*خليل يوسف
الأحداث التي تمر بها إيران من اضطرابات وقلاقل تجاوزت المحظور الذي كان النظام يتشدق به ولم يتوقعه البتة اعتمادا على أنصاره وقوته الضاربة الحرس الثوري في إخماد أي تحرك جماهيري ضده والتنكيل بهم وزجهم في زنازين التعذيب وإلصاق جميع التهم بهم، وحتى الخيانة وتنفيذ حكم الإعدام بهم علنا في ساحات المدن الرئيسية ترهيبا للآخرين، لكي لا يعارضوا النظام وللقبول بالسلطة الدموية ولكن كل ذلك لم يشفع للنظام بمحافظيه وإصلاحيه من بروز المعارضين لسياستهم القمعية وتدخلهم السافر في شؤون الدول المجاورة وغيرها، من الدول عن طريق أتباعهم وصرف مليارات الدولارات من قوت الشعوب الإيراني من أجل توطيد نفوذهم ونشر المذهب الشيعي في تلك الدول، ولاسيما دول الخليج والعراق وسوريا ولبنان وافغانستان، وتغذية الارهاب في دول العالم من أجل إشباع نرجسيتهم وتصدير ثورتهم المشؤومة إلى دول العالم.
وعلى الرغم من إتباعهم جميع أساليب العنف والتنكيل بمعارضيه لم تسلم إيران من الاحتجاجات، سواء كانت صغيرة أو كبيرة فمنها ما اقتصرت على المناطقية وأخرى مرتبطة بالسلطة كما حصل في عامي 2009/و2010، ولم يتطرق المحتجون إلى المطالبة بإسقاط النظام وإنما كانت المطالب محددة، ولم تتجاوز المحظور إلا أن المتتبع للأحداث الجارية في إيران والاضطرابات والمظاهرات التي جرت وتجري في إيران حاليا على الرغم من إدعاء النظام من إخماده الحركة الاحتجاجية إلا أن ذلك ليس صحيحا، وإنما يمنّون أنفسهم ولكن العقاب ينتظرهم كما حصل لشاه إيران ونظامه لأن المظاهرات الشعبية هذه المرة عامة ويشترك جميع فئات الشعوب الإيرانية بمختلف قومياتها وطوائفها مطالبين بحقوقهم ولاسيما الاقتصادية منها، ولكنها تجاوزت ذلك إلى المحظور الذي كان يخشاه النظام ألا وهو شعارات المتظاهرين المنددين بسياسات الحكومة الداخلية والخارجية إلى أن وصلت المطالبة بإسقاط النظام الكهنوتي من جذوره بسبب سياساتهم الجائرة بحق شعوبهم ولامبالاتهم بحقوق شعوبهم واعتبارهم وكلاء الله في الأرض ولايمكن المساس بهم إلا أن المظاهرات الصاخبة والتي امتدت إلى جميع المحافظات الإيرانية واشترك فيها الجميع، ولاسيما عنصر الشباب أرعب النظام وزلزل الأرض من تحت أقدامه وباعتقادي أن تلك الاضطرابات ستستمر إلى أن يتمّ تغيير النظام، ولو استطاع النظام إخماده، ولكن لن يتمكن من إطفائه وستتّقد وبزخم أكبر إلى أن يتم إسقاط النظام إلى الأبد وعدم عودة النظام الكهنوتي إلى إيران الذي اكتوى الشعوب الإيرانية بلهيبه، وإن كانوا بدرجات مختلفة، وعندما نتحدث عن الشعوب الإيرانية نتحدث من ضمنهم الشعب الكردي في إيران الذي يقاوم نظام الملالي منذ الثورة الإيرانية الذي انقلب عليه التيار الديني واستبعد الكل من المشاركة في الحكومة، وأن الشعب الكردي هو أكثر الشعوب الإيرانية اضطهادا من قبل النظام، ولذلك يستغل أي فرصة للانقضاض على هذا النظام المتزمت، وقد شارك بقوة في الاحتجاجات الاخيرة نظرا لخبرته وتجاربه السابقة وامتلاكه قيادة سياسية وعسكرية معتبرة، وباعتقادي أن القيادية السياسية والعسكرية الكردية يجب أن تكون حذرة في مساعدة المتظاهرين وأن لا تعطي فرصة لنظام الملالي بالتنكيل بالشعب الكردي، وهي معتادة على هذ النمط من السياسة وعليه الاستفادة من تجارب الكرد في روجآفاي كردستان وباشور كردستان والاعتماد على شعبهم والاستفادة من الاصدقاء. وكما أن الشعب الكردي في روجهلات كردستان ساعد أخوته في روجافاي كردستان وباشور كردستان حسب إمكاناته المتاحة، على كرد روجافاي كردستان وباشوره تقديم المشورة والمساعدات الانسانية لأخوتهم في روجهلات كردستان وإذا استفحل الامر مساعدتهم قدر الامكان، لكي لا يحصل لهم كارثة لا قدر الله.
إن النظام الإيراني يواجه سخط العالم ولاسيما العالم الغربيّ الحر نتيجة لسياسات النظام الخرقاء اتجاه الشعوب الإيرانية أو دعمها للأنظمة الديكتاتورية وتغذيتها للمنظمات الارهابية وأن تدخل الدول الغربية وعلى راسها أمريكا لن يستفيد منه الشعوب الإيرانية إلا من ناحية واحدة وهو تدخلها بالمشاركة الفعلية بإسقاط النظام وإلا سيؤدي تدخلها اللفظي غير المقترن بالأفعال إلى كارثة بالشعوب الإيرانية كما حصل في بعض الدول العربية وسيستفيد منه النظام كثيرا وسيجيره لصالحه، وإن اسقاط النظام الإيراني سيكون حتما لصالح الشعب الكردستاني في عموم كردستان لأنه ضد طموحات الكرد في جميع أجزاء كردستان وأن سقوط النظام سيستفيد منه جميع شعوب المنطقة وخاصة شعوب الدول التي تتدخل فيها النظام لصالح انظمتها وسيكون انتصارا للشعوب المغلوبة على أمرها وقد يظن الكثيرون بان سقوط النظام في إيران هو لصالح اردوغان وحكومته، ولكن باعتقادي أن ذلك غير صحيح لأن اردوغان وحكومته يستفيدون من بقاء النظام الإيراني وتخويف بعض الدول الصغيرة وغيرها في المنطقة من البعبع الإيراني وابتزازهم قدر الامكان وخوف تركيا من انتقال العدوى اليهم ولذلك أعلن اردوغان صراحة عن دعمه للنظام الإيراني.
*قيادي في حركة راستي الكردية
نشر هذا المقال في العدد /72/ من صحيفة Bûyerpress بتاريخ 15/12018