة لي هي كالحب لا يمكن وضع تعريف لها لكن بإمكانك رؤيتها ، لمسها و الإحساس بها في الكلمات و الصور، يمكن تقاسم ذلك و تعتمد الطريقة على الأفراد الذين يحملونها ، قد يكون الأمر مُفجعا و مُؤلما لكن إن تم على الوجه الأصح فإن ذلك قد يكون أحد أجمل الأشياء في العالم .
ــ ما هي رسالتك للشباب الكوردي والآخرين الذين لديهم حافز كبير ؟
يتملكني شرف و تواضع كبير بأن أكون جزءا من جيل شباب كوردي في المهجر و الوطن و الذي عشق الكتب و أفكار الناس للكفاح من أجل أمتهم.
أدرك بأن كوردستان في أيد أمينة فقط استمروا بفعل ما تقومون به ، لا يمكنني أن اضغط أكثر فحتى القليل هو ذو أهمية .فقط استمروا بذلك .
ــ و ما هي رسالتك السياسية ؟
لقد أقبل وقتنا على الرغم من تأخره . نحن لسنا بحاجة للغرب ، الحدود الدولية المُصطنعة لنقرر من نحن و من أين جئنا.
دعونا نُظهر للعالم لماذا نضال الشعب الكوردي هو نضال لأجل البشرية جمعاء و لماذا السلام و الحرية لشعبنا سيُهزم أعدائنا و سيمحو الإستبداد في الشرق الأوسط و سنكون أنموذجا لبقية العالم .دعونا جميعا نفعل ما أتينا للقيام به ، دعونا نُحرر كوردستان .
اجرى اللقاء بالإنكليزية و ترجمها للعربية : تمر حسين ابراهيم