لندن – أثارت هيئة الإذاعة البريطانية مجددا قضية صحافييها في القسم الفارسي، الذين يتعرضون لمضايقات في إيران وتتهمهم السلطات بـ”التآمر ضد الأمن القومي”، بسبب ممارستهم للعمل الصحافي.
وتقدمت “بي بي سي” بشكوى إلى الأمم المتحدة اتهمت فيها السلطات الإيرانية بـ شن حملة مضايقة واضطهاد مستمرة” ضد الصحافيين العاملين في القسم الفارسي بالهيئة.
وطلبت إدارة بي بي سي من ديفيد كاي موفد الأمم المتحدة لحماية حق حرية الرأي والتعبير، ومن أسما جهانغير المقررة الخاصة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في إيران، التدخل وسلمتهما شكوى عاجلة تتعلق بالتحقيق الذي تقوم به السلطات الإيرانية مع الصحافيين.
وتم تجميد أصول العاملين في القسم الفارسي بهيئة الإذاعة البريطانية، وتم منعهم من الميراث أو بيع الأصول في إيران، بما في ذلك الممتلكات والسيارات. وتؤكد الشكوى أن سلوك إيران ينتهك التزاماتها بموجب مختلف المعاهدات الدولية.
وقال كاي إن مكتبه عرف منذ فترة أن موظفي هيئة الإذاعة البريطانية “يتعرضون لضغوط كبيرة” من الحكومة الإيرانية، لكنهم تلقوا شكوى رسمية هذا الأسبوع.
وأضاف “أقول إن هذا مصدر قلق بالغ للغاية بالنسبة لنا لأن ذلك يعكس نمطا شاملا وأيضا لأنه يحدث ضررا مباشرا للأفراد الذين يحاولون القيام بوظيفتهم فقط، وهي وظيفة يحميها القانون الدولي لحقوق
الإنسان”.
ودعا كاي إيران إلى الكف عن “مضايقة” العاملين في قسم اللغة الفارسية في هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” وعائلاتهم وصحافيين آخرين”، بعد أن تم التحقيق معهم بتهمة “التآمر ضد الأمن القومي”، وقال في مؤتمر صحافي إنه عبر عن قلقه لدى الحكومة الإيرانية إزاء هذا الوضع وينتظر جوابا منها.
وأوضح أن مكتبه تواصل مع السلطات الإيرانية، لكنه لا يتوقع ردا سريعا، مضيفا أن معدل الاستجابة من الحكومات “منخفض جدا”.
وأشار إلى أن هذا الإجراء هو الأحدث في “حملة مستمرة من المضايقات والاضطهاد تهدف إلى الضغط على الصحافيين لمنعهم من الاستمرار في العمل في بي بي سي”.
من جهته، قال توني هال المدير العام لـ”بي بي سي”، “إن الحكومة الإيرانية تقوم بما يبدو أنه تحقيق مسيس يستهدف 152 من العاملين الحاليين أو السابقين في القسم الفارسي من بي بي سي واتهمتهم بالتآمر على الأمن القومي”. ووصف التحقيق بأنه “عقاب جماعي غير مسبوق للصحافيين الذين يقومون ببساطة بعملهم”.
وتقول بي بي سي إن قسمها الفارسي يتعرض للمضايقات منذ الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2009 عندما اتهمت السلطات قوى أجنبية بالتدخل فيها. وقبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة في مايو الماضي، اعتقلت السلطات العديد من الإداريين من قنوات تديرها المواقع الإصلاحية الإخبارية.
وسبق أن اتهمت السلطات الإيرانية بممارسة “سياسة إرهابية” ضد موظفيها، بعد إجراءات عدة مارستها طهران على موظفي القسم الفارسي، وعائلاتهم، من خلال اختلاق قصص تهدف إلى تشويه سمعة هؤلاء الموظفين، وهم من أصل إيراني.
وقالت بي بي سي إن السلطات الإيرانية تمارس نوعا من “التجسس والتنصت” على هؤلاء الصحافيين، إضافة إلى “اعتقال أقاربهم في إيران”.
يذكر أن بي بي سي فارسي، التي تبث برامجها من لندن على التلفزيون والراديو إلى جانب موقعها الإلكتروني ممنوعة قانونيا في إيران، وقد دأبت السلطات هناك في السنوات الأخيرة على مضايقة أفراد فريق العمل وأسرهم وترويعهم. ويقدر العدد الأسبوعي لمستمعيها بـ18 مليون شخص على الرغم من حظرها في إيران.
ومن الأمثلة التي ساقتها بي بي سي على التضييق على صحافييها: احتجاز شقيقة صحافي في الخدمة الفارسية في سجن إيفين 17 يوما، وإجبارها على الحديث مع الصحافي عبر سكايب حتى يتوقف عن العمل لبي بي سي أو يتجسس على
زملائه.
واستجواب الكثير من آباء وأمهات صحافيي الخدمة الفارسية في بي بي سي، بما في ذلك التحقيق مع كبار السن منهم في ساعات متأخرة من الليل.
إضافة إلى تشويه سمعة صحافيي بي بي سي في الصحافة وعلى شبكات التواصل الاجتماعي بما في ذلك مزاعم تسيء للسمعة مثل ارتكاب انتهاكات جنسية أو القيام بممارسات جنسية محظورة في إيران، واتهامات أخرى يعاقب عليها بالإعدام في إيران.
وقالت فرانسيسكا أنسوورث، مديرة الخدمة العالمية لبي بي سي، في تصريحات سابقة، “من الصادم أن يعاني شخص ما من عواقب قانونية أو مالية بسبب علاقته مع بي بي سي”.
وقال أمير عظيمي، القائم بأعمال رئيس خدمة بي بي سي الفارسية، “إن الصحافيين العاملين في الخدمة الفارسية سيواصلون تقديم محتوى إخباري مستقل ومحايد موثوق به لجميع الناطقين باللغة الفارسية في شتى أرجاء العالم”.