قصة قصيرة

صاحت الأرضُ العجوز العطشى ملائكةً عابرين فوقها بصوت حزين فدنوا منها، وطلبت منهم خَجِلةً قطراتَ ماءٍ تُسكن وجعها من الظمأ، فسارعَ جميعهم إلى السماء وأدلو دلوهم في بئر الملك الكريم، وأمر الملِك الرياحَ أن تأتي بالسحاب إليه وسكب الملائكة الماء في حضن السحاب وقالوا نيابةً عن ملكهم: أيها السحاب اروي ظمأَ أهل الأرض وأفيضوا عليهم من بركات السماء.

وحين رأت السحابة حالةَ تلك العجوز، بكت فنزلت منها قطرات المطر تسحب بعضها بعضاً وتغوص في جوف تلك الأرض حتى وصلوا لبذرةٍ كانت على وشك الهلاك، نفخت الروح فيها لتنمو شجرةَ تفاحٍ خضراء رائعة، لمحت الطيور شجرةً هناك فتسابقت لترتاح تحت ظلّها ومرّ من بهم بشريّ كان التعب بادٍ عليه، فدعوه إلى وليمة وأحضروا له تفاحاً طازجاً وشرب من البركة التي بجانبه، وحين تدبّر الزهر من حوله والطير تغرد من فوقه مدَّ يديه إلى الأعلى وقال سرّاً لأهل السماء، فتقدم المَلَكُ الكبير في العمر وأخذ السر لإيصاله وإخباره للملِك النوراني الذي يستوي فوق عرشه العظيم.

فقال له بشهود ثمانية ملائكة كانوا هناك:

يا جلالة الملك إنَّ عبادك الذين في الأرض يبلغوك أسمى أنواع الشكر ويفتخرون بملِكٍ مثلك يحكم الأرض والسماء ولن يتوانوا على العيش بسلامٍ والحفاظ على الأمان في أرضك المقدسة وقد تكفل وعهدنا على ذلك  مخلوقٌ يدعى بإنسان .

 

نشرت هذه المادة في العدد /71/ من صحيفة Bûyerpress بتاريخ 15/12/2017