عامودا- بريندار عبدو
تُعدّ الحلاقة إحدى المهن المنتشرة في جميع البلدات والمدن، والتي لا غنى عنها مهما تبدّلت وتغيّرت الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وتُعتبر مهنةً رئيسة في المجتمع إلى جانب المهن الأخرى كالحدادة، الخياطة والنجارة.
في مدينة عامودا يعمل “محمد عثمان حسين أبو شاهين” /70/ سنة، في مهنة الحلاقة منذ أن كان عمره عشرة سنوات، يتحدث عن مهنته لـ Buyer بالقول: «أعمل في الحلاقة منذ أكثر من خمسين عاماً بمدينة عامودا، بدأت العمل عند معلمي المعروف باسم “حمو الحلاق أبو علي” تعلمت على يديه الكثير، بعدها انتقلت إلى هذا المحل عند حلاق مسيحي اسمه “جورج عبد” وتعلمت المهنة بشكل جيد، كنا فقط أربعة حلاقين في المدينة، وكانت أدوات الحلاقة بسيطة لم يكن يوجد مكنات الحلاقة الكهربائية؛ بل كان الماكنة اليدوية ولم يكن في ذلك الوقت هناك شيء اسمه الموديلات، كان الرجل الكبير في السن يُشذّب ذقنه، أما الآن فكل شيء مختلف، فالشباب يطلبون من الحلاق تحجير ذقونهم وإضافة الموديلات لشعرهم».
يضيف “أبو شاهين”: «كان الحلاق في ذلك الوقت يمارس بعض الأعمال الطبية أيضاً، مثل قلع الأسنان والحجامة وحتى تطهير الأطفال أحياناً».
ويتابع حديثه قائلاً: «تزوجت والتحقت بالخدمة الإلزامية، وعندما أنهيت خدمتي، رجعت للصالون وعقدت شراكة مع حلاقٍ مسيحي كان يُدعى “جورج عبد” وبعد فترة من الزمن قرر السفر إلى بيروت، فاضطررت حينها للعمل وحيداً».
وعن أدوات الحلاقة والأجرة، يقول أبو شاهين: «كان الحلاق في ذلك الوقت يستخدم المقص أو الماكينة اليدوية، حينها كان الكثير من الزبائن يُفضّلون حلاقة شعرهم بالشفرة، أما بالنسبة للأجرة فقد كنا نقبض مبلغ /25/ ليرة عن حلاقة الشعر والذقن».
يفتخر “أبو شاهين” كونه لا يعمل في مهنة الحلاقة لجني المال فقط، بل الأهم بالنسبة إليه هو خروج الزبون من الصالون وهو يبتسم وراضٍ عن حلاقته.
معظم معدات الحلاقة اتي يستخدمها الآن، باتت تواكب الحداثة، فاليوم يمارس “أبو شاهين” مهنته باستخدام الماكبنة الكهربائية والسيشوار، أما أدواته القديمة، فيقول أنه سيحتفظ بها للذكرى.
باتت مدينة عامودا اليوم تحتضن عشرات صالونات الحلاقة، بعد أن كانت مهنة الحلاقة في الماضي مقترنةً بأسماءٍ معينة، عن ذلك يقول “أبو شاهين”: « زيادة الحلاقين جيد في هذ الوقت، لأن المدينة صارت أكبر من السابق والجيل الناشئ يواكب الموضة بعكس الأجيال السابقة التي كانت تُحلق شعرها من غير الانتباه لأية موضة».
مهنة الحلاقة باتت بالنسبة لـ “أبو شاهين” كـ (الدم في الوريد) ليس بإمكانه العيش بدونها أو تركها رغم سنوات عمره الكثيرة، يقول: «لا أستطيع التخلي عن مهنتي، فأنا مقتنع بما أجنيه من مالٍ يكفيني للعيش كريماً دون الحاجة لأي أحد، لا أستطيع الكف عن القدوم إلى الصالون، وإن صَدف واضطررت لعدم المجيء، ينتابني إحساسٌ غريب وكأنني فقدت شيئاً ما، صعبٌ جداً التّخلي عن مهنةٍ أعشقها منذ الصغر وكانت سبباً في العيش بكرامتي حتى اليوم».
نشرت هذه المادة في العدد /70/ من صحيفة Bûyerpress بتاريخ 1/12/2017